كيف تميز اهل الاهواء؟

﴿ وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ ﴾

و معنى ذلك اذا قيل له خِفِ اللَّهَ حملته العزة، حمية الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى الْفِعْلِ بِالْإِثْمِ، أَيْ: بالظلم والعزة والتكبّر وَالْمَنَعَةُ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ: أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ لِلْإِثْمِ الَّذِي فِي قَلْبِهِ، فَأَقَامَ الْبَاءَ مَقَامَ اللَّامِ، قَوْلُهُ: ﴿ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ ﴾، أَيْ: كَافِيهِ، ﴿ وَلَبِئْسَ الْمِهادُ ﴾، أَيِ: الْفِرَاشُ و المستقر، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الذَّنْبِ عِنْدَ اللَّهِ أَنْ يُقَالَ لِلْعَبْدِ: اتَّقِ اللَّهَ فَيَقُولُ: عَلَيْكَ بِنَفْسِكَ، وَرُوِيَ أَنَّهُ قِيلَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: اتَّقِ اللَّهَ فَوَضَعَ خَدَّهُ عَلَى الْأَرْضِ تَوَاضُعًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

قال ابن عاشور:

وقوله: {وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم} أي وإذا وعظه واعظ بما يقتضي تذكيره بتقوى الله تعالى غضب لذلك، والأخذ أصله تناول الشيء باليد، واستُعمل مجازًا مشهورًا في الاستيلاء قال تعالى: {وخذوهم واحصروهم} [التوبة: 5] وفي القهر نحو {فأخذناهم بالباساء} [الأنعام: 42]. وفي التلقي مثل {أخذ الله ميثاق النبيين} [آل عمران: 81] ومنه أخذ فلان بكلام فلان، وفي الاحتواء والإحاطة يقال أخذته الحمى وأخذتهم الصيحة، ومنه قوله هنا {أخذته العزة} أي احتوت عليه عزة الجاهلية.

والعزة صفة يرى صاحبها أنه لا يقدر عليه غيره ولا يُعارض في كلامه لأجل مكانته في قومه واعتزازه بقوتهم قال السموأل:

وننكر إن شئنا على الناس قولهم ** ولا ينكرون القول حين نقول

ومنه العزة بمعنى القوة والغلبة وإنما تكون غالبًا في العرب بسبب كثرة القبيلة، وقد تغني الشجاعة عن الكثرة ومن أمثالهم: وإنما العزة للكاثر، وقالوا: لن نغلب من قلة وقال السموأل:

وما ضَرَّنَا أَنا قليل وجَارُنا ** عَزِيز وجَارُ الأَكْثَرِينَ ذَليل

و يقول أحد العلماء: «إذا قلت لصاحب الحق إذا أخطأ: أنت أخطأت الدليل، أخطأت السنة، فإنه يقبل، لأن قصده الحق، وليس قصده الانتصار لرأيه.
أما إذا قلت لصاحب الهوى: أنت أخطأت، فإنه يغضب ويشتد، وهذه علامة أهل الأهواء، أن كل واحد يريد أن ينتصر لهواه».

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *