لمنع اعتناق الإسلام والمسيحية.. قانون جديد لولاية هندية يحظر التحول الديني ويفرض عقوبات على مخالفيه

بدأت حملات الهندوس ضد اعتناق بعضهم المسيحية أو الإسلام سنة 1920 تحت شعار “التطهير”، إلا أنها اشتدت منذ سنة 1981 حين أسلمت 150 أسرة من المنبوذين بجنوب الهند هربا من الاضطهاد الذي تتعرض له على أيدى الطبقات العالية من الهندوس.

نيودلهي- أثار تمرير برلمان ولاية “كارناتاكا” الهندية مشروع قانون بعنوان “منع التحول الديني” -والذي يحظر التحول من دين إلى آخر لأسباب بينها التضليل أو القوة أو الاحتيال أو الإغراء أو الزواج- جدلا كبيرا في الأوساط الدينية والحقوقية الهندية.

ويمنح القانون الجديد السلطة للحكومة الهندية بإيقاف إجراءات تحوّل الفرد لدين آخر في حال بلّغ أحد أقاربه الشرطة أو رفع دعوى تشكّك في صحة تحوله للدين الجديد.

وينص القانون على عقوبات تتضمن غرامة مالية، والحبس بين 6 أشهر إلى 10 سنوات، في حالة ثبوت أن شخصا قام بدفع آخر للتحول من دينه، طبقا للحالات التي نص عليها القانون.

وعبّر العشرات من أعضاء المجتمع المسيحي عن رفضهم لمشروع القانون الجديد؛ وذلك في مسيرة أقيمت في مدينة بنغالور -عاصمة ولاية كارناتاكا- الأربعاء الماضي.

ويأتي القانون تزامنا مع تصاعد نشاط المنظمات الهندوسية المتطرفة ضد اعتناق الهندوس للديانتين الإسلامية والمسيحية، بزعم أن هذا يتم في إطار مخطط لتحويلهم إلى أقلية ببلدهم، وأنه يحدث بتمويل غربي فيما يتعلق بالمسيحية وبتمويل خليجي فيما يتعلق باعتناق الإسلام.

وتتهم هذه المنظمات المسلمين بالتآمر لتحويل الهند إلى دولة إسلامية من جديد، من خلال تحويل الدين وأيضا بتكاثرهم الطبيعي، حيث تزعم المنظمات أن المسلمين أصبحوا أكثر من الهندوس، بخلاف البيانات الرسمية حول توزيع السكان.

اسم القانون رسميا هو “قانون كرناتاكا لحق حرية الدين لسنة 2021″، ولكنه يُعرف عامة بـ”قانون منع التحول الديني”. ويهدف إلى منع تحول الهندوس الى الإسلام والمسيحية، وخصوصا منع زواج المسلمين والمسيحيين من هندوسيات.

وينص على شروط لتغيير الديانة؛ منها أن يتقدم الراغب في ذلك بطلب قبل شهر من رغبته بتغيير الديانة، ويقوم القاضي بنشر الطلب بما يمكّن أي شخص الاعتراض عليه خلال شهر. وفي حال أي اعتراض، تُعيّن لجنة رسمية للتحقيق في دوافع تغيير الديانة.

ولو قرر القاضي أن تغيير الديانة غير قانوني، فسيحيل الأمر للشرطة لتقوم بالإجراءات اللازمة. أما إذا وجد أن طلب تغيير الديانة قانوني، فسيأمر بإعادة تصنيف الشخص في السجلات الحكومية، وهو ما سيؤثر على قروضه البنكية وعلى وظيفته الحالية وقد يُحرم منها، كما سيجب عليه تسديد الديون قبل أوانها.

ولو ثبت أن تغيير الديانة قد تم لغايات الزواج أو التعليم أو العلاج المجانيين أو توفير وظيفة، فستقوم السلطات بتغريمه 25 ألف روبية (الدولار= 74 روبية تقريبا) وسجنه من 3 إلى 5 سنوات.

وتُضاعَف الغرامة ومدة السجن لو كان الشخص الذي تم تغيير ديانته طفلا أو امرأة، أو شخصا ينتمي إلى طبقة من “الطبقات المصنَّفة”؛ أي لو كان من “المنبوذين” (وهم أكثر من يغيرون دينهم هربا من الاضطهاد على أيدي هندوس الطبقات العالية).

ما عقوبة من ينظّم تغيير الديانة بـ”صورة جماعية”؟
تغيير الديانة بـ”صورة جماعية” يعني تغيير دين 3 أشخاص أو أكثر. ويعرّض المسؤولين عنه للغرامة بـ100 ألف روبية والسجن من 3 إلى 10 سنوات. كما سيكون على المتهم أن يدفع “تعويضا” للذي كان سيغير دينه بقيمة نصف مليون روبية، إلى جانب أي غرامة أخرى قد تفرضها المحكمة. ومن يعيد ارتكاب هذه “الجريمة” سيعاقب بغرامة مضاعفة والسجن 5 سنوات.

وينص القانون أيضا على إيقاف كل مساعدة أو معونة حكومية لأية منظمة تقوم بتغيير الديانة. وسيكون على المتهم أن يثبت براءته بدلا من مسؤولية النيابة عن ذلك.

هل هناك معارضة للقانون؟
يُعتبر القانون الأسوأ من بين كل القوانين المماثلة التي سُنّت في الهند حتى الآن. وقد نددت به شخصيات عامة وأحزاب معارضة. وقال شيفا كومار رئيس حزب المؤتمر بولاية كرناتاكا إن حزبه لو عاد إلى السلطة فسيبادر الى إلغائه.

وشاركت نحو 40 منظمة وجمعية بمظاهرة كبيرة في بنغالور عاصمة الولاية في 24 ديسمبر/كانون الأول الجاري تنديدا بالقانون.

نشطاء الآر.ايس. ايس. يرفعون العلم الهندوسي الأصفر فى إحدى المناسبات (من موقع “بانج جانيا” جريدة الآر.ايس.ايس)نشطاء منظمة “آر إس إس” يرفعون العلم الهندوسي الأصفر في إحدى المناسبات (موقع “بانغ جانيا” جريدة آر إس إس)
هل قامت ولايات أخرى بسن قوانين مماثلة؟
قبل تشريع قانون كرناتكا، قامت ولايات أروناتشال براديش (1978)، وغوجرات (2003)، وأوديشا (1967)، وهيماتشال براديش (2006)، ومادهيابراديش (1968)، وجهارخاند (2017)، وتشاتيس كره (1968)، وأوتار براديش (2021)، وراجستهان (2006)، وتاميل نادو (2002)، وأوتاراخاند (2018) بسن قوانين مماثلة. ولكن قانون كرناتكا يعتبر أسوأ هذه القوانين وأشدها.

هل هذا القانون يتناغم مع الدستور الهندي العلماني؟
بالعكس، يصطدم القانون مع المادة (25) من الدستور الهندي الذى يكفل حرية الأديان، وحق المواطن الهندي في نشر ديانته. وهذه القوانين تنطلق من افتراض أن المرأة والمنبوذين والقبليين لا يملكون ما يكفي من العقل لمعرفة ما يناسبهم، ولا يمكنهم تغيير ديانتهم إلا لو كان هناك إغراء من نوع ما.

هل هو قانون مرحلي أم أنه سيستمر؟
وضعت الحركة الهندوسية السياسية هذه القضية على رأس أولوياتها. فقد أقسم موهان باغوات رئيس منظمة “آر إس إس” (RSS) -وهي المنظمة الأم التي يتبعها حزب الشعب الهندي الحاكم- أنه سيركز جهوده في السنوات القادمة على دعوة الهندوس “الذين ضلّوا الطريق” للعودة من جديد إلى البيت الهندوسي.

وكان هذا البرنامج يسمى سابقا “التطهير” ولكنهم يصفونه الآن بـ”العودة للبيت”؛ أي أن المسلم أو المسيحي الهندي الذى يعتنق الهندوسية إنما يعود إلى بيته القديم. فالمعركة إذن طويلة.

متى بدأت الحملات لمنع تغيير الهندوس ديانتهم؟
حملات الهندوس ضد اعتناق بعضهم المسيحية أو الإسلام قديمة، بدأت سنة 1920 تحت شعار “التطهير”، إلا أنها أصبحت صاخبة منذ سنة 1981 حين أسلمت 150 أسرة من المنبوذين بجنوب الهند هربا من الاضطهاد التي تتعرض له على أيدي الطبقات العالية من الهندوس.

وتحت تأثير هذا الضغط، قامت عدة ولايات بسن قوانين تحرّم تحول الهندوس إلى ديانة أخرى بحجة أن هذا يتم بالإغراء المالي أو باستغلال سذاجتهم أو لتزويج مسلم أو مسيحي من هندوسية. وبادعاء أن المسلمين يغرون الهندوسيات لتغيير ديانتهن لأجل الزواج منهن ضمن مخطط يسمى “جهاد العشق”، وهو مصطلح يردده غلاة الهندوس.

ما حقيقة التضييق على الجمعيات المسيحية والإسلامية؟
قامت حكومة ناريندرا مودي بإلغاء أكثر من 25 ألف تصريح لتلقي الأموال من الخارج، إلى جانب إلغاء تسجيل بعض هذه المنظمات. وطال هذا التضييق منظمات مسيحية وإسلامية وحقوقية. وتتعرض هذه المنظمات للمداهمات الأمنية في مختلف أنحاء الهند، بتهمة اشتغالها بتغيير ديانة الهندوس.

من أبرز المعتقلين بتهمة تغيير ديانة الهندوس؟
اعتقلت السلطات في ولاية أوتار براديش وحدها 340 شخصا بالشهور الأخيرة، غالبيتهم من الناشطين في الدعوة للدين الإسلامي، ومنهم الدكتور عمر غوتم، الذي اعتقل في يونيو/حزيران الماضي، والشيخ كليم صديقي في سبتمبر/أيلول الماضي. واعتقل معهما عشرات من مساعديهم وأقربائهم، وتم إضافة تهمة “الإرهاب” إلى التهم الموجهة إليهم حتى لا يحصلوا على إفراج بكفالة ريثما تستمر محاكماتهم.

المصدر : الجزيرة

شاهد أيضاً

استقالة رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية بعد الفشل في 7 أكتوبر

صرح الجيش الإسرائيلي في بيان اليوم الإثنين، إن رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية ميجر جنرال أهارون هاليفا، استقال، وإنه سيترك المنصب بمجرد تعيين خلف له.