فورين بوليسي: واشنطن حاولت منع تعيين مفوضة حقوق الإنسان التشيلية بسبب موقفها من إسرائيل

كتب كولام لينتش، المساهم البارز في مجلة “فورين بوليسي” عن المحاولات التي قامت بها الولايات المتحدة لعرقلة تعيين رئيس التشيلي السابقة ميشيل باتشليت لمنصب مسؤولة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة لم تكن معجبة بمواقف الرئيسة السابقة المتعلقة بأمريكا اللاتينية وإسرائيل والإجهاض.

وقال لينتش إن إدارة دونالد ترامب حاولت بدون نحاج عرقلة تعيين باتشليت لمنصب المفوض السامي لحقوق الإنسان على خلفية مواقفها “المثيرة للقلق” من إسرائيل وأظهرت صورة لها مع “الديكتاتوريين في أمريكا اللاتينية”.

وردت في مذكرة سرية مؤرخة يوم 6 إيلول 2018 كتبتها في حينه سفيرة واشنطن بالأمم المتحدة نيكي هيلي وأرسلتها إلى الأمين العام أنطونيو غويتريش وفصلت فيها الإعتراضات الإسرائيلية

وقال الكاتب إن الجهود هذه وردت في مذكرة سرية مؤرخة يوم 6 إيلول (سبتمبر) 2018 كتبتها في حينه سفيرة الولايات المتحدة بالأمم المتحدة نيكي هيلي وأرسلتها إلى الأمين العام أنطونيو غويتريش وفصلت فيها الإعتراضات الإسرائيلية على تعيين الرئيسة السابقة للتشيلي كمفوضة لحقوق الإنسان وكذا طريقة اختيارها.

واشتكت هيلي في الرسالة من تجاهل المنظمة الدولية للأسئلة التي طرحتها الولايات المتحدة حول أهلية باتشليت للوظيفة. ومع أن المذكرة لم تطالب مباشرة بمنع تعيينها إلا أنها تظهر معارضة واشنطن الشديدة لاختيارها ومحاولة وقف عمليات التعيين حتى تقدم اعتراضاتها. ورفضت بعثة أمريكا في الامم المتحدة الرد على اسئلة تتعلق بالمذكرة لكن متحدثا باسمها قال إن مواقف واشنطن من تعيين باتشليت ليست جديدة مضيفا: “لقد قمنا بالتعبير وبالطرق المناسبة عن قلقنا بالإضافة إلى قلقنا من عملية التعيين وعلى أعلى المستويات في الأمم المتحدة ومن خلال الإتصال المباشر والخاص مع مكتب الأمين العام”.

وقال متحدث باسم الخارجية الأمريكية “يجب أن لا يكون مفاجئا قيام أمريكا بتقييم حذر لمؤهلات الأفراد الذين يتم اختيارهم لمناصب في الأمم المتحدة. وتقوم كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بهذا بناء على مصالحها ويجب أن لا يعتذر أحد على هذا”.

وأضافت المجلة أن الحملة ضد باتشليت جاءت في وقت أبدت فيه إدارة الرئيس ترامب عدوانية ضد الأمم المتحدة ومؤسساتها الضليعة بحقوق الإنسان والتي اشتكت من تحيزها ضد إسرائيل وتركيزها على انتهاكات حقوق الإنسان المفرطة في الولايات المتحدة. مع أن الأمم المتحدة تدقق في سجلات حقوق الإنسان لكل الدول الأعضاء. وطالما تصادمت الولايات المتحدة مع مفوضي حقوق الإنسان السابقين مثل الأردني زيد رعد الحسين الذي انتقد هجمات دونالد ترامب الكلامية على الصحافيين والمهاجرين.

وقررت الولايات المتحدة الخروج من مجلس حقوق الإنسان المكون من 47 دولة عضو في حزيران (يونيو) 2018 على أرضية ما قالت عداؤه لإسرائيل ولأنه مدد عضوية دول ذات سجل بشع في حقوق الإنسان.

ولكن الولايات المتحدة وجدت أخطاء في سجل باتشليت عندما كانت رئيسة للتشيلي حيث انتخبت كأول إمرأة لقيادة بلادها في عام 2006. وفي عام 2010 عملت باتشليت كمديرة لوكالة المرأة التابعة للأمم المتحدة، وهي المنظمة المسؤولة عن دعم المساواة بين المرأة. وانتخبت لمرة ثانية كرئيسة للتشيلي عام 2013 وتعرضت سمعتها للتشويه عندما اتهم ابنها بالحصول على قرض كبير من أجل شراء أرض، ومع ذلك ظل وضعها قويا داخل الدوائر الدبلوماسية.

الحملة ضد باتشليت جاءت في وقت أبدت فيه إدارة الرئيس ترامب عدوانية ضد الأمم المتحدة ومؤسساتها الضليعة بحقوق الإنسان والتي اشتكت من تحيزها ضد إسرائيل وتركيزها على انتهاكات حقوق الإنسان المفرطة في الولايات المتحدة

وبعد خطاب تسلمها منصبها شنت هيلي هجوما حادا على الزعيمة التشيلية السابقة. وقالت في بيان أصدرته يوم 12 إيلول (سبتمبر) 2018: “تواصل المفوضة السامية باتشليت فشل الماضي مما يثبت قرار الولايات المتحدة الخروج، عندما انتقدت كلا من إسرائيل والولايات المتحدة وتجاهلت في الوقت نفسه منتهكي حقوق الإنسان حول العالم”. وأضافت ” ومن المؤسف أن تواصل المفوض السامي طريق التحيز الذي سار عليه أسلافها واختارت الهجوم على إسرائيل والولايات المتحدة متجاهلة الأزمة الخطيرة لحقوق الإنسان في العالم”. ومع أن خطاب باتشليت شمل على انتقاد لكل من الولايات المتحدة وإسرائيل إلا أنها انتقدت عددا من الدول الأخرى مثل السعودية وفنزويلا والصين وإيران ونيكاراغوا.

وفي أيار (مايو) 2108 قام مسؤول طاقم هيلي ديفيد غالكوم ومساعد أمريك آخر وهو مورغان فينا بالضغط على مديرة طاقم الأمين العام للأمم المتحدة ماريا لويزا ربيريو فيوتي من اجل الكشف عما إن كانت باتشليت مرشحة أم لا “ولم يتلقيا جوابا مؤكدا” كما كتبت هيلي. وبدا واضحا أن الأمم المتحدة كانت تبحث عن إمرأة من أمريكا اللاتينية لكي تشغل منصب المفوض السامي للأمم المتحدة وبرزت باتشليت كمرشحة رئيسية. وفي منتصف تموز (يوليو) 2018 قام مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون المنظمات الدولية كيفن مولي ومستشارته البارزة ماري ستال بالحديث عن “المواقف السياسية” لباتشليت وذلك في لقاءين مع ديفيد فينت، العضو البارز في الفريق الإنتقالي لترامب والموكل بالشؤون الخارجية وهو الذي اختاره غويتريش للمساعدة في إدارة علاقات الأمم المتحدة مع إدارة دونالد ترامب. وأرسلت ستال رسالة إلى فينيت تعبر عن اعتراضها كما ورد في مذكرة هيلي بما في ذلك صور لباتشليت مع قادة أمريكا اللاتينية الديكتاتوريين. وعبرت ستال لصديق لها عن قلقها من مواقف باتشليت بشأن تشريع الإجهاض. ورد إن باتشليت كان يممن أن تكون قائدة عالمية ذات مصداقية لو لم تدع إلى تشريع الإجهاض. وأضاف إنه “من المستحيل المبالغة في ذكر هوسها بذلك الموضوع فقط”. وظل فينا، مساعد هيلي يقوم بالضغط ضد تعيين باتشليت في اجتماع مع فينيت عقد في 23 تموز (يوليو). وأخبر فينا فينيت من أن الإسرائيليين عبروا عن عدم دعمهم لتفكير الأمين العام تعيين باتشليت. وكتبت هيلي قائلة إن “فينا نقل مظاهر القلق بشأن ضعف باتشليت مع ديكتاتوري أمريكا اللاتينية وأنها لن تساعد في الموضوعات الإسرائيلية”.

وفي السادس من آب (أغسطس) كتب فينيت إلى فينا يخبره أن الأمين العام قرر تعيين باتشليت رغم التحفظات الأمريكية. لكن فينا حاول الضغط على فينيت لكي يقنع غويتريش إبطاء التعيين من أجل السماح أمام مزيد من النقاشات. إلا أن الأمم المتحدة عرضت في نفس اليوم الوظيفة عليها. وأغضبت الأخبار هيلي التي ألغت لقاءها مع غويتريش. وكتب الممثل الامريكي في المجلس الإقتصادي والإجتماعي كيلي كاري إلى فينيت”هذه ليست طريقة جيدة لبناء الثقة. وتعرف أننا لا نستطيع دعم باتشيلت في منصب المفوض العام لحقوق الإنسان، إلا أن باتشيلت كانت عينت. وحاول غويتريش تلطيف الأجواء مع كيلي مخبرا إياها إنه لم يعرف عن اعتراضات الولايات المتحدة إلا قبل يومين من صدور القرار. ولم يقنع هذا الكلام هيلي.

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *