خلافة الصديق في القرآن

بعض العلماء استنبطوا من بعض آيات القرآن الكريم أحقية أبي بكر الصديق بالخلافة واستنبطوا أن خلافته كانت خلافة حق:
– علق أبو بكر بن عياش رحمه الله على الآية الكريمة: { *لِلْفُقَرَاءِ المُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ*} [الحشر: 8]. قال أبو بكر بن عياش رحمه الله: من سماه الله صادقًا ليس يكذب، والمهاجرون قالوا: يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو خليفة حقًّا لا يكذبوا. علق ابن كثير رحمه الله على هذا الاستنباط فقال: استنباط حسن.
– وقال الإمام الرازي رحمه الله في تفسيره للفاتحة أن قوله سبحانه وتعالى: { *اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ*} [الفاتحة: 6،7]. فيه إشارة إلى اتباع الصديق رضي الله عنه، ومن ثَم استخلافه، قال: إن الله يأمرنا أن نطلب الهداية إلى طريق الذين أنعم عليهم الله، ومن هم الذين أنعم الله عليهم؟ فسرها ربنا في سورة النساء يقول:
{ *وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا*} [النساء: 69]. فهذه هي الأنواع التي أنعم الله عليها، والتي أمرنا الله بطلب الهداية إلى طريقها، ولم يعد هناك أنبياء بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلزم أن نكون مع الصديقين. ويقول الرازي: إنه لا شك أن الصديق رضي الله عنه هو رأس الصديقين ورئيسهم، ومن ثَم فإننا أمرنا أن نتبعه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
– وقال الحسن البصري رحمه الله فيما رواه البيهقي في قوله تعالى: { *يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ*} [المائدة: 54]. قال الحسن البصري: هو والله أبو بكر وأصحابه، لما ارتدت العرب جاهدهم أبو بكر وأصحابه حتى ردوهم إلى الإسلام. – وقال قتادة تعليقًا على نفس الآية: كنا نتحدث أن هذه الآية نزلت في أبي بكر وأصحابه.
– وهناك آية علق عليها كثير من العلماء تعليقات كلها تشير إلى خلافة الصديق رضي الله عنه، هذه الآية في سورة الفتح هي: { *قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا*} [الفتح: 16]. فالقوم الذين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ذاهب إلى مكة في عام الحديبية نزل فيهم هذا القول من الله سبحانه وتعالى، يقول فيه الله سبحانه وتعالى لهم: ستدعون إلى قوم أولى بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون، فالله سبحانه وتعالى سوف يعطيهم فرصة أخرى للخروج للجهاد، بعد تخلفهم في الأمر الأول، وبعد نفاقهم، وقولهم شغلتنا أموالنا وأهلونا، إذن سيدعى هؤلاء إلى قتال شديد سيأتي بعد زمن الحديبية. من الذي يدعوهم إلى هذا القتال؟ قال القرطبي رحمه الله والزمخشري في الكشاف وأبو الحسن الأشعري رحمه الله: إن الداعي لهم ليس النبي صلى الله عليه وسلم، وأن القوم الذين سيدعون لقتالهم ليسوا هوازن وثقيف كما قال بعض المفسرين، والذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في حنين والطائف، لماذا؟ لأن الله سبحانه وتعالى أمر رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم أن يقول للمنافقين المخالفين الذين لم يشتركوا معه في القتال: { *فَإِنْ رَجَعَكَ اللهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الخَالِفِينَ*} [التوبة: 83]. إذن أُمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يدعوا هؤلاء المخلفين إلى القتال، فمن هم يا ترى القوم ألو البأس الشديد،

شاهد أيضاً

مقال بموقع بريطاني: هذه طريقة محاسبة إسرائيل على تعذيب الفلسطينيين

ترى سماح جبر، وهي طبيبة ورئيسة وحدة الصحة النفسية في وزارة الصحة الفلسطينية، أنه وسط تصاعد حالات تعذيب الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، هناك حاجة ملحة إلى قيام المتخصصين في مجال الصحة بتوثيق مثل هذه الفظائع بشكل صحيح.