شيخ الشباب باسكويني.. “العراب” الإيطالي الذي خدم الإسلام بالقانون

ودّع مسلمو إيطاليا أمس الخميس 24 مارس/آذار 2022 بميلانو عبد الرحمن روزاريو باسكويني، أحد أبرز مشايخ الإسلام في الديار الإيطالية خاصة والأوروبية عامة، والذي غادر الدنيا عن سن ناهز 88 عاما.

منذ اعتناقه الإسلام قبل 49 عاما، وهب باسكويني حياته لخدمة الإسلام والمسلمين في الغرب. وتشاء الأقدار أن يصبح المولود الذي عاش بالتبني في ميلانو الإيطالية، أبا روحيا متبنيا لكثير من الشباب المسلمين من أبناء الجيل الثاني.

ـ عام 1973: أعلن عبد الرحمن باسكويني اعتناقه الإسلام ليكرس حياته بعدها فقط للدعوة الإسلامية، مستثمرا معرفته بالقانون الإيطالي.

ـ عام 1977: أصدر مجلة “الرسالة الإسلامية” (Il Messaggero dell’Islam)، التي كان لها دور كبير في التعريف برسالة ودعوة الإسلام.

إصدارات الشيخ عبد الرحمن باسكويني (الجزيرة)
ـ عام 1977: ساهم في إنشاء المركز الإسلامي بميلانو ولومبارديا.

في العام نفسه أسس مع آخرين مسجد الرحمان بميلانو، الذي أقميت فيه صلاة الجنازة على جثمانه، ويشاء القدر أن يدفن في مقبرة خاصة ملحقة بالمسجد الذي شارك في بنائه.

المقبرة التي دفن فيها الشيخ عبد الرحمان (الجزيرة)
ـ عام 1989: شارك في إنشاء هيئة الوقف الإسلامي في إيطاليا.

ـ عام 1990: أسهم في تأسيس اتحاد الهيئات الإسلامية في إيطاليا.

ـ عام 1991: أسس “دار النشر القلم” التي أصبحت من التجارب الرئيسية للنشر الإسلامي في إيطاليا، ولها أكثر من 200 مطبوعة، ضمنها ترجمة معاني القرآن الكريم للراحل.

ملجأ الشباب المغترب
كان الشيخ عبد الرحمن باسكويني “يشكل لنا نحن الشباب مرجعية في ميلانو، كنا نتجه إليه من مدن مختلفة، نحو مقر المركز الإسلامي بميلانو بلومبارديا بمسجد الرحمان، حيث كنا نلتقيه”، يقول رئيس اتحاد الهيئات الإسلامية في إيطاليا ياسين لفرم للجزيرة نت.

يعتبر الفقيد منارة علمية للشباب المغترب، “كنا نحضر معه دورات تكوينية حول مسائل العقيدة والفقه، وكنا متشبثين جدا بهذا الرجل لأنه من أهل العلم والتخصص، إضافة إلى لغته الإيطالية التي كانت تساعدنا أكثر في فهم ديننا، خصوصا وأن هناك شبابا كانوا لا يجيدون فهم العربية جيدا”، يضيف ياسين لفرم.

كثير من المهاجرين، آباء الشباب المسلمين في إيطاليا، لا يطلعون بشكل واسع على ثقافة البلد المضيف والمشاكل التي قد تعترض أبناءهم، إضافة إلى العادات والأعراف التي يستقدمونها معهم بعيدا عن الإسلام، لذلك “كان للراحل دور كبير في تغطية هذا الفراغ كمرجع للشباب المسلم حيث يلجؤون إليه للمشورة، فقد كان ينهل من معين الشريعة الإسلامية السمحة”، يوضح رئيس الجمعية الإسلامية للألب محمد باهي في حديث للجزيرة نت.

لم يكن يتردد الشاب الثلاثيني ياسين لفرم في طلب العلم والمشورة من شيخه عبد الرحمن باسكويني، موضحا أن “علاقتي الشخصية مع الفقيد كانت رائعة وأثّر في كثيرا، لأنه صاحب تقوى وورع وكانت عنده إيمانيات عالية جدا، إذا جلست مع الشيخ باسكويني تشعر وكأنك في مجلس إيماني بالدرجة الأولى، وهذا ما زاد تعلقي به وحبي له”.

ويسترسل ياسين لفرم “الرجل كان بشوشا، وصاحب دعابة، يحتوي الشباب ويتفهم جميع الأسئلة التي يطرحونها”.

كذلك الشاب والفاعل الجمعوي يونس بوعويس يحتفظ بذكريات مع الشيخ باسكويني، قائلا “التقيت به فى مشاركته في إحدى الندوات عن الإسلام فى أوروبا. كان يتحدث باللغة الإيطالية والعربية المفهومة والخالية من الأخطاء اللغوية، كانت له بلاغة في الفهم والكلام حيث يجذبك بطريقة كلامه للاستماع له”.

“الشيخ باسكويني رحمه الله كان معروفا بعدم تدخله في الإسلام السياسي وعدم انخراطه في الجمعيات الإسلامية. كان هدفه هو التعريف بالاسلام”، يؤكد بوعويس.

“العراب” الذي خدم الإسلام بالقانون
اتخذ الشيخ عبد الرحمن باسكويني مسارا حقوقيا لدراسته الجامعية، مما كان له أثر على عمله الإسلامي الدعوي.

ويؤكد هذا الطرح رئيس الفدرالية العامة الإسلامية الإيطالية محمد بحر الدين في حديثه للجزيرة نت، قائلا “لا ننسى أن باسكويني كان محاميا وساعده تكوينه القانوني ورزانته وحسن التعامل في تهذيب وترشيد العمل الإسلامي وفق قوانين البلد، خاصة من خلال اتحاد الهيئات الإسلامية بإيطاليا. فقد أسهم الفقيد عبر تجربته القانونية في صياغة القوانين الأساسية لإنشاء جمعيات ومراكز إسلامية وأعمال خيرية في إيطاليا”.

الشيخ الراحل، يبدو كأنه ذلك العراب صاحب الرسالة النبيلة، الذي مهد للعمل الإسلامي وشرح فحواه ومغزاه لدى الدوائر المختصة، وفق ما يوضح بحر الدين، “لقد ساهم الرجل في نقل صورة جميلة عن الإسلام للمؤسسات القضائية والأمنية والحكومية، معرفا بالعمل الإسلامي بأنه جمعوي لا سياسي بعيدا عن التطرف أو ما يهدد الأمن العام”.

لم يكن الشيخ عبد الرحمن باسكويني مدرسًا نظريا للاهوت، بل كانت لديه موهبة نقل التعاليم الإسلامية من خلال “ممارسته اليومية التي رأيناها جميعًا في مواقفه، وابتسامته وتواضعه وحيويته، وفي نصيحته التي تتشكل من كلمات قليلة وحكيمة، كل هذا تُرجم إلى نور يسطع دائمًا على وجهه، ونطلب من الله أن ينير قبره لأن حضوره بيننا كان يضيئنا”، يقول الدكتور الطبيب والخطيب عبد الحميد زريات، أحد تلاميذ الراحل، للجزيرة نت.

المصدر : الجزيرة

شاهد أيضاً

عبد المجيد الزنداني.. حياة حافلة بالعلم والعمل والجهاد

ودع اليمنيون والأمة العربية والإسلامية يوم الإثنين 13 من شوال 1445 للهجرة، الموافق 22 أبريل 2024م علما من أعلام هذه الأمة، وكوكبا من كواكبها، وهاديا من هداتها، ورائدا من روادها، هو الشيخ عبد المجيد بن عزيز الزنداني، العالم العامل، والمجاهد والمربي، والقدوة المعلم، القرآني المحمدي الرباني، صاحب العطاءات الدعوية، والإمدادات التربوية، والجهود التعليمية، والأطوار الجهادية،