“نيويورك تايمز”: لا مكان لحقوق الإنسان في مصالح قادة أوروبا مع للسيسي

في تقرير لمراسل صحيفة “نيويورك تايمز” في القاهرة ديكلان وولش قال فيه إن الرئيس عبد الفتاح السيسي رحب بقادة الاتحاد الأوروبي ولكن ليس تعنيفهم له على انتهاكات حقوق الإنسان. فالرئيس الذي سجنت حكومته النقاد وكممت الإعلام المستقل وأعدمت تسعة سجناء في الأسبوع الماضي لم يتقبل أبداً محاضرات حول حقوق الإنسان. ولكنه لم يفلت من الموضوع يوم الإثنين في القمة المشتركة التي استضافتها مصر بين الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي، وهاجم الأوروبيين الذين تجرأوا وانتقدوا سجله في مجال حقوق الإنسان.
وقال السيسي للصحافيين “تريدون تعليمنا عن الإنسانية” و “الإحساس بالإنسانية والقيم والأخلاق.. احترموا قيمنا وأخلاقنا كما نحترم قيمكم”. ويعلق الكاتب أن هيجان الرئيس يعلم التعاون المحرج بين قادة الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية في اللقاء الذي تم بمنتجع شرم الشيخ على البحر الأحمر، والذي يأمل فيه الطرفان التعاون في مجال الهجرة والإرهاب. ويعلق الكاتب أن القمة عقدت في مصر كنوع من “التحلية” للسيسي الذي يأمل قادة الاتحاد الأوروبي بأن يعزز جهودهم لردع ومنع المهاجرين الأفارقة الذين يحاولون عبور البحر المتوسط والوصول إلى الشواطئ الجنوبية لأوروبا. لكن توقيت “التحلية” كان محرجاً هذه المرة فقبل أسابيع تقدم أنصار السيسي في البرلمان بتعديلات على الدستور تسمح للرئيس البقاء في الحكم حتى عام 2034 وربما أبعد من هذا العام.

لم يكن قبول خطاب السيسي عاماً، فقد علق رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك ممتعضاً “أنا ممتن لحماس إعلامك” موجهاً كلامه للرئيس السيسي و”من المستحيل أن تحصل على رد كهذا في أوروبا، تهانينا”.

ولم تختف غيوم السجل الصارخ لمصر في مجال حقوق الإنسان عن المناسبة ولكن الاتهامات الأوروبية علت في الساعات الأخيرة للمؤتمر. وفي خطاب اتسم بلهجة شديدة اتهم السيسي قادة الاتحاد الأوروبي بعدم فهمهم للضغوط التي تواجهها الدول العربية المهددة بالحروب. ودافع بحزم عن حقه في اصدار أحكام الإعدام. وعندما أنهى خطابه انفجرت القاعة المليئة بشكل عام بالمصريين بمن فيهم رموز الإعلام بالتصفيق الحاد. ولكن لم يكن القبول لخطابه عاماً، فقد علق رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك ممتعضاً “أنا ممتن لحماس إعلامك” موجهاً كلامه للرئيس السيسي و”من المستحيل أن تحصل على رد كهذا في أوروبا، تهانينا”. ويعلق وولش أن المناسبة التي حضرها قادة عرب من مناطق تعاني من نزاعات وتنافس سياسي لم تكن أبدًا سهلة للأوروبيين وما يريدون تحقيقه. خاصة أن دول أوروبا احتفظت بمسافة في علاقتها مع الديكتاتور حسني مبارك الذي حكم مصر 30 عاماً وأطيح به عام 2011.
لكن المخاوف من الإرهاب والهجرة والرغبة بعقد صفقات أسلحة مربحة هي أسباب تقف وراء فتح علاقات مع قادة ديكتاتوريين مثل السيسي-وهو موقف يقول النقاد إنه يشجع على تماديهم في ممارساتهم، خاصة أن الولايات المتحدة لم تعد مهمته بحقوق الإنسان.
احتفاء بماكرون
واستقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بحفاوة عندما زار القاهرة في الشهر الماضي. وفي عام 2017 تناولت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل مع السيسي الطعام قرب الأهرام. وقال رئيس الوزراء الهولندي مارك راتل “علينا أحياناً الرقص مع من هم في قاعة الرقص” و “ليس أمامنا خيار”. ويقول وولش إن معظم الإعلام ركز على رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا مي وجهودها للخروج من مأزق البريكسيت. وتكهن البعض بعقد “صفقة في الصحراء” بينها والقادة الأوروبيين لكنها لم تحدث.

جامعة الدول العربية تحولت إلى مجرد “دكان للثرثرة” فيما يتشاجر الأوروبيون حول النهج الأفضل للتعامل مع الهجرة غير الشرعية.

وفي تقييمه للقمة الأوروبية-العربية يقول وولش إنها لم تؤد لنتائج ملموسة. إلا أن قادة اوروبا عبروا عن تقوية مجال التأثير في وقت ملأ فيه الروس والصينيون الفراغ الذي تركته الولايات المتحدة. وقال تاسك: “لسنا هنا للتظاهر بأننا نوافق على كل شيء” و”لكننا نواجه تحديات عامة ومصالح مشتركة”. ولكن المعسكرين يواجهان انقسامات داخلية. فالجامعة العربية التي تتخذ من القاهرة مقراً تحولت إلى مجرد “دكان للثرثرة” فيما يتشاجر الأوروبيون حول النهج الأفضل للتعامل مع الهجرة غير الشرعية، رغم تراجع معدلاتها لأدنى مستوى منذ سبعة أعوام. ولم يحضر كل الزعماء العرب القمة، ورفض القادة الأوروبيون السماح للرئيس السوداني عمر حسن البشير بحضور المناسبة. ومثّل السعودية الملك سلمان، 83 عاماً في أول رحلة خارجية منذ 16 شهراً والتي شهدت تكهنات حول صحته وقدراته العقلية. وزادت الشكوك في أثناء الخطاب الذي ألقاه الملك، عندما تجاوز بعض كلمات الخطاب وتلعثم لمدة 16 ثانية قبل أن يلتفت لمساعده يسأله إن كان قد قرأ هذا الكلام. وواصل في وقت جلس فيه الحضور متجهمين قبل أن يتلعثم مرة أخرى بعد دقيقة. وانتهز السيسي المناسبة والأضواء حوله حيث نشرت صحيفة مصرية صفحة كاملة له محاطاً بالقادة الأوروبيين والعرب ليلقي خطابه الذي حذر فيه من الإرهاب ينتشر مثل “الطاعون الملعون”. في وقت تواجه فيه أساليب الإرهاب التي يتبعها لانتقادات جديدة، خاصة بعد إعدامه يوم الأربعاء تسعة شباب اتهموا بقتل النائب العام هشام بركات عام 2015.

انتزاع الاعترافات
وقالت منظمات حقوق الإنسان إن الاعترافات التي قدمها التسعة انتزعت منهم تحت التعذيب. وصدرت عليهم أحكام في محاكمات هزلية. ودافع السيسي عن الإعدامات في خطابه عندما قال: “عندما يقتل إنسان على يد الإرهاب تطالبني العائلات وتقول نريد العدل لهم ولأولادهم ولدمهم”. واشار وولش لافتتاحية “القدس العربي” التي اتهمت فيها القادة الأوروبيين بالمصادقة وبدون حياء على قمع السيسي. وقال تاسك إنه أصر على ضرورة اشتمال البيان النهائي للقمة على ذكر حقوق الإنسان. وفي النهاية فداعمو النظام الأقوياء ليسوا في العواصم الأوروبية ولكن في واشنطن، فعندما زار وزير الخارجية مايك بومبيو القاهرة الشهر الماضي قام بكيل المديح للرئيس المصري دون أن يتطرق إلا من بعيد لحقوق الإنسان. وفي النهاية فقمة شرم الشيخ تعتمد على ما ستقوم به الدول الأوروبية كما علق أندرو سترولهين، مدير الإعلام في فرع هيومان رايتس ووتش الأوروبي “فنحن لم نقل إلا نادراً إنه يجب عدم مقابلة الديكتاتوريين او الرجال السيئين” ولكن “حكومة السيسي تقود عملية تعذيب منظمة قد تصل إلى جرائم ضد الإنسانية” و “فهل عدم التحدث معه سيغير هذه الحسابات؟ أو يجب مقابلته وجلب قضايا حقوق الإنسان على طاولة البحث ومعالجتها بشكل مفتوح

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *