بعد استئناف عمل برلمان تونس.. المرزوقي يتحدث للجزيرة نت عن المأزق الدستوري للسلطة الحالية

أثار إعلان رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي انطلاق أعمال الدورة البرلمانية، ورفض إجراءات الرئيس قيس سعيد، تساؤلات حول دلالات هذه الخطوة ومآلاتها، في وقت حذر فيه آخرون من أن تؤدي لتعميق معركة الشرعية بين مؤسستي الرئاسة والبرلمان.

ودعت رئاسة البرلمان في بيانها مساء أمس الجمعة النواب لاستئناف عملهم النيابي، “في كنف الهدوء والاحترام التام لمقتضيات الدستور والقانون، والصمود والثبات في ملحمة استعادة الديمقراطية”.

وأعلنت أن مكتب مجلس نواب الشعب في حالة انعقاد دائم، مجددة رفضها المبدئي لكل الإجراءات والقرارات التي اتخذها رئيس الجمهورية منذ 25 يوليو/تموز الماضي، فيما يتعلق بتعطيل عمل البرلمان وتجميد نوابه، واصفة إياها بالباطلة.
كلفة باهظة للرئيس
وفي حديثه للجزيرة نت، اعتبر رياض الشعيبي المستشار السياسي لرئيس البرلمان وحركة النهضة إعلان راشد الغنوشي استئناف الدورة النيابية الجديدة بأنها خطوة تؤكد مجددا عدم الاعتراف بما حصل يوم 25 يوليو/تموز الماضي، والتمسك بمقتضيات الدستور ومكاسب الديمقراطية.

وشدد على وجود شبه إجماع بين كل النواب على أن ما قام به قيس سعيد غير دستوري وغير قانوني، لافتا إلى أن مكتب المجلس سيضع لاحقا رزنامة عمل في علاقة باجتماعات المجلس وقراراته.

وبخصوص آليات عمل البرلمان في ظل استمرار إغلاق مقره واستحالة عقد الجلسات الحضورية، أكد الشعيبي أن مكتب المجلس أقر قبل “انقلاب” 25 يوليو العمل بالإجراءات الاستثنائية بسبب جائحة كورونا والتي تسمح للنواب بالاجتماع عن بعد.

ولفت إلى أن ما قامت به السلطات من حجب الموقع الإلكتروني الرسمي للبرلمان، وتعطيل بعض التطبيقات التي يتواصل بها النواب فيما بينهم، لن يكون عائقا في استئناف اجتماعاتهم عن بعد.

البرلمان التونسي مغلق منذ إعلان الرئيس سعيّد يوم 25 يوليو/تموز الماضي عن إجراءات استثنائية (الأوروبية)
وأشار مستشار الغنوشي إلى أن رئيس الجمهورية يعيش مأزقا حقيقيا بعدم قدرته دستوريا على حل البرلمان ولا تعطيل أشغاله، موضحا أن دستور 2014 نصّ على أن حل المؤسسة التشريعية يكون فقط حين يرفض البرلمان المصادقة في مناسبتين متتاليتين على الحكومة وهذا لم يحدث، حسب قوله.

وأضاف “الديمقراطية في كل العالم تعني وجود برلمان يمثل إرادة الشعب، والتمادي نحو حله بشكل نهائي سيدفع كلفتها قيس سعيد غاليا من الناحية السياسية والإعلامية، بالتالي هو يكتفي الآن بتعطيل عمله وتجميد نوابه”.

وشهد محيط البرلمان يوم أمس الجمعة حالة من الاستنفار الأمني وإغلاقا لجميع مداخله، بعد إعلان مجموعة من النواب عزمهم الالتحاق بوظائفهم ورفضهم تواصل إغلاق المؤسسة التشريعية.

وقام محتجون رفعوا شعارات مساندة للرئيس قيس سعيد ومناوئة للبرلمان ورئيسه بالاعتداء لفظيا على النائب عن حركة النهضة محمد القوماني خلال التحاقه بمقر البرلمان، مما دفع بالوحدات الأمنية لسحبه نحو سيارة شرطة بهدف حمايته.

مأزق دستوري
وفي تصريح خاص للجزيرة نت، قال رئيس الجمهورية السابق المنصف المرزوقي إن السلطة الحالية أضاعت على نفسها فرصة للخروج من المأزق الذي وضعت نفسها فيه، وأعطت حجة ضدها بمخالفتها الدستور من خلال منعها النواب من الدخول إلى البرلمان.

ووصف المرزوقي قرار عدد من النواب استئناف مهامهم بالأمر المحمود وبأنه دليل على تحملهم المسؤولية في إنقاذ شرفهم المهني والشخصي، وبأنه رفض لأي محاولة لوأد المؤسسة البرلمانية وما تعنيه من رمزية سياسية وتاريخية.

وقدر المرزوقي أن استئناف عمل المجلس واعتباره في حالة انعقاد دائم بالخطوة التي من شأنها إحراج سعيّد أمام الرأي العام الدولي، مشددا على أن “كل الدول الديمقراطية نشأت في صراع بين الحاكم المنقلب والمستبد والبرلمان، وأن الدفاع عن هذا الكيان التشريعي هو بالضرورة دفاع عن الديمقراطية”.

وحول المخاوف التي طرحها البعض من سيناريو التنازع على الشرعية بين قصر قرطاج والبرلمان، اعتبر المرزوقي أن ذلك يتحمله قيس سعيد شخصيا بتقسيمه الشعب وتفتيته لمؤسسات الدولة.

رفض لقرارات الغنوشي
على الجانب الآخر، أعلنت مجموعة من النواب عن رفضهم دعوة رئيس البرلمان استئناف عمله، حيث وصفت النائبة عن حركة الشعب ليلى حداد البيان بالساقط شكلا ومضمونا وبأنه غير ملزم إلا لشخص الغنوشي وأصدقائه، وفق تعبيرها.

وفي تصريح للجزيرة نت، قال النائب عن حزب “تحيا تونس” وليد الجلاد إن دعوة رئيس المجلس لاستئناف أعماله هي “خارج التاريخ والجغرافيا”.

وشدد على أن البلاد لا تحتاج في هذه الفترة الدقيقة أي تصعيد من أي جهة كانت، بل تحتاج لتغليب صوت العقل والحكمة.

وحذر الجلاد من أن مثل هذه الدعوات من شأنها أن تزيد في منسوب العنف، مستدلا بحادثة الاعتداء اللفظي على النائب في حركة النهضة محمد القوماني من قبل بعض أنصار الرئيس قيس سعيد أمام البرلمان.

ولم يخف المحدث مخاوفه من وصول الأزمة السياسية إلى ما يشبه السيناريو الليبي بإقرار شرعيتين تتنازع فيما بينهما، شرعية في قصر الرئاسة بقرطاج وأخرى في رئاسة مكتب البرلمان.

واتهم الجلاد رئيس البرلمان راشد الغنوشي بأنه المسؤول الأول عما وصلت إليه الأزمة السياسية في تونس والتي انتهت بإغلاق البرلمان، وبأنه كان عنصر أزمة وعدم استقرار خلال إدارته رئاسة المجلس وزعزعة ثقة التونسيين في مؤسستهم التشريعية.

واعتبر بالمقابل أن رئيس الجمهورية يتحمل جزءا من المسؤولية بانحرافه بقرارات 25 يوليو/تموز الماضي، التي ساندها حزبه، وإعلانه العمل بالأمر الرئاسي رقم (117).

المصدر : الجزيرة

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".