البيان الختامي لمؤتمر الامة في مواجهة غلاة التبديع

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وآله وصحبه ومن اهتدى
بهديه أجمعين
أما بعد:

ُ فإن الله تعالى قد تكفل بحفظ دين الاسلام كما في قوله جل في علاه:
“إن نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون” (الحجر: 9)
وكان من نعمته سبحانه أن يسر له رجالا يتعاقبون على صيانته من
التحريف والتبديل حتى تبقى حجة الله قائمة على خلقه الى يوم القيامة، اتصفوا بصفات الخيرية
التي ذكرها النبي صلى اهلل عليه سلم في قوله
يحمِلُ هذا العِلمَ من كلِّ خلَفٍ عدولُه، ينفونَ عنهُ}
تحريفَ الجاهِلينَ ، وانتحالَ المبطلينَ ، وتأويلَ الغالينَ} ، وقد وضع صلى الله عليه وسلم قواعد
وضوابط لامته من بعده يسير عليها هؤلاء العدول الثقات، ومنها:
أنه صلى الله عليه وسلم بين مفهوم البتداع في الدين فقال
من أحدث في أمرِنا هذا ما ليس منه}
فهو رَدٌّ} وحذر من الولوج فيه فقال:{إياكم ومحدثاتِ األمورِ ؛ فإن كل محدثةٍ بدعةٌ، وكل بدعةٍ ضاللةٌ{.
وعلى هذه الضوابط توالى علماء الإسلام وفقهاؤهم حتى ظهرت في العصور المتأخرة طائفة زعمت
زورا أنها تنتسب لمنهج السلف الصالح وابتدعت قواعد جديدة خالفت فيها منهج الأولين ، وحكمت من
خلالها على الدعاة والعلماء والمؤسسات الدعوية بالضلال والهلاك، وشغلت المسلمين ببعضهم؛ حتى
وصل الامر لقطع الرحم، وسفك الدماء بين أبناء الامة الواحدة .
ومن أجل بيان خطر هذا المنهج الضال فقد تداعى علماء الامة ومؤسساتها العلمية والدعوية لعقد
مؤتمر يبين انحراف هذا المنهج عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وخطره على الامة، وصرفه لها عن
وظيفتها الاساسية في تمكين دين الله في الارض، و تضمن هذا المؤتمر عددا من الندوات والورش للحوار
والنقاش على مدى أربعة أيام متتالية، بينت بالتفصيل كيف نشأ هذا المنهج وانحرف عن رسالة
الإسلام الصحيحة، وخطر انتشاره وتأثيره على الأمة الإسلامية جمعاء، وعلى صورة الإسلام عند الامم
الأخرى .
وفي ختام المؤتمر بين المشاركون للأمة مايلي :

1)أن البدعة مصطلح شرعي له ضوابط وأصول عند أهل السنة والجماعة أخذها الخلف عن السلف
وهي تخالف ما يدعيه غالة التبديع والتصنيف .

2 )أن النصيحة للحاكم المسلم وطاعته فيما أمر الله تعالى من أصول أهل السنة والجماعة، وأننا ندعو
له بالصالح، ولكن لنطيعه في معصية، ونأمره بالمعروف، وننهاه عن المنكر، وفق تلك الأصول ،
ولنبرر له معاصيه كما ذهب إليه غالة التبديع والتصنيف، والنصيحة العلنية مشروعة بحسب
الاحوال والمصلحة والوسائل الشرعية.

3 )أن الاصل في عِرض المسلم أنه مصونٌ، ليجوز الخوض فيه الا لضرورة تقتضي ذلك يقدرها أهل
العلم، وما كان في كتب المتقدمين من كامل في علم الجرح والتعديل كان بالحد الذي يحفظ به هذا
الدين. يقول ابن تيمية رحمه الله : “وإذا اجتمع في الرجل الواحد خير وشر، وفجور وطاعة،
ومعصية وسنة وبدعة، استحق من المعاداة والعقاب بحسب ما فيه من الشر”.

4 )أن تتبع عورات الناس، وزلت أهل العلم، واختبار الناس وامتحانهم في عقائدهم لايمت الاسلام
السنة بصلة، قال ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى ]32 /239″ :]ليس لاحد أن يتبع زلت
العلماء، كما ليس له أن يتكلم في أهل العلم والإيمان الا بما هم له أهل؛ فإن الله تعالى عفا
للمؤمنين عما أخطأوا كما قال تعالى: ﴿رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِن نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ قال الله : قد فعلت “.

5 )أن هذه الفئة وافقت الخوارج في الحكم على مخالفيها بالضالل والهالك، ووافقت الباطنية في
الموقف من الحكام؛ فهم يأمرون بطاعة حاكم ويفتون بالخروج على آخر على حسب ما تقتضي
مصالحهم وأهواؤهم دون بيان، ووافقت الرافضة في جعل الحق يدور في فلك أئمتهم ومشايخهم
كأنهم معصومون .

6 )أن هذا المنهج يخالف منهج أهل السنة والجماعة، وأن ما تدعيه هذه الطائفة من النتساب لمنهج
السلف الصالح والباطل، وأن السلف رضي الله عنهم بريئون من هذا الفكر. و أن الغلو في التبديع
ليس قاصرا على فئة مدخولة تنتسب إلى السلفية لتهدمها، وإنما تسبقهم وتلحقهم فئات غالية تنتسب إلى فرق عقدية عقالنية معاصرة كاألحباش، وخارجية كالدواعش، ومسلكية كغالة
الصوفية.
7 )ندعو أتباع هذا المنهج إلى الرجوع عما هم فيه ، والتوبة عن الخوض في أعراض العلماء، ونحذرهم
من وعيد الله في الدنيا والاخرة، كما قال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر رحمه اهلل: “إن لحوم
العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة؛ فإن من أطلق لسانه في العلماء
بالثلب ابتلاه الله تعالى قبل موته بموت القلب “.
• أن يقوم علماء الامة ودعاتها بالتصدي لهذا المنهج الغالي، والتحذير منه، وبيان مخالفته لمنهج
أهل السنة والجماعة.
• إعداد الدراسات والأبحاث التي ترصد هذا الفكر وتبين انحرافه وآثاره السلبية على الأمة الإسلامية .
• الدعوة إلى إشهار منتدى علمي دائم يضم العلماء والدعاة والمؤسسات العلمية من مهامه التصدي
لمنهج غلاة التبديع والتصنيف والدعوة إلى الوسطية والعتدال والتزام منهج أهل السنة والجماعة.
إشهار مركز مشكاة المتخصص في مواجهة غلاة التبديع لتاهيل كوادر متخصصة في هذا المجال.

نسأل الله تعالى الهداية والسداد والعصمة وسلوك سبيل الرشاد؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وآخر دعوانا أنِ الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن
اقتدى به إلى يوم الدين

األربعاء 10 محرم 1443 املوافق 18 أغسطس 2021

شاهد أيضاً

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل رقيب وصواريخ المقاومة تدك غلاف غزة

أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي مقتل رقيب احتياط في معارك شمال قطاع غزة، وفي حين تواصل المقاومة الفلسطينية عملياتها ومنها إطلاق صواريخ على مستوطنات إسرائيلية في غلاف غزة، تستعد قوات الاحتلال لشن عمليات في بيت لاهيا شمالي القطاع.