عالم الاجتماع ميشو بيلير.. تظاهر باعتناق الإسلام وحفظ القرآن وتزوج من مغربية

المؤرخ والسوسيولوجي الفرنسي ميشو بيلير، الذي عاش قرابة نصف قرن بين المغاربة كواحد منهم، يأكل ما يأكلون ويلبس ما يلبسون، ويرتاد ما يرتادون من أسواق ومواسم، وزوايا ومساجد، يتحدث لغتهم ويتزوج من نسائهم. يقرح لأفراحهم ويحزن لمآسيهم… الفرق الوحيد هو أن ميشو بيلير كان يضمر أشياء لم يُفصح عنها لؤلائك المحيطين به من عامة المغاربة؛ فقد كان ينقل عادات المغاربة وسلوكاتهم، وطرق عيشهم، وتفاصيل اعتقاداتهم، وأساليب تنظيمهم، وأصول عائلاتهم… ثم يدونها لإطلاع من وضعوه لهذه المهمة على تفاصيلها.

وبدلا من أن تبعث فرنسا جواسيس ورجال استخبارات لمدها بتقارير مبتسرة وسطحية، أرسلت علماء من مختلف التخصصات العلمية، لم يتوانوا عن زيارة أبعد المناطق المغربية، مهما كانت خطورة سكانها وصعوبة مسالكها، وكان أهم شيء يُسهل مأمورية اندماج هؤلاء العلماء وسط “السكان الأصليين” هو ارتداء ملابس “الأهالي” والأكل من موائدهم، ثم، وهذا هو الأهم، ممارسة طقوسهم.

سوف يطأ، سنة 1884، العالم السوسيولوجي والمؤرخ إدوارد ليون ميشو بيلير أرض طنجة. اشتغل ميشو بيلير، في البداية، ممثلا للشركة التجارية “Comptoir Générale Français” وبعد استقراره بمدينة القصر الكبير أصبح يراسل جريدة “Le Réveil du Maroc” التي كانت تصدر من طنجة. شيئا فشيئا دمج ميشو بيلير بن ساكنة طنجة، بعدما سكن بحي مرشان المطل على الضفة الأوروبية من حوض الأبيض المتوسط، حيث صار معروفا بين الأهالي بـ”ولد القاضي” اعتبارا لكون والده كان قاضيا بفرنسا، “أما في القصر الكبير فكان يُخاطب بـ”الحاج عبد السلام بيلار” كما أُخبرت أنه “شوهد” قبل الحماية بمدة في مدينة وزان مرتديا الزي المغربي وممتطيا حصانا وحوله جمع غفير من العوام يتبركون بتقبيل أطرافه” يقول المؤرخ عبد القادر الخلادي.

في مدينة القصر الكبير سيتزوج ميشو بيلير من امرأة “قصرية” اسمها “الحاتمية”، وسيسكن وإياها بدرب سيدي الهداجي بحي الشريعة، حسب ما حكاه لي العربي العسري، الباحث في تاريخ مدينة القصر الكبير .

بعدما قضى ميشو بيلير ثمان عشرة سنة في البحث السوسيولوجي، بعيدا عن أي تكليف إداري، أو أية مهمة رسمية، ستعمل الإدارة الفرنسية سنة 1907 على تعيينه على رأس “البعثة العلمية بالمغرب” وهو الاسم الذي كانت فرنسا تطلقه على المجموعة المكلفة بإعداد الدراسات والتقارير حول أحوال المغاربة وطرق عيشهم وبنياتهم الاجتماعية والاثنولوجية .

واستمر على هذا الحال إلى حدود سنة 1925، حين “اختارته الإقامة العامة لتسيير القسم الاجتماعي التابع لها وعينته مستشارا في الشؤون الأهلية، فسكن بسلا (بدار البزاز) قرب الجامع الكبير فجعل من منزله مقرا لأعماله ونظّم في بعض غرفه خزانة للكتب والمراجع والوثائق التي كان قد أتى بها من طنجة وبقي منكبا على الدراسة وإعداد التقارير والمحاضرات ويتردد من حين لآخر على الإقامة العامة إلى أن توفي بتاريخ 13 مارس 1930” يضيف المؤرخ عبد القادر الخلادي.

شاهد أيضاً

أم على قلوب أقفالها؟

القرآن الكريم كلام الله تعالى، وهو أفضل وأعظم ما تعبد به وبذلت فيه الأوقات والأعمار، إنه كتاب هداية وسعادة وحياة وشفاء وبركة ونور وبرهان وفرقان،