فورين بوليسي: حالة السجون السيسي

ناقشت الصحافية آمي ووديات في مقال بمجلة “فورين بوليسي” حالة السجون المصرية المكتظة وقالت أن الإنتهاكات التي يتعرض لها المعتقلون ومعدلات الإعتقال هي وصفة للكارثة.
حيث يقود عبد الفتاح السيسي نظاما تسبب بأسوأ أزمة حقوق إنسان في تاريخ مصر حسب حيث ان لمنظمة “هيومان رايتس ووتش”. وقدرت هذه في عام 2016 أن عدد السجناء في سجون نظام السيسي أكثر من 60.000 شخصا، منذ أن أطاح بسلفه عام 2013. وقال حسين بيومي، الباحث المصري في منظمة “أمنستي إنترناشونال”، “في مصر إنها من أسوأ الفترات من ناحية القمع والإعتقالات التعسفية. ففي مصر يمكن اعتقال أي شخص بدون سبب على الإطلاق”.
وتقول الكاتبة إن مصر لها تاريخ في مجال ظهور وازدهار حركات جهادية خلف القضبان. فقد كان زعيم القاعدة الحالي، أيمن الظواهري من بين الذين أصبحوا متشددين في السجن. إلا ان منظمة أمنستي اعتبرت قمع السيسي للحريات المدنية بأنه “لا مثيل له في تاريخ المصر القريب”. ويتم اعتقال الناس بسبب “نكتة، تغريدة، دعم نادي كرة قدم، شجب الإنتهاكات الجنسية وانتاج أفلام سينمائية”.
واعترفت الحكومة المصرية عام 2015 بأن السجون تجاوزت قدرتها الإستيعابية بنسبة 160% وأشارت وزارة الخارجية الأمريكية إلى الظروف المهددة للحياة في السجون المزدحمة بالمعتقلين. ويتراوح تقدير عدد السجناء من دراسة لأخرى إلا إن “موجز السجن العالمي” قدر في عام 2016 عدد السجناء بحوالي 90.000 نسمة. ولم يفرق التقدير بين السجين السياسي وغير السياسي. وأشار تقدير أن عدد السجناء يصل إلى 16.000 نسمة. وفي الوقت نفسه قدرت منظمة هيومان رايتس ووتش عدد السجون الجديدة التي يجري العمل عليها بحوالي 18 سجنا. وقال المهندس أيمن عبد المجيد إنه اعتقل لنشاطه السياسي عام 2015 في سجن القناطر، وسجن محكمة الجيزة وعدد آخر من السجون. وشاهد كيف تحول عدد من السجناء الذين اعتقلوا بجرائم لا علاقة لها بالعنف إلى التطرف. وأضاف “لقد شاهدت الكثير من الرجال الذين اعتقلوا بسبب خلافات مع ضابط شرطة الذي قدم بلاغا ضدهم. وسجنوا ودخلوا دوامة عدم المحاكمة ثم الإعتقال التعسفي لأمد لا نهاية له”.

بدلا من شجب الأوضاع البائسة في السجون قررت إدارة دونالد ترامب إعادة 195 مليون جنيه كمساعدات للحكومة المصرية. وكان ترامب قد جمد المعونات عام 2017 احتجاجا على قانون يلاحق المنظمات غير الحكومية .

وقال: “إن هؤلاء الأشخاص امتلأوا بالغضب- وأصبحوا يكرهون الدولة والشرطة وخسروا وظائفهم وأعمالهم، مما جعل حياتهم بائسة وأبعدهم عن عائلاتهم وهم نفس الأشخاص الذين تتقرب منهم الجماعات المتطرفة”. وبدلا من شجب الأوضاع البائسة في السجون والمزدحمة بالمعتقلين قررت إدارة دونالد ترامب إعادة 195 مليون جنيه كمساعدات للحكومة المصرية. وكان ترامب قد جمد المعونات عام 2017 احتجاجا على قانون يلاحق المنظمات غير الحكومية وعلاقات الحكومة المصرية الدافئة مع كوريا الشمالية. إلا أن الإدارة الأمريكية أعادت الدعم العسكري للقوات المصرية رغم غياب أي إصلاح حقيقي في مجال حقوق الإنسان. وتقول الكاتبة إن قرار استئناف الدعم رغم مظاهر القلق بشأن حقوق الإنسان جاء بعد سابقة في عهد باراك أوباما الذي جمدت إدارته التمويل لمصر عام 2013 بسبب مظاهر القلق من وضع حقوق الإنسان لتتراجع بعد عامين متذرعة بأهمية مكافحة التطرف الإسلامي. وكان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو قد كال المديح للرئيس المصري وجهوده الحثيثة لمواجهة التهديد النابع من الإرهاب والراديكالية الإسلامية التي تغذيه. ورغم مدح إدارة ترامب للسيسي إلا أن الجمهوريين والديمقراطيين في مجلس الشيوخ اكتشفوا التهديد التي تشكله سياسات السيسي للأمن المحلي والدولي. وفي عام 2017 كتب السناتور الجمهوري ماركو روبيو والديمقراطي بن كاردين للرئيس ترامب يحثانه للضغط على حكومة السيسي بشأن حقوف الإنسان وإلا واجه مخاطر إطالة مصر الظروف نفسها التي فرخت التطرف والإرهاب”. وأشار تقرير أنماط حقوق الإنسان في العالم الذي تعده سنويا وزارة الخارجية إلى عدد من قضايا حقوق الإنسان في مصر بما في ذلك القتل خارج القانون والتغييب القسري والظروف القاسية في السجون التي تهدد الحياة والإعتقالات التعسفية والإعتقال السياسي والتعذيب. وقد وثقت هذه الظروف عدة منظمات حقوق إنسان وبحسب عدد من السجناء السابقين تدفع السجناء نحو تنظيم “الدولة”. وبحسب بريان دولي، المستشار البارز في “هوميان رايتس فيرست” “أدى القمع الوحشي الذي مارسه السيسي ضد المعارضين لتغذية نمو تنظيم “الدولة”. بشكل زاد فيه عدد المنتمين له في السجون المصرية. وتحدثت مع أشخاص اطلعوا على وضع تنظيم “الدولة” في وقت قريب. ويسيطر تنظيم “الدولة” على أجزاء من نظام السجن”. ويقوم التنظيم بتجنيد المعارضين السلميين والمعتقلين غير السياسيين من خلال استغلال الغضب والإنتهاك الذي تعرضوا له أثناء السجن. وقال دولي:”ينضم الأشخاص للجماعة انتقاما أو للحماية”. وقال السجين محمد نبيل، أحد ناشطي حركة 6 إبريل التي أنشئت عام 2008 لدعم إضرابات العمال. وأثناء اعتقاله في السجن شاهد عددا من زملائه المعتقلين يعذبون ويسجنون في زنازين إنفرادية مع عناصر من تنظيم “الدولة”. وقال “أجبرنا المسؤولون على حضور جلسات التعذيب ومشاهدة الإسلاميين وهم يعذبون ويضربون بالكهرباء ويعلقون من سقف الغرفة. وكانوا يقيدونهم من أيديهم ويشبحونهم من السقف حتى ينخلع كتفه. وكانوا يصعقون الأشخاص في الأجزاء الحساسة من أجسادهم”. وقال “شاهدنا أطفالا لم تتجاوز أعمارهم الـ 13 عاما أو في سن الـ 18 عاما يعتقلون ويصعقون بالكهرباء وبهذه الطريقة جندهم تنظيم “الدولة” الذي كان يدير الداخل. وأضاف أن الجلادين اغتصبوا الأطفال واستغل تنظيم “الدولة” الأمر وقال لهم “يجب قتل هؤلاء الأشخاص ويمكننا المساعدة”. ووصف نبيل عمليات التجنيد التي تبدأ من الإنتقام كعامل دافع، أما الثاني فهو الوعد بالشهادة. وتعد عملية التجنيد في السجن واحدا من الطرق التي اعتمدها الجهاديون للتجنيد في العمليات الإرهابية التي نفذت في فرنسا وبلجيكا وبريطانيا، فشريف وسعيد كواتشي اللذان نفذا عملية تشارلي إبيدو عام 2015 أصبحا متشددان في السجن. وقال رجان بصرا، الباحث في المركز الدولي لدراسة التشدد في لندن إنه شاهد في أوروبا عددا من الحالات التي تحول فيها السجناء للتطرف، وذلك بعد إدانتهم بجرائم عادية. و “تم فصلهم عن أصدقائهم وعائلاتهم في السجن والذي يعد مناخا معاديا حيث يبحث فيه الناس عن حماية جسدية وعليهم البحث عن حلفاء جدد”. ثم “يلتقون بمتطرفين يعرفون مكامن ضعفهم”. وتحاول الحكومات حول العالم وقف عمليات التجنيد في السجون التي أدت لولادة تنظيم “الدولة” في العراق وسوريا وسيطرته على مساحات واسعة فيها عام 2014 ونفذ هجمات حول العالم. ورغم تراجع سيطرة التنظيم على المناطق إلا أن الحكومات المحلية والعالمية تحاول البحث عن طرق لاحتواء نشاطات التجنيد في سجونها. ويقول السجناء السابقون إن معالجة انتهاكات حقوق الإنسان في السجون قد تبطيء من عمليات التجنيد.

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".