نفحات رمضانية بروح صينية.. ما لا تعرفه عن باتشاي

تفتح المساجد الصينية أبوابها في رمضان لاستقبال الراغبين في التعرف على الإسلام
حيث دخل الإسلام الصين منذ نحو 13 قرنا تقريبا، وتذكر التواريخ الصينية أن أول دخول الإسلام كان في أيام أسرة “تانج”، وتحديدا في العام 31 الهـجري الموافق 651 الميلادي.

ويبلغ عدد مسلمي الصين، حسب الإحصاءات الرسمية الصينية، ما يقارب 25 مليون نسمة، يتركزون في مقاطعتي “زينج يانج” و”نينج زيا”، وهما من المناطق المستقلة جنوبي غربي الصين وفي وسطها، وفي مقاطعة “هينان” يوجد أكثر من 750 ألف مسلم.

أما الأديان الرئيسية المعترف بها في الصين، فهي خمسة: التاوية، والبوذية، والمسيحية الكاثوليكية، والمسيحية البروتستانتية، والإسلام.

ورغم الاضطهاد الذي تعانيه الأقلية المسلمة بالصين في السنوات الأخيرة بغية تخلي المسلمين عن طقوسهم الدينية بكل أشكالها، فإن مسلمي الصين لا يزالون يحتفلون برمضان وطقوسه مثل بقية الدول الإسلامية.

وتحدد الجمعية الإسلامية الصينية في بكين بداية شهر رمضان وفقًا لحسابات فلكية، بدلا من رؤية الهلال مثل الدول العربية، ويتم الصيام لمدة 30 يوما، ولا يقل عن ذلك.

باتشاي.. نفحات رمضانية بروح صينية

لرمضان مكانة مميزة للغاية بالنسبة لمسلمي الصين، ويُطلق عليه “باتشاي”، وتبدأ الاحتفالات به في وقت مبكر، وتشمل تزيين جدران المنازل بآيات من القرآن الكريم والألوان المميزة، وتحرص المساجد على فتح أبوابها أمام المسلمين وغيرهم من أجل تعريفهم بالإسلام.

وبحسب رضا جلاب، وهو جزائري يُقيم بالصين، يعمل باحثا في المركز الصيني للعلوم، فإن الصيام في رمضان بالصين يُعتبر إلزاميًا منذ سن مبكرة، حيث تبدأ الإناث الصيام بدءًا من سن التاسعة، والذكور من سن 12 عاما.

وفي رمضان يُحاول كل مسلم الذهاب إلى المسجد ومعه طعام أو مشروبات يمكن أن يتشاركه مع المصلين الآخرين، إذ إن أحد أهم مظاهر رمضان تنظيم وجبات إفطار جماعية لتعزيز الروابط بين المسلمين في المجتمع.

أهلا بالفوانيس ولا إهدار للطعام
وعلى عكس الكثير من الدول العربية، يحرص المسلمون في الصين على عدم إهدار كميات كبيرة من الطعام، كما يحرص عدد كبير من مسلمي قبائل هوي وأويغور على تقديم الطعام في المساجد لأقرانهم من المسلمين.

أما بالنسبة للفوانيس الصينية، التي تغزو أسواق الدول العربية قادمة من الصين كل عام، فهي عنصر رئيسي في باتشاي، وتحظى بشعبية كبيرة لدى الصينيين خلال الشهر الكريم.

الإفطار على مرحلتين
يقول جلاب “في الصين ستُلاحظ كلمة “حلال” على أي طعام للمسلمين، ويميز اللون الأخضر متاجر المسلمين، مقارنة باللون الأحمر الذي يعتبر اللون الرئيسي للبلاد”.

ويجري الإفطار على مرحلتين، الأولى تتضمن تناول الشاي وقطعا من البطيخ، ثم يصلي الأفراد، ثم تأتي المرحلة الثانية من الوجبة بعد الصلاة، ويمثل الأرز الطبق الرئيسي، إلى جانب أنواع مختلفة من الخضار ولحم الضأن، أو أطعمة اللحم الحلال المنتشرة في الشهر الكريم مثل الدجاج المسلوق ولحم العجل مع الكاري، والدجاج والفول السوداني ولحم البقر المشوي. ولا يهتم مسلمو الصين بتناول الحلويات، كما نفعل نحن.

والأهم من ذلك أن المسلمين الصينيين يعدون رمضان الكريم فرصة للتجمع وممارسة العبادة التي يتجاهلها البعض بقية العام، بحسب جلاب.

السحور أهم الوجبات
يُولي الصينيون اهتمامًا كبيرا بوجبة السحور، بل تعد الوجبة الرئيسية، وذلك بسبب ساعات الصيام الطويلة التي تبلغ 17 ساعة، وأيضا يتبنون نظاما صحيا في طعامهم، فهم يتناولون الأطعمة التي يمكن أن تُزيل السموم من الجسم، واستعادة التوازن للجسم.

وتشمل الفترة المُتأخرة من الليل السحور الجماعي، وكذلك الطقوس الدينية مثل صلاة التهجد، وتنتهي صلاة التراويح كل ليلة بخطبة، وبعد ذلك يفتح الباب للأسئلة والاستفسارات لاستفادة الجميع.

وبحسب جلاب، فهم يصلون التراويح 21 ركعة بما يحفظون فقط من القرآن، حتى وإن كانت آيات قصيرة.
مسجد نيوجيه ببكين لا يختلف كثيرا عن القصور الكلاسيكية الصينية لكنه يتميز بالزخارف الإسلامية الطراز (غيتي)

نيوجيه.. أكبر مساجد بكين
يحكي الشيخ إبراهيم، أحد أئمة مسجد نيوجيه ببكين، أن المسجد يقع بشارع البقرة، لذلك أُطلق عليه اسم مسجد شارع البقرة، للإشارة إلى أن المسلمين يأكلون البقر ولا يأكلون الخنزير.

بُني المسجد سنة 996 ميلادية، بحسب “سجلات قانجشانج”، أي منذ أكثر من ألف عام، وتتجاوز مساحته 6000 متر مربع، ومع أن طرازه المعماري لا يختلف كثيرا عن القصور الكلاسيكية الصينية في الشكل والتوزيع، إلا أنه يتميز بالزخارف الإسلامية الطراز.

ويضم 42 قاعة، منها دار الصلاة ومدارس قرآنية ومكاتب، ومساحة قاعة الصلاة الرئيسية تبلغ 600 متر مربع، وتتسع لقرابة ألف مُصلٍ.

ويمثل المركز الرئيسي للوجود الإسلامي جنوب العاصمة الصينية بكين، وبمجرد دخولك للمنطقة تجد المباني الإسلامية والمساجد بكل مكان، والكلمات العربية على المحلات التجارية، ويتوسط الشارع مكتبة لبيع الكتب الإسلامية ومستلزمات المسلمين والمصلين.

ويعتبر المسلمون في هذا الشارع اللغة العربية جزءا لا يتجزأ من الدين الإسلامي، ويتقن الكثير منهم قراءة القرآن والكتب العربية، ويوجد في هذا الشارع أكثر من 20 ألف مسلم.
يوجد بالركن الجنوبي الشرقي للمسجد مرقدان للشيخ أحمد البرتاني المتوفى سنة 1280 ميلادية، والشيخ عماد الدين المتوفى سنة 1283 ميلادية، وهما من علماء الإسلام العرب الذين ذهبوا للصين لنشر الإسلام، وتنتصب بجوار هذين الضريحين شاهدتان منقوشتان بكتابات عربية واضحة حتى يومنا هذا.

مساجد تاريخية ارتبطت برمضان
مسجد “تشينغخه” ويقع بالضاحية الشمالية لبكين، شُيد سنة 1706 م جنوب جسر تشينغخه في الأصل، وأعيد بناؤه سنة 1901 شمال الجسر بعهد أسرة تشينغ بسبب انخفاضه وبلوغ الماء له.

أما مسجد هايديان فيعتبر واحدا من المساجد القديمة في بكين (عمره أكثر 300 عام)، بجنوب الفناء وشماله توجه ثلاث قاعات لتلاوة القرآن الكريم، وبني ما بين نهاية عهد أسرة مينغ وبداية عهد أسرة تشينغ.

شاهد أيضاً

عبد المجيد الزنداني.. حياة حافلة بالعلم والعمل والجهاد

ودع اليمنيون والأمة العربية والإسلامية يوم الإثنين 13 من شوال 1445 للهجرة، الموافق 22 أبريل 2024م علما من أعلام هذه الأمة، وكوكبا من كواكبها، وهاديا من هداتها، ورائدا من روادها، هو الشيخ عبد المجيد بن عزيز الزنداني، العالم العامل، والمجاهد والمربي، والقدوة المعلم، القرآني المحمدي الرباني، صاحب العطاءات الدعوية، والإمدادات التربوية، والجهود التعليمية، والأطوار الجهادية،