بلومبيرغ : أكبر حقول النفط السعودية يتلاشى أسرع مما يُعتقد

يعد حقل الغوار بمثابة اللغز بالنسبة للدولة السعودية والمصدر الذي تتأتى منه ثروات البلاد، مما دفع المخططين العسكريين الأميركيين إلى التفكير في طريقة للاستيلاء عليه بالقوة.

كما أثار هذا الحقل انتباه تجار النفط حيث كان سببا لظهور العديد من التكهنات.
وقال الكاتب خافيير بلاس في تقريره نشره موقع “بلومبيرغ الأميركي إن سوق النفط أدرك أخيرا أن حقل الغوار بالسعودية -وهو أحد أكبر حقول النفط التقليدية في العالم- يمكن أن ينتج أقل بكثير مما يعتقد الجميع تقريبا.

ويوم الاثنين الماضي، كشفت شركة أرامكو السعودية عن حقول النفط الضخمة التابعة لها، ونشرت أولى الأرقام على الإطلاق التي تشير إلى قيمة أرباحها منذ تأميمها قبل حوالي أربعين سنة.

وبيّنت نشرة إصدار سندات الشركة أن حقل الغوار قادر على ضخ 3.8 ملايين برميل كحد أقصى في اليوم، أي أقل بكثير من معدل خمسة ملايين الذي أصبح سائدا في السوق.

ويقول فيرندرا شوهان محلل شؤون النفط لشركة “إنرجي أسبكتس” في سنغافورة “بصفته أكبر حقل بالسعودية، فإن المفاجئ في التقرير هو الرقم المتدني للقدرة الإنتاجية لحقل الغوار” وفق تقرير بلومبيرغ.

انخفاض الإنتاج
وأشار كاتب التقرير إلى أن السعودية تعتمد على عدد ضئيل من الحقول العملاقة من أجل الحفاظ على طاقتها الإنتاجية التي تُقدر بحوالي 12 مليون برميل في اليوم.

وذكرت إدارة معلومات الطاقة -وهي وكالة حكومية أميركية تتولّى تقديم معلومات إحصائية وغالبا ما تُستخدم كمقياس من قبل سوق النفط- أن السعة الإنتاجية للغوار بلغت 5.8 ملايين برميل يوميا سنة 2017.

وفي كتابه “الشفق في الصحراء” أكد الخبير الاستثماري ماثيو سيمونز أن الرياض ستكافح من أجل زيادة الإنتاج بسبب النضوب الوشيك لحقل الغوار إلى جانب مجموعة من العوامل الأخرى.

وأورد الكاتب أن نشرة الإصدار لم تقدم أية معلومات حول السبب الكامن وراء انخفاض إنتاج حقل الغوار إلى أقل من الربع مقارنة بالـ 15 سنة الماضية، علاوة على أنه لم توضح النشرة ما إذا كان الإنتاج سيستمر بالانخفاض على نحو مماثل في المستقبل.

فقدان الصدارة
ويعني الحد الأقصى لمعدل الإنتاج الجديد للغوار -كما يشير الكاتب- أن حقل “برميان” بالولايات المتحدة، الذي أقرت بيانات حكومية، بضخه لحوالي 4.1 ملايين برميل يوميا خلال الشهر الماضي، يعد بالفعل أكبر حوض لإنتاج النفط.

في المقابل، تفتقر هذه المقارنة إلى الدقة نظرا لأن الحقل السعودي يعتبر بمثابة الخزان التقليدي، في حين أن برميان عبارة عن تشكيل صخري غير تقليدي. ومع ذلك، يعكس هذا الأمر انقلاب موازين القوى داخل السوق.

ووفق نشرة إصدار السندات، يكتسي حقل الغوار أهمية بالغة للمملكة نظرا لأن الحقل “يمثل أكثر من نصف إجمالي إنتاج النفط الخام التراكمي” لديها.

وأضاف الكاتب أنه علاوة على حقل الغوار -الذي اكتُشف سنة 1948 من قبل عالم جيولوجيا أميركي- تعول السعودية بشكل كبير على حقلين آخرين، وهما خريص القادر على ضخ 1.45 مليون برميل يوميا، والسفانية الذي لا يزال يمثّل اليوم أكبر حقل نفط بحري في العالم بقدرة إنتاجية تبلغ 1.3 مليون برميل.

وتجدر الإشارة إلى أن مجموع الحقول النفطية التي تديرها أرامكو بلغ حوالي 101 حقل.

أحد حقول النفط بالسعودية (رويترز)
وتؤكد نشرة إصدار السندات المؤلّفة من 470 صفحة أن أرامكو قادرة على إنتاج 12 مليون برميل كحد أقصى يوميا. وفي الواقع، تستفيد المملكة من حوالي خمسمئة ألف برميل آخر بفضل الطاقة الإنتاجية للمنطقة السعودية الكويتية المحايدة التي توقّفت عن الإنتاج الوقت الحالي بسبب نزاع سياسي مع المنطقة المجاورة لها، وفق تقرير بلومبيرغ.

وذكر الكاتب أن السعودية تحتفظ بمليون إلى مليونيْ برميل في اليوم من قدرتها الاحتياطية، إذ لا تستخدمها إلا خلال الحروب أو الاضطرابات، أو في حال تزايد الطلب بشكل غير اعتيادي.

وبهذا الصدد، قالت أرامكو في نشرة الإصدار “تستخدم الشركة هذه الطاقة الاحتياطية كخيار بديل للإمداد في حالة الانقطاع المفاجئ للإنتاج في أي مجال، ومن أجل الحفاظ على مستويات الإنتاج أثناء الصيانة الميدانية الروتينية”.

إستراتيجية مكلفة
وذكر الكاتب أنه بالنسبة لأرامكو، تعد هذه التكلفة كبيرة خاصة وأنها استثمرت مليارات الدولارات في منشآت ليست دائمة الاستخدام.

ومع ذلك، قالت الشركة إن القدرة على الاستفادة من فائض طاقتها تسمح لها بتحقيق أرباح كبيرة خلال فترات الضيق بالسوق، مما وفّر إيرادات إضافية بقيمة 35.5 مليار دولار خلال الفترة الممتدة بين سنة 2013 و2018.

فضلا عن ذلك، كشفت أرامكو عن احتياطات النفط في أفضل خمسة مواقع خاصة بها، حيث إن بعضها لن يدوم طويلا مثلما كان يُعتقد سابقا.

فعلى سبيل المثال -يقول الكاتب- يحتوي حقل الغوّار على 48.2 مليار برميل من النفط المتبقي تكفي لمدة 34 سنة أخرى، وذلك بحسب أقصى معدل إنتاج.

مع ذلك، عادة ما تتمكّن الشركات من تعزيز احتياطاتها مع مرور الوقت عن طريق استخدام تقنيات وتكنولوجيات جديدة.

وأورد الكاتب أن المملكة تملك 226 مليار برميل من النفط، وهو ما يكفي لمدة 52 سنة أخرى، مع إنتاج 12 مليون برميل يوميا على أقصى تقدير.

وعلاوة على ذلك، يقول السعوديون للعالم إن معدل نضوب حقولهم سيكون أفضل مما كان متوقعا، حيث “ستنخفض هذه المعدلات من 1 إلى 2%سنويًا” على عكس نسبة 5% التي أفاد بها المحلّلون، كما يورد الكاتب في تقريره.

في المقابل، أشارت المملكة إلى أن بعض احتياطاتها -أي قرابة خُمس الاحتياطيات- قد قدمت أكثر من 40%من نفطها، وهو رقم كبير بالنسبة لهذه الصناعة التي عادة ما تكافح لاستعادة أكثر من نصف الاحتياطي المستخرج من تحت الأرض.

شاهد أيضاً

استقالة رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية بعد الفشل في 7 أكتوبر

صرح الجيش الإسرائيلي في بيان اليوم الإثنين، إن رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية ميجر جنرال أهارون هاليفا، استقال، وإنه سيترك المنصب بمجرد تعيين خلف له.