“وأَعِدُّوا” للمعارك القادمة

#رسالة_المنبر ١٨-٥-٢٠٢١م
د. محمد سعيد بكر
خطبة الجمعة المقترحة لهدا الاسبوع

قتلٌ للأبرياء وإراقةٌ للدماء، هتك للإرادات واغتصاب للمقدسات، ونهبٌ للثروات، كل ذلك بأيدٍ يهودية حاقدة ، وأسلحة صليبية كافرة، ورعاية عربية رسمية متخاذلة، وضعف شعبي ذليل .. لن يكون آخره ما جرى لإخوانكم في غزة والقدس، ولا ما جرى قبله في بغداد والشام، ولا في غيرها من بلاد الإسلام .. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
لن أمنع دموع المخلصين منكم، ولا لوعة قلوبكم، ولكن واجباً أعظم من ذلك مرهونٌ بكم، فأنتم المرابطون على مختلف الثغور ف “اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” (آل عمران: 200).
نحن أمة عمل لا أمة خمول وكسل، أمة قدرها أن تُحوَِّل الألم والجراح الى أمل وأفراح .. بالجد والعمل والكفاح.
روى البخاري أن رجلاً من أهل البادية أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: (متى الساعة قائمة؟، قال: ويلك، وما أعددت لها؟ قال: ما أعددتُ لها إلا أني أحبّ الله ورسوله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك مع من أحببت) .. يا أمة تشتهي الكرامة والعزة، ماذا أعددتِ لها؟
يا أمة تشتهي الصلاة في المسجد الأقصى، ماذا أعددت لها ؟
يا أمة تشتهي الثأر لديـن الله ماذا أعددت لها؟
نتحدث عن فريضة غائبة أو مغيبة عن سبق إصرار وقصد وترصُّد .. إنها فريضة الإعداد والتجهُّز للجهاد في سبيل الله.
في الوقت الذي كلّف فيه ربنا سبحانه إخواننا في فلسطين بقوله “قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ” (التوبة: 14)، كلفنا سبحانه نحن المرابطين على الثغور بقوله: ” وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبون بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُم” (الأنفال: 60).
إننا اليوم في فترة هدوء يسبق العاصفة.
إن عدونا يتربص بنا ” قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا” (طه: 135).
إن الإعداد في حقّ الطالب بين يدي قُرب الامتحان واجب، فكيف بنا وقاعات الامتحان من حولنا قد امتلأت، ودَورنا قريب قريب.
لئن عجزنا عن تلبية نداء الله تعالى القائل لنا “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ” (التوبة: 123) فلا أقل من أن نعدَّ أنفسنا لساعة قد يحلُّ فيه العدو عقر الدار في أي وقت – لا سمح الله – .
ونحن – والله – لا نحب لقاء العدو ولا نتمناه، ونرجو لأوطاننا السلامة والأمان، روى أبو داود بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف).
نحن لا نحب لقاءهم ولكنَّ ضعفنا يغري عدونا للنزول بساحتنا، فهذا كل طاغية أثيم ينادي في حِلفه المشؤوم “فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفّاً وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى” (طه: 64) .. فيا من تزعمون حب الوطن هل أعددتم جيلا يحمي الوطن؟
الإعداد والاستعداد للجهاد واجب الوقت وكل وقت .. وهو ضرورة لأننا نستشرف به حتمية الصراع التي أخبرنا عنها النبي صلى الله عليه وسلم يوم قال كما عند الإمام مسلم: (لتقاتلن اليهود فلتقتلنهم، حتى يقول الحجر: يا مسلم هذا يهودي ورائي، تعال فاقتله).
الإعداد والاستعداد للجهاد ضرورة لأنه يحميك من آفة النفاق، قال تعالى: “إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرا” (النساء: 145) .. نعم؛ فالمنافق لا يجاهد ولا ينوي جهادا، وهو لا يقدم لذلك استعدادا .. روى مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من مات ولم يغز، ولم يحدّث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق).
واسمع قول ربك صريحاً وهو يفضح المنافقين بقوله: “وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً” (التوبة: 46).
محروم من لم يتلبس بجهاد أو نية جهاد، روى البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية )، إن الأمر خطير جدُّ خطير، وإننا إذا تركنا الجهاد والإعداد فإننا نخشى على أنفسنا أن نكون من الذين “كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ” (التوبة: 46).
الإعداد شرط لصحة الجهاد كما الوضوء للصلاة، وما نعلم إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يُقدم على جهاد من غير إعداد، وما صبره على الدعوة بمكة وهجرته الى المدينة إلا طرَفٌ من إعداده لمرحلة الإذن الرباني له بالقتال:
“أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ” (الحج: 39).
فالإعداد صورة التوكل والأخذ بالأسباب قبل العمل: ” فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ” (آل عمران: 159).
ولقد هامت نفوسنا لشرف الإعداد ومنزلته حتى تخيلنا أنه لا فضل للجهاد على الإعداد، وكأن أجر المجاهد لا يناله إلا لما عاناه في مرحلة الإعداد والصبر والمصابرة قبل النزال، ونفسك تتشوف ليوم ترغم فيه عدو الله، هذا في أرض الإعداد أما في أرض المعركة فالأمر سهل بعد عون الله تعالى: “فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُم وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ” (الأنفال: 17).
فهنيئا لمن أعدّ روحه وقلبه، عقله وفكره، جسمه وبدنه، ولده وزوجه، أمه ووالده ،هنيئا لمن أعدّ ذلك كله للقاء أعداء الله اليهود.
كلما عظم الأمر عظُم واجب الإعداد له، فأنت تُعِدّ بيتك الصغير لاستقبال ضيفك البسيط، ولكنك تُعدّ الحيّ بأكمله لاستقبال ضيف أشرف وأعظم، ولا أعلم أن في الإسلام بعد توحيد الله تعالى أعظم من الجهاد في سبيل الله، روى الترمذي بسند صحيح عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فقال: إن شئتَ أخبرتك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ قلت أجل يا رسول الله، قال: أما رأس الأمر فالإسلام، وأما عموده فالصلاة، وأما ذروة سنامه فالجهاد).
يقول ابن النحاس الدمشقي: (وشُبِّه الجهاد بذروة سنام البعير لأن ذروة سنام البعير لا ينالها إلا أطول الناس جسدا أو مالاً، كذلك الجهاد لا يناله إلا أفضل المؤمنين سابقة ومالاً، ثم يقول رحمه لله: إن للمجاهد أجراً في نومه وأجراً في سفره وأجراً في نفقته وأجراً في نصبه وتعبه وأجراً في عطشه وجوعه وأجراً في كل حركاته) .. فهل أعدت أمتنا لواجب الجهاد إعداداً يليق بحضرته ومقامه السامي الرفيع ؟
يا أمة الإســـــــــــــلام هبوا
واعمـــــــــلوا فالوقت راح
الكفر جمّع شـــــــــــــــــمله
فلم النزاع والانتطـــــــاح
فتجمّعوا وتجـــــــــــــهّزوا
بالمســـــــــــتطاع وبالمتاح
يا ألف مليونٍ وأين همــــو؟
إذا دعــــــــــــــــت الجراح
يا أمتي صبــــــــــرا فلَيلُكِ
كاد يُســـــــــــفر عن صباح
لا بد للكابـــــــــــــــوس أن
ينزاح عنـــــــــــــا أو يُزاح
والليل إن تشــــــــتدَّ ظلمته
نقول: الفجــــــــــــــر لاح
والفجر إن يبزغ فلا نــــــومٌ
وحيَّ علــــــــــــــى الفلاح
✅ الإعداد تعبئة شاملة وإعلان لحالة الطوارئ في البلاد، حالة الطوارئ تُعلن للذود عن حياض الإسلام لا لملاحقة علماء الإسلام والمجاهدين، نعم، حالة الطوارئ إنما تُعلن للنفير العام لا للتربص بالمؤمنين وحرمانهم نعمة الأمن والحرية .
والهدف الأصيل للإعداد هو ما بيَّنه ربنا سبحانه بقوله: “ترهبون به عدو الله وعدوكم” .. نعم، نجهز أنفسنا للقتال ونرفع من مستوى الجدية والحافزية في حياتنا المترهلة.
وأقسمُ لكم لو أن عدونا وجد فينا جدية في الإعداد ما كان ليغامر وينزل في رحالنا.
الإعداد يكفينا مؤونة القتال – أحيانا- لأن رهبة المؤمن القوي تدبّ في صدور المجرمين فينصر الله عباده بالرعب مسيرة شهر – والله المستعان -.
إن أكثر ما يؤلم قلوبنا ويحرق رؤوسنا ما بلغ عدونا من مستويات الإعداد والجاهزية لضربنا.
صحيح أننا أكثر منهم عددا، ولكنهم أكثر عدة وأعظم إعدادا منّا، فما المفاعلات النووية والكيماوية والأسلحة المشروعة والمحرمة والراجمات البرية والبحرية والجوية التي يملكون إلا دليل على قوة سلاحهم، هذا السلاح الذي جُرّب على ظهور إخوانكم ومساجدهم في كل مكان.
أما إعدادهم البشري فحدِّث ولا حرج؛ لأن الإنسان عندهم محترمٌ، وهم ينفقون على التدريب أكثر مما ينفقون على التسليح.
لقد أصبحت مدارسهم ومعابدهم ونواديهم ثكنات عسكرية فيها الإعداد الروحي والفكري والبدني والعسكري، حتى برامج الأمومة والطفولة عندهم كلها مشحونة بمبادئ التحريض على أمة الإسلام.
إننا نحتاج إلى غذاء من نوع خاص عند مرحلة الفطام حتى لا نكلف المعدة هضم طعام عسير فترفضه، لقد تعودنا على الدعة والراحة والسكون، فلو طُلب منا الجهاد فجأة، لو طُلب منا حمل أرواحنا باليد وخوض المعارك لحلت بنا أم الكبائر- عافانا الله منها-، أتدرون ما أمّ الكبائر في الحروب:
“وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلّا مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى
فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ” (الأنفال: 16).
لا تراهنوا على أنفسكم بخوض المعارك دونما إعداد؛ لأن للمعارك فتنة لا يعلم شدتها إلا الله حتى إن الصحابة رضوان الله عليهم في موقف كرهوا القتال: ” وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ” (الأنفال: 7).
نعم ، إن للمعارك فتنة لا يصبر عليها إلا من أعدَّ لها عُدتها، ولما سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن سبب هذه المنازل الكريمة للمجاهد قال صلى الله عليه وسلم “كفى ببارقة السيوف فوق رأسه فتنة”.
يربط ربنا سبحانه كلّ أمر صعب يكلفنا به بالقدرة والاستطاعة لأنه يريد أن يخفف عنّا، فلما أمرنا بالتقوى قال “فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ” (التغابن: 16)، ولما دعانا النبي صلى الله عليه وسلم للحج قال فيما روى عنه البخاري ” لمن استطاع إليه سبيلا”، وجُعل الإعداد لصعوبته مربوطٌ بالاستطاعة فقال تعالى ” وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ” (الأنفال:60).
فكلٌ يُعدُّ نفسه ، ولا يعفى من الإعداد أحد لأننا كلنا مشمولون بقوله سبحانه في واجب الجهاد ” انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ” (التوبة: 41).
كل جهد ومال ووقت تحبسه وتعدُّه للجهاد في سبيل الله تعالى له في الميزان أجر عظيم، روى البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : “من احتبس فرساً في سبيل الله ، إيمانا بالله وتصديقا بوعده، فإن شبعه وريه وروثه وبوله في ميزانه يوم القيامة” .. فلو أنك جمعت مبلغا من المال دعمتَ به جبهات القتال المفتوحة حولنا، أو ادخرته واستثمرته باسم الجهاد حتى يأتي وقته فإن هذا من الإعداد الذي يحبه الله تعالى ويرضاه .. فلا تبخلوا على أنفسكم بالأجور إيمانا بالله تعالى وتصديقا بوعده لكم:” إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُوم الْأَشْهَادُ” (غافر: 51).
روى مسلم عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول: اسمع – يا أخي – ماذا كان صلى الله عليه وسلم يقول للمسلمين على المنابر ، اسمع حتى تعلم لمِ كانت المنابر؟: قال صلى الله عليه وسلم :” وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ، ألا إن القوة الرمي ، ألا إن القوة الرمي ، ألا إن القوة الرمي”.
ما أعظمك يا رسول الله يوم أن حصرت القوة المادية بالرماية، إننا إذا نظرنا إلى كل سلاح من أسلحة الحرب المعاصرة أو حتى المستقبلية وجدناها إنما تقوم على الرماية ، فالرصاص والصواريخ والقاذفات وغير ذلك.
ومن هنا كانت العناية البالغة بالرمي ، حتى إنه صلى الله عليه وسلم روى كما عند الإمام مسلم: (من علم الرمي ثم تركه فليس منا).
وروى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ على نفر من قبيلة أسلم ينتضلون (يتسابقون)، فقال صلى الله عليه وسلم: “ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان رامياً، ارموا وأنا مع بني فلان، قال : فأمسك أحد الفريقين بأيديهم، فقال صلى الله عليه وسلم : مالكم لا ترمون ؟ قالوا : لن نرمي وأنت معهم، فقال صلى الله عليه وسلم : ارموا فأنا معكم كلكم”.
بل إنه صلى الله عليه وسلم كان يعيب على من ترك الإعداد بالرمي حتى بعد النصر والفتح المبين ، روى مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:” ستُفتح عليكم أرضون، ويكفيكم الله فلا يعجز أحدكم أن يلهو بأسهمه”.
أي أجر عظيم يضيع منّا ؟ وأي أذى كبير يحلّ فينا، إن تركنا الإعداد؟ .. روى النسائي بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من شاب شيبة في الإسلام كانت له نورا يوم القيامة، ومن رمى بسهم في سبيل الله فبلغ به العدو أو لم يبلغ كان له كعتق رقبة مؤمنة، وكانت له فداءه من النار” .
لقد وعى الصحابة رضي الله عنهم واجب الإعداد فأعدّوا للمعارك نفوساً قوية وقلوباً تشتاق إلى الموت كما نشتاق نحن إلى آخر نَفَس في الحياة .. وأعدُّوا أجسادا صلبة لا تعرف التعب، لقد كان حذيفة وابن عمر رضي الله عنهما يتدربان على الرمي ويجريان ويركضان ولا يمشيان مشياً، وكان حذيفة يركض بغير إزار طلبا للخفة وتمرينا للجسد على التعب، وهذا إبراهيم بن أدهم من التابعين يقول لأولاده وهو على شفير الموت : (أوتروا لي قوسي، وقبض على قوسه وهو يريد التدرب على الرماية، ففاضت روحه وهو يمسك بالقوس، رجاء أن يبعثه الله تعالى في طور الإعداد للجهاد).
وركوب الخيل أو ركوب كلّ ما يصلح لأعمال الجهاد ضرورة للمجاهدين ، روى مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (ارموا واركبوا، وأن ترموا أحب إلي من أن تركبوا ).
يا وزارات الحرب أو الدفاع في بلادنا: أين منّا صناعة السلاح ؟ أم أننا ما زلنا نتسوّل سلاحنا من عدونا ، فلا يعطينا إلا كل مُهترئ ومعدوم المفعول ، محرومون أنتم من أجر تصنيع السلاح، روى أبو داود بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : “إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة : صانعه يحتسب في صنعته الخير، والرامي به، ومنبله”.
إن عدوكم يخاف ولا يستحي، فقوة الساعد ضرورة، وقوة الإيمان وأخذٌ للقرآن بقوة أساس، وقوة الفكر والعقل مهمة، لأن الحرب كما ثبت عند البخاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:” الحرب خدعة “، فأين منّا من يُعد للحرب خدعتها.
اعرف عدوك .. فهو عدو ماكر مخادع، لكنه جبان لا يقوى على المواجهات المباشرة .. واشرح صدرك واسمع قول الله تعالى وهو يبين حال المسلم المرابط في مرحلة الإعداد قبل خوض المعارك: “فَأَوْلَى لَهُمْ، طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ” (محمد:20- 21) .. وإياك ثم إياك ان تكون من الذين قال الله فيهم: “فلما كُتب عليهم القتال تولوا) .
وكن شريكاً في بناء جيل النصر والتمكين .. جيل “عباداً لنا أولي بأس شديد”.
وختاماً
أعدَّ لسـاناً لتجهر به في وجوه المعتدين ( الله مولانا ولا مولى لكم).
وأعدَّ بصـــــراً لقنـــــص المجرمين.
وأعدّ سمعاً يلبي نداء المآذن يوم ينادى بها (حيّ على الجهاد حيّ على الجهاد ).
أعدَّ زوجاً لتفكّ عنك حصــاراً كما فعلتْ نســـــــاء غزة للمجاهدين.
أعدَّ بنتك لتحزِّم نفسها بناسف تجعل به جهنم أقرب إلى الغاصب من عتبة بيتهـا.
أعدَّ ولداً يَشرُف بك إن رآك شـــــــهيدا ، ويعزم على مواصلة الطريق.
اللهم اجعلنا من الصادقين ..
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

شاهد أيضاً

مقال بموقع بريطاني: هذه طريقة محاسبة إسرائيل على تعذيب الفلسطينيين

ترى سماح جبر، وهي طبيبة ورئيسة وحدة الصحة النفسية في وزارة الصحة الفلسطينية، أنه وسط تصاعد حالات تعذيب الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، هناك حاجة ملحة إلى قيام المتخصصين في مجال الصحة بتوثيق مثل هذه الفظائع بشكل صحيح.