الروهينغا يغرقون في اليأس

الكاتبة: رئيسة مكتب جنوب شرق آسيا لصحيفة نيويورك تايمز

في منطقة ناغا خويا في ميانمار، تقعُ، خلف الأسلاك الشائكة، صفوف من المقطورات في مركز لاستيعاب اللاجئين الروهينغا العائدين إلى الوطن، لكنها فارغة وغير جذابة، ويستدعي مظهرها صورة سجنٍ ينتظرُ قدوم سجنائه.

وفي مقطورةٍ مهملةٍ لاستقبال الوافدين، يتلكّأ الضباط في مكاتبهم، ويوزعون الابتسامات مصطنعةٍ من ورائها. وتوضح اللافتات المعلقة الخطوات المتضمنة في الترحيب بمسلمي الروهينغا العائدين إلى ميانمار، على النحو التالي: “قف هنا للحصول على صور فوتوغرافية، واذهب إلى هناك للحصول على بطاقات هوية”.

ويقف الحراس حاملين عصيا كاشفة للمعادن، كما لو أنّ المعسكر مطار دولي، وهو ليس إلا حظيرة موحشة في حدودٍ مهجورة.

لكن الأمرَ الوحيد المفقود في جلّ هذا المظهر في مركز ناغا خويا، وبشكل واضح، هو أبناء أقلية الروهينغا الذي يُفترض أنه أُعد لاستقبالهم.

فمنذ أن بدأ أكثر من 730 ألف شخص من الروهينغا بالفرار إلى بنغلاديش، هربا من حملة التطهير العرقي الوحشية التي شنها الجيش الميانماري، قبل عامين، تعهدت حكومتا ميانمار وبنغلاديش، مرارا وتكرارا، بأن إعادة الأقلية المسلمة إلى بلادها، باتت وشيكة، لكنهما نكثتا بهذا الوعد طوال الوقت.

ولم يعد الروهينغا بأعداد ضخمة ولا حتى بأعداد قليلة، بل بالكاد عاد منهم أحد، ورغم جميع “الضمانات” التي قدمتها الحكومتان لعودتهم لميانمار، لم يقدم على العودة سوى بضع عشرات منهم.

وكان من المفترض أن تعود الدفعة الأولى من اللاجئين، المؤلفة من 1200 شخص، في كانون الثاني/ يناير 2018، لكن الخطة أُرجئت من قبل الحكومة البنغاليّة، في أعقاب احتجاج داخلي على فكرة إعادة ضحايا المجازر إلى إحدى أسوأ البؤر التي ارتُكبت فيها جريمة تطهير عرقي في هذا القرن.

وبعدما تعهدت الحكومتان في نيسان/ أبريل 2018، بإكمال عمليات العودة الآمنة والطوعية والكريمة، حُددت عدة مواعيد أخرى لم تلتزم بأي منها.

وكان آخرها الأسبوع الماضي، بعدما زعمت الحكومة الميانمارية، أنها ستستقبل 3450 عائدا من اللاجئين الروهينغا، وهو وعد لم يتحقق كسابقه، لكن إيهام العالم بأن عمليات الإعادة إلى الوطن على وشك الحدوث، أمر مفيد سياسيا لكلا الجانبين.

فميانمار، التي يقول مسؤولو الأمم المتحدة إنه ينبغي محاكمة قادتها بتهم الإبادة الجماعية، لأعمال القتل المدبرة التي شنتها ضد الروهينغا في 25 آب/ أغسطس 2017، حريصة على إثبات التزامها بمعايير حقوق الإنسان.

أما بنغلاديش، التي تُعاني من الفائض السكاني والفقر، تصارع لطمأنة مواطنيها بأن الأموال الشحيحة أصلا، لا تُصرف على اللاجئين.

لكن المسرحية التي تلعبها السلطات في مركز ناغا خويا، ذي المباني المتآكلة والخالية من أي وجود للروهينغيا، تثبت يوميا، كذبة التزام ميانمار بإعادة اللاجئين إلى وطنهم. فالمكان هادئ لدرجة أنه يُمكن للرائي أن يشاهد كلبا غاطا في النوم عند المدخل الرئيسي، الذي يُفترض أن يدخل منه الآلاف، دون أي عائق.

وحتى أبراج المراقبة فارغة، وليس فيها جنود للحراسة.

التعهدات ونكثها المتكرر

تبع شُح العائدين الخميس الماضي، نفس السيناريو المأساوي الذي اتبعته الجهود السابقة لإعادة الروهينغا إلى الوطن: فبدأت ميانمار بإعلان موعد جديد لإعادة اللاجئين الروهينغا، لكنها وافقت على إعادة جزءٍ ضئيل فقط ممن تعتبرهم مؤهلين للعودة، كما أن الموعد هو أُحادي الجانب، أي دون التفاوض مع بنغلاديش.

ومن ثم أعلنت بنغلاديش، الدولة ذات الغالبية المسلمة حيث لجأ معظم الروهينغا، تأييدها لموعد ميانمار.

وقال وزير الخارجية، إي كي عبد المؤمن، لصحافيين بداية الشهر الماضي: “أشعر بإيجابية كبيرة. أتوقع أن نبدأ هذا الشهر”.

لكن الروهينغا، الذين يتكدس مئات الآلاف منهم، فوق بعضهم في مخيمات مفرطة الاكتظاظ في بنغلاديش، امتنعوا عن العودة في الشهر الجاري، بعد عدم تلقيهم أي ضمان حول مستقبلهم. ولم يستقل أي شخص من الروهينغا الحافلات الخمس والشاحنتين، التي تم تخصيصها الخميس الماضي لنقلهم عبر الحدود إلى ميانمار.

وحذرت جماعات حقوق الإنسان الدولية، من خطر إعادة أي شخص من اللاجئين، مستنتجين ذلك من إجراء مقابلات مع الكثيرين من الروهينغيا، الذين عبروا بدورهم عن رعبهم لإدراج أسمائهم على قوائم الإعادة.

وقالت الخبيرة في بعثة تقصي حقائق عنف ميانمار، التابعة للأمم المتحدة، راديكا كوماراسوامي، الخميس الماضي، إن الظروف لم تكن مواتية لعودة الروهينغيا.

وأوضحت في مؤتمر صحافي بمقر الأمم المتحدة في نيويورك: “لقد عرضنا صور الأقمار الصناعية التي توضح الوضع شمالي راخين، وهو المكان الذي تم فيه هدم جميع القرى، لم تبق هناك شجرة واحدة”.

لكن عدم عودة اللاجئين، منحت مسؤولي ميانمار الفرصة المثالية للتعبير عن “دهشتهم” من قرار الروهينغا.

وقال المتحدث باسم الحكومة في ولاية راخين، يو وين مينت، التي كانت إلى وقت ليس بالبعيد موطنَ الروهينغا في ميانمار: “ليس لدي أدنى فكرة عن سبب عدم عودة الروهينغا بعد. كل شيء جاهز من جانبنا”.

لقد حاول مسؤولون سابقون العزف على هذا الوتر، أيضًا، مع النتائج الجوفاء ذاتها. ففي تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، قال وزير الرفاه الاجتماعي والإغاثة وإعادة التوطين في ميانمار، وين ميات آي، لصحيفة “نيويورك تايمز”، إن دفعة من العائدين ستأتي خلال بضعة أيام من موعد المقابلة، متعهدًا أن المركز في ناغا خويا، سيستقبل 2165 لاجئا من الروهينغا، خلال أسبوعين، ومن ثم ستعود دفعات أكبر كل فترة قصيرة.
وزعم ميات آي أنه “يمكنهم (الروهينغا) التقدم بطلب للحصول على الجنسية. ويمكنهم العيش في الأمكنة التي ولدوا أو عاشوا فيها. وإذا لم يتوفر سكن هناك، فيمكنهم العيش بالقرب من المكان الذي ينتمون إليه”.

لكن مزاعم الوزير تُعد خيالا حتى بمعايير “الحقائق” التي تطرحها الحكومة. فوفقا لأرقام سلطات الهجرة في ميانمار، حول الفترة الممتدة بين أيار/ مايو 2018، والشهر ذاته في السنة الجارية، أُعيد 185 شخصا من الروهينغيا فقط، من بنغلاديش، وحتى هذا العدد الضئيل جدا، هو مبالغة إضافية من الحكومة. وبحسب بيانتها، فمن بين هؤلاء الأشخاص البالغ عددهم 185 شخصًا، اعتُقل 92 شخصًا في ميانمار أثناء محاولتهم الفرار من البلاد بالقوارب. وقد تم إطلاق سراح اثنين وستين آخرين من السجون في ميانمار، أي أن هؤلاء لم يخرجوا من البلاد.

وعاد 31 شخصا من الروهينغا فقط، من أصل ثلاثة أرباع مليون شخص تقريبا، فروا من مجازر ميانمار، “بمحض إرادتهم”، وفقًا للحكومة.

وكلما ضُغط على الحكومة الميانمارية لتبرير هذه الأرقام الضئيلة جدا للعائدين، تهرع لاتهام مسلحي الروهينغا والجمعيات الخيرية الإسلامية العاملة في مخيمات اللاجئين في بنغلاديش بالحيلولة دون العودة.

وقال رئيس الإدارة العامة في مونغداو الواقعة في محافظة راخين التي كانت تسكنها أغلبية ساحقة من الروهينغا منذ بضعة سنوات، يو سوي أونغ، إن “الإرهابيين المسلمين في المعسكرات، يقولون إنه العودة ليست آمنة، لذلك لا يجرؤ الناس (على العودة) على الرغم من أنها آمنة تمامًا”.

الاشتياق للوطن يزداد، لكن باضطراد مع الخوف

وكانت المسؤولة الرئيسية عن تقديم التعهدات بأن ميانمار فرشت بساط الترحيب للروهينغا، أون سان سو تشي، الحاكمة الفعلية للحكومة المدنية والحائزة على جائزة نوبل للسلام.

وقال وزير الرفاه الاجتماعي، في إشارة إلى أون سان سو تشي، باستخدام لقبها الرسمي: “لقد قررت مستشارة الدولة بالفعل، إعادة الأشخاص الذين عاشوا في ميانمار وغادروها لسبب ما. لذا، لا يوجد سبب لعدم عودتهم”.

وبعكس ادعائه، فإن شعور الروهينغيا بالجزع عند مجرد التفكير حول ما يمكن أن ينتظرهم عند العودة، هو أمر مفهوم للغاية، بالنظر إلى ما دفعهم للرحيل في المقام الأول، وما حدث في ميانمار، وما لم يحدث، منذ التهجير.

وتعود الأحداث إلى 25 آب/ أغسطس 2017، عندما زعمت السلطات أن مجموعة من متمردي الروهينغا، هاجمت مراكز للشرطة ومخيما للجيش، لِيتلو ذلك، في غضون ساعات قليلة، شن حملة وحشية ضد الأقلية المسلمة، تمثّلت في عمليات إعدام جماعية واغتصاب وحرق مئات القرى على أيدي قوات الأمن، كما شاركت العصابات البوذية (المدنية) في إراقة الدماء.

وقالت مؤسسة “أطباء بلا حدود” إن ما لا يقل عن 6700 من الروهينغا قُتلوا في موجة أعمال العنف الموجهة ضدهم، بعد شهر واحد فقط من انطلاقها.

ورغم دفاع الحكومة عن أفعالها، باعتبارها “عمليات تطهير” تستهدف المتشدّدين فقط، تشير الزيادة الكبيرة في عدد القوات في الأسابيع التي سبقت الهجوم، وأساليب الهجوم مثل المروحيات العسكرية التي أمطرت القرويين بالصواريخ خلال الحملة العسكرية، إلى أن العملية هي نتاج تنسيق طويل الأمد ومخطط، بهدف شن حملة تطهير عرقي كانت تنتظر الحافز المناسب.

ويعيش الروهينغا، الذين فرّوا إلى بنغلاديش الآن، في أكبر تجمع لمخيمات لاجئين في العالم.

وتنتشر آفات فظيعة في هذه المخيمات كالاتّجار بالبشر، حيث تُباع الفتيات إلى بيوت الدعارة، ويُرسل الرجال للاستعباد في جنوب شرق آسيا. وكلما جاء الرياح الموسمية المخيم، تختلط مياه الصرف الصحي والطين في مياه الشرب حاملة معها خليطا من الأمراض. كما أن الانهيارات الأرضية شائعة، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، فبعض اللاجئين قتلتهم الفيلة الهائجة. وعلى فرض أن هناك أي محفز للبقاء في هذه المخيمات، فهو لا يكاد يُرى.

لكن على الرغم من هذه الظروف التي لا تطاق، فإن ميانمار تبدو أسوأ بالنسبة للعديد من اللاجئين الذين يشعرون بالحيرة إزاء فكرة أن عليهم العودة إلى بلد رفضت حكومته الاعتراف بأنها ارتكبت فظائع بحقهم.

وقالت رامجان علي، وهي الناجية الوحيدة من عائلتها التي ذُبحت في قرية تولا تولي، “كيف يمكننا تصديق هؤلاء الذين قتلوا أعز الناس علينا وأقربهم؟”.

أما من تبقى من الروهينغا في ولاية راخين الشمالية بعد بدء علميات القتل، فهم يقبعون تحت حصار شديد في مجتمعات تفتقر إلى الوظائف والتعليم والخدمات الأساسية، ومنذ حزيران/ يونيو الماضي، حُرموا، أيضًا، من الاتصال بالإنترنت عبر الهاتف المحمول في المنطقة.

ومعدلات السجن بين رجال الروهينغا مرتفعة جدا، حيث اتهم كثيرون منهم بالقيام بنشاطات “إرهابية”. وتزعم الحكومة أحيانًا، أن بعض اللذين أُطلق سراحهم من السجون، هم من الروهينغا العائدين إلى الوطن، حتى لو لم يغادروا ميانمار قط.

وقال سيف الإسلام، وهو أحد زعماء الروهينغا في مخيمات بنغلاديش: “أفتقد الوطن كثيرًا. لكنني لا أريد العودة إلى مكان يمكن أن تقتل فيه أسرتي”.

بناء المعسكرات على أنقاض قرى الروهينغا

بالنسبة لأي عائد من الروهينغا، فإن المنطقة لن تكن مألوفة كما كانت في السابق، فقد طرأ تحول كبير على شكلها.

وعند القيادة عبر المستنقعات المالحة في شمالي راخين، يمكنك سماع صدى الصمت المُطلق، وهي منطقة كان يعيش فيها نحو مليون شخص من الروهينغا منذ مدة قصيرة فقط. أما الآن، فقد مُحيت معظم قراهم، وما من دليل على وجودهم السابق في المكان، سوى بعض الهياكل المتبقية من المساجد وبيوت أشجار النخيل المحروقة.

ولقد ضخت الحكومة الأموال في تطوير البنية التحتية في راخين، حيث بنت محطات جديدة لتوليد الكهرباء، وشيدت مباني حكومية أخرى، لكن الأهم من ذلك كله، نشر القواعد العسكرية وقوات حرس الحدود.

وبُنيت معظم هذه المنشآت على أراضٍ أُخليت بالتطهير العرقي.

ووجد تحليل لصور الأقمار الصناعية، أجراه المركز الدولي لسياسات الإنترنت في المعهد الأسترالي للسياسات الإستراتيجية، أن نحو 60 قرية للروهينغا، هُدمت العام الماضي، بعد فترة وجيزة من أعمال العنف التي بلغت ذروتها في عام 2017. واستمر تدمير قرى الروهينغا حتى هذا العام، حسبما وجدت الدراسة.

ولم يوضح مسؤولو ميانمار، أبدًا، الأماكن المحددة لإسكان العائدين من اللاجئين فيها، حتى أثناء عرضهم لصفوف من المنازل الجاهزة التي يفترض أنها بنيت للعائلات العائدة إلى الوطن.

وفي سابقة مثيرة للقلق، احتُجز نحو 120 ألف شخص من الروهينغا من وسط ولاية راخين، استهدفوا في نزاع عام 2012، في معسكرات الاعتقال على مدار السنوات السبع الماضية. واستحوذ بوذيون من الأغلبية في ميانمار على أعمالهم، ودُمرت معظم منازلهم.

وبينما تحول عمليات البناء، ولاية راخين بأكملها، حيث تُبنى المعابد البوذية مكان المساجد، فإن المستفيد الأكبر من طفرة البناء، هي شركات يديرها المقربون من الجيش، والذين لا يزالون يسيطرون على الحكومة.
وفي آب/ أغسطس الماضي، أصدرت بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة تقريرًا أوصت فيه بفرض عقوبات مستهدفة على هذه الشركات المرتبطة بالجيش، والتي قالت إنها ساعدت في “إعادة هندسة المنطقة بطريقة تمحو الأدلة على انتماء الروهينغا إلى ميانمار”.

لا أرى شرًا لا أسمع شرًا لا أتكلم شرًا

تقول الأمم المتحدة إنه لا ينبغي أن يضطر اللاجئون إلى العودة إلى مكان لا يتم فيه ضمان سلامتهم وأمنهم، وإنّ القيام بذلك يسمى الإعادة القسرية، وهو مخالف للقانون الدولي.

لكن ميانمار لم تفعل شيئا لضمان تغير الأوضاع التي أدت إلى المجازر الجماعية.

كما أن الدولة لا زالت تتعنت في رفض الاعتراف بأن قواتها الأمنية والعسكرية، التي ضلعت في الاعتداءات الجنسية واسعة النطاق، وإطلاق الرصاص الحي على الأطفال الفارين، لم ترتكب أي جرم، رغم أن هذه الفظائع وُثقت في شهادات ضحايا الروهينغا، والتحقيقات التي أجرتها جماعات حقوق الإنسان، لم تفعل أي شيء خطأ.

بل وزعم مسؤول في بلدة ماونغداو، سو أونغ، أنه “لم يُقتل أي مسلم بريء”.

وقد رفضت أون سان سو تشي تحميل الجيش المسؤولية عن العنف، حتى في الوقت الذي أوصى فيه المحققون الذين عينتهم الأمم المتحدة، العام الماضي، بالتحقيق مع القادة في ارتكابهم جرائم ضد الإنسانية.

على الرغم من حقيقة أن ميانمار هي موطنهم، فإن معظم الروهينغا يُعتبرون رسميًا مهاجرين غير شرعيين من بنغلاديش.

وقبل قبول عودة أي منهم، فُهم ملزمون في أحيان كثيرة، على تقديم أدلة تثبت أنهم جاءوا من ميانمار. وهذا طلب كبير جدا بالنسبة للاجئين الذين فروا من منازلهم المحترقة.

بل أكثر من ذلك، يُفرض على الراغبين في العودة قبول بطاقات هوية يقول النقاد إنها تشير إلى كونهم غير منتمين لأي دولة، أي منعدمي الجنسية، بشكل رسمي.

ولا تقبل حكومة ميانمار حتى وصفهم بـالـ”روهينغا”، بل تُصدر لهم وثائق تُعرفهم على أنهم بنغاليين، مما يعني أنهم متطفلون أجانب من بنغلاديش، وليسوا مجموعة عرقية من ولاية راخين.

وهمس الإمام عبد القادر، القادم من قرية في شمالي راخين، التي لم يستطع سكانها الفرار من ميانمار: “نحن الروهينغا. ممنوع قول كلمة روهينغا في مينامار”.

وقال نائب رئيس الهجرة في مخيم ناغا خويا، لاستقبال اللاجئين، كياو كياو كين: “الروهينغا ليست أمرا حقيقيا. لماذا يستخدم الأجانب هذه الكلمة؟”.

على الطرف الآخر من الحدود

تزعم الرواية الرسمية ميانمار، أن الروهينغا أَحْرَقوا منازلهم لكسب التعاطف الدولي، والطعام على حصص المساعدات الوفيرة في بنغلاديش التي قدمتها الدول الإسلامية.

ويتّهم مسؤولو ميانمار، أيضًا، المسؤولين البنغال بإضاعة الوقت، ويتساءلون عما إذا كانوا يترددون في السماح لروهينغيا بالمغادرة.

وقال المسؤول في معسكر ناغا خويا، يو كياو سين: “ربما يريدون من الناس أن يبقوا هناك”، لكن الحقيقة هي النقيض التام لهذا الادعاء.

أبدى البنغال ضيافة هائلة للروهينغيا، الذين تدفّقوا عبر الحدود في أسرع تدفق للاجئين منذ عشرات السنين، لكن صبر البلاد قد تلاشى، وتستمر السلطات البنغالية في تهديدها بإعادة توطين الروهينغا في جزيرة لا تعدو كونها جزيرة رملية معرضة للأعاصير في أي لحظة، وتقع وسط خليج البنغال.

ولم تمح بنغلاديش الغالبية العظمى من الروهينغا، صفة اللجوء، خشية أن يعزز هذا التصنيف حقهم في العيش في المنفى إلى الأبد.

نتيجةً لذلك، ليس لديهم أي حق قانوني في الدراسة أو العمل خارج المخيمات. فيما يقوم بعض اللاجئين بتقديم الوعود بالخلاص من خلال التسلح. لكن اليأس هو السلعة الوفيرة الوحيدة في هذه المخيمات.

وتساءل إسلام، زعيم أحد المخيمات: “هل سيعيش أطفالي بقية حياتهم هنا؟ هل هذه هي الحياة التي يمكنني تقديمها لهم؟”

والخلاصة: ما من أحد يريد الروهيغنا، وخصوصا وطنهم.

شاهد أيضاً

مقال بموقع بريطاني: هذه طريقة محاسبة إسرائيل على تعذيب الفلسطينيين

ترى سماح جبر، وهي طبيبة ورئيسة وحدة الصحة النفسية في وزارة الصحة الفلسطينية، أنه وسط تصاعد حالات تعذيب الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، هناك حاجة ملحة إلى قيام المتخصصين في مجال الصحة بتوثيق مثل هذه الفظائع بشكل صحيح.