فورين بوليسي: تصدعات في الناتو العربي.. وعدم رضا عن قيادة السعودية

نشر موقع مجلة “فورين بوليسي” مقالا للباحث حسن حسن بعنوان “التحالف العربي ينهار من الداخل”. وقال فيه
إن الرئيس دونالد ترامب بدأ قبل عامين عهدا جديدا في الشرق الأوسط كان منذ البداية كارثة على المنطقة. وأشار الباحث إلى رحلة ترامب الخارجية الأولى بعد دخوله إلى البيت الأبيض، حيث اختار السعودية كأول محطة له. ورأى حلفاء الولايات المتحدة في منطقة الخليج بالزيارة التي تمت في أيار (مايو) 2017 فرصة العمر من أجل إعادة رسم الخريطة الجيوسياسية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وذلك بعد سنوات من الانتفاضات العربية والتوتر الذي نشأ مع سلف ترامب حول التعامل مع إيران. وتمت في “القمة الإسلامية الأمريكية” مناقشة خطة طموحة للسنوات المقبلة وتحت القيادة السعودية حيث شملت على الحد من تأثير إيران ووقف السياسات الطائفية في بلدان مثل العراق ومواجهة التطرف وإحياء العملية السلمية بين العرب وإسرائيل ومواجهة نزاعات أخرى.
ويعلق حسن “بعد عامين انتج التعاون مع حلفاء المنطقة خرابا. ويمكن تتبع معظم النزاعات المسلحة في المنطقة إلى قمة ترامب، من حصار قطر الذي بدأ قبل عامين هذا الأسبوع إلى انفجار ليبيا نحو حرب أهلية ثالثة في نيسان (إبريل).
وبدلا من أن الذي عقد قبل عامين بقيادة السعودية أهدافه فإن أفراده يتحولون وبشكل متزايد ضد بعضهم البعض”.

هناك خلافات جوهرية في كيفية التعامل مع حربي اليمن وليبيا وهي التي كانت وراء خروج مصر من التحالف.
فقبل فترة انسحبت مصر من التحالف الاستراتيجي للشرق الأوسط والذي أطلق عليه “الناتو العربي” نتيجة للخلاف العنيف مع السعودية. وبحسب دبلوماسي عربي على اطلاع باللقاءات المهمة التي سبقت انسحاب مصر، فقد اعترضت القاهرة على أسلوب القيادة الذي تمارسه الرياض. فلم تقم السعودية بتحديد دور كل دولة والمهمة المحددة المطلوبة منها ضمن التحالف وتعاملت مع مشاركة دول مثل مصر كأمر واقع. وتوقع المسؤولون السعوديون من الشركاء العرب التوقيع على وثيقة بدون مناقشتها قبل تقديمها إلى واشنطن. وأكثر من هذا غضب المصريون من الطريقة التي عاملتهم فيها السعودية والإمارات كشريك صغير. وهذا نابع من الدعم المالي الذي قدمتاه لنظام عبد الفتاح السيسي بعد انقلابه على الرئيس محمد مرسي عام 2013. ويشير الدبلوماسي العربي أن هناك خلافات جوهرية في كيفية التعامل مع حربي اليمن وليبيا وهي التي كانت وراء خروج مصر من التحالف. وفي نفس الوقت هناك خلاف بين السعودية والإمارات في الملف اليمني فمصالحهما ليست متوافقة كل الوقت في هذا البلد. ويعترف المسؤولون الإماراتيون والسعوديون وإن في أحاديثهم الخاصة بهذه الخلافات. فقد احتجت أبو ظبي على خطط الرياض التعاون مع الجماعات المسلحة المرتبطة بحركة الإصلاح الإسلامية والتي لديها شبكة عميقة في اليمن وقامت بدلا من ذلك بتشكيل وتدريب ميليشيات مسلحة تابعة لها. وحاولت أبو ظبي تهميش الرئيس اليمني الذي تدعمه السعودية، عبد ربه منصور هادي المقيم الآن في المملكة.
وفي اتجاه آخر احتج السعوديون ضد ما يرونه تنازلات أو تسويات يشعرون أنهم بحاجة لعملها كي يظل الإماراتيون معهم في التحالف.

هناك خلافات جوهرية في كيفية التعامل مع حربي اليمن وليبيا وهي التي كانت وراء خروج مصر من التحالف.

وينقل الكاتب عن مصدر سعودي لديه صلات مع الدوائر المؤثرة في الرياض حديثه عن نقاش دار العام الماضي حول سياسة المملكة الخارجية وشمل على تقييم دعم الرياض للانقلاب المصري عام 2013 وحصار قطر والحرب بالوكالة في ليبيا، وإن كانت هذه التحركات تشكلت من أجل خدمة مصالح الإمارات الضيقة. ويقول الكاتب إن نهج السعودية الحالي هو عكس ذلك الذي ظهر في بداية عام 2015 عندما حاولت السعودية بناء تحالف واسع وإصلاح العلاقات مع تركيا قبل أن تجر حرب اليمن السعودية إلى فلك الإمارات.
ويقول الكاتب إن الخلافات تتزايد في داخل الكتلة التي تقودها السعودية، فدبي مثلا تعتقد أن اقتصادها تضرر بشكل مباشر بسبب النهج الإقليمي العدواني الذي تتبناه إمارة أبو ظبي. فقد أكدت دبي، وتاريخيا على أولوية تقوية التجارة والسياحة والاستثمارات وابتعدت قدر الإمكان عن الخلافات الإقليمية. ومن هنا فالحرب المستعصية في اليمن والحصار المستمر على قطار والقيود الأمنية التي تمارسها أبو ظبي داخل الإمارات لم تكن جيدة للإستثمار في الإمارة. ويقدر الخبراء أن دبي تخسر سنويا 5 مليارات دولار في مجال التجارة والشحن البحري بسبب أزمة قطر، هذا قبل أن نحسب الخسائر من السياحة والنشاطات التجارية والخسائر التي تعرض لها طيران الإمارات بسبب إجباره على تجنب المجال الجوي القطري. ويقول أندرياس كريغ، الأستاذ المساعد في كلية كينغز بلندن “بدت آثار الأزمة الخليجية والخطيرة في دبي”. ويقول: “ربما تضررت دبي من الأزمة أكثر من قطر”.
ويقول حسن إن دبي لم تعبر علنا عن سخطها من السياسة الخارجية لأبو ظبي، لكن من السهل ملاحظة التباين بين الإمارتيين وكيفية تعامل كل منها مع النزاع. فقد فهمت سلسلة من التغريدات التي نشرها حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في آب (أغسطس) وتتعلق بنهج البلد في المنطقة على أنها تغريدات مبطنة، أو هكذا فهمها مستخدمي وسائل التواصل الإجتماعي باللغة العربية. وجاءت التغريدات على شكل تأملات “علمتني الحياة” وكشف فيها الشيخ عن اهتمام دبي في السياسات المحلية وليس الإقليمية. وحتى ولم تكن هذه التغريدات لسعات أو انتقادات لأبو ظبي، فقد قدمت رؤية بديلة. وقال الشيخ في واحدة من التغريدات “الدور الحقيقي للسياسي هو تسهيل حياة الاقتصادي والأكاديمي ورجل الأعمال والصحافي وغيرهم” و “دور السياسي هو تسهيل حياة المجتمعات وحل الأزمات بدلا من بدئها وبناء الإنجازات بدلا من تفكيكها”. ويرى الكاتب أن خلافات كهذه كانت واضحة من خلال مكالمة هاتفية بين رئيس الوزراء البحريني وأمير قطر لتهنئته بحلول شهر رمضان. وبعد انتشار الأخبار أكدت وكالة الأنباء الرسمية الإتصال ولكنها نقلت عن مسؤول في الخارجية قوله وبطريقة غريبة أن تصرف رئيس الوزراء لا يمثل الموقف الرسمي تجاه قطر ولن “يؤثر على التزامات (البحرين) تجاه السعودية”. ويرى البعض أن مقاطعة البحرين لقطر هي مجرد تبعية لا تعبيرا عن مظالم حقيقية. فمملكة البحرين هي الدولة الأكثر تضررا من الحصار خاصة في مجال التجارة والسياحة والإستثمار. ولم يحظ دخول البحرين في الحصار بدعم البعض بمن فيهم رئيس الوزراء.

العيب الرئيسي في التحالف العربي هوعدم الثقة بالقيادة السعودية.

ويعتقد الكاتب أن الدينامية هذه تكشف عن العيب الرئيسي في التحالف العربي وهو: عدم الثقة بالقيادة السعودية. ومع مرور الوقت تحاول كل دولة التأكيد على مصالحها ضد الأخرى نظرا لفشل السياسة المتزايد. وما يتفق عليه الجميع هو استمرار تحالف بالإسم والذي يسمح باستمرار السياسات الفاشلة والتورط في النزاعات. ووصف الدبلوماسي العربي الورطة هذه بـ “ورطة طباخوها كثر”، فالحرب في اليمن لا يمكن وقفها بدون اتفاق بين الإمارات والسعودية. وهذه لا تستطيع التوصل لتسوية مع قطر بدون التعامل مع المطالب الدوغمائية للإمارات لإحداث تغيير في داخل قطر والمنطقة بشكل عام. وتبدو آثار هذا النهج واضحة من خلال الفوضى التي تعم المنطقة، حيث أصبح الإنقسام والخوف متقدما على الوحدة والإستقرار، وفي النهاية فكل هذا هو الميراث البائس لأول زيارة قام بها ترامب للمنطقة قبل عامين.

شاهد أيضاً

شهداء بقصف إسرائيلي على رفح والاحتلال يرتكب 4 مجازر في القطاع

تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي شن غاراتها الجوية على مناطق متفرقة من قطاع غزة بينها مدينة رفح جنوبي القطاع، رغم تحذيرات دولية من خطورة شن عملية عسكرية على المدينة المكتظة بالنازحين، في حين تنتشر أمراض الجهاز التنفسي بينهم.