اتركوا الأمية وحاربوا الجهل !

بقلم : أدهم شرقاوي

يقول ماثيو ماكونهي : الشهادة ورقة تثبت أنك متعلم ، ولكنها لا تُثبت أنك تفهم !

والشيء بالشيء يُذكر . . . أحيت البشرية البارحة اليوم العالمي للقضاء على الأميّة ، وعلى الرغم أني أعاني حساسية مفرطة تجاه كثير من الأيام التي اتفقت البشرية على إحيائها ، إلا أن هذا اليوم تحديداً أراه من الأيام المجيدة ، ولا أتصور أن كائناً بشرياً سوياً قد يزعجه أن يتقن جميع قاطني هذا الكوكب القراءة والكتابة ! ولكن لا بد من نقطة نظام في المسألة ، ومن وضع بعض النقاط على الحروف فيما يخص هذا اليوم !

درج كثير من الناس على الخلط بين مفهوم الأمية ومفهوم الجهل فاعتبروهما شيئاً واحداً ، وهذا خلط شنيع ! فالأمي هو الإنسان الذي لا يعرف القراءة والكتابة ، أما الجاهل فهو الإنسان الذي يحمل بعض الجينات الحمورية وإن كان يحمل شهادة جامعية ! ومن هذا المنطلق يمكن للمرء أن يكون أمياً دون أن يكون جاهلاً ، ويمكن أن يكون أمياً وجاهلاً ، ويمكن أن يكون متعلماً وجاهلاً ، ويمكن أن يكون متعلماً مستنيرا !

وإني إذ أرفع القبعة احتراماً لمن فكر في القضاء على الأمية ، إلا أني ما زلت أنتظر ذلك الجريء الذي سيقرر يوماً ما القضاء على الجهل ! ولو تأملنا في مشاكل هذا الكوكب ، فلا نحتاج إلى كثير عناء لندرك أنها في غالبيتها العظمى من صنيعة الجهلة المتعلمين لا من صنيعة الأميين المساكين !

وبينما كان الأميون منهمكون في زراعة القمح لنأكل ، وشق الطرق لنمشي ، وصناعة الملابس لقاء أجور زهيدة لنواري سوءاتنا ، وجمع نفاياتنا لنبدو أجمل ، كأن حملة الشهادات العليا يصنعون القنابل النووية ، والصواريخ الباليستية ، والألغام الأرضية ، وإنشاء صندوق النقد الدولي لشراء الدول الفقيرة ، وإرساء النظم الاقتصادية لتبرير حتمية استعمارها !

نريد القضاء على آفة الأمية ، لأن الأمي معرض لأن يكون جاهلاً أكثر من غيره ، ولكن في المقابل علينا أن لا ننسى أن بعض الأطباء ، والمهندسين ، والمدرسين ، والاقتصاديين ، والمفتين ، والوزراء ، ومديري الشركات ، ورؤساء البلاد ، حمير مع مرتبة الشرف ، وإن وضع أحدهم حرف الدال قبل اسمه !

فالشهادة التي يحملها كائن بشري ما ، ويعلقها على جدار بيته أو مكتبه للتباهي تعنيه وحده ، ما يعنينا نحن أن نعرف : هل جعلت منه تلك الشهادة إنساناً أم لا ؟ !

شاهد أيضاً

مقال بموقع بريطاني: هذه طريقة محاسبة إسرائيل على تعذيب الفلسطينيين

ترى سماح جبر، وهي طبيبة ورئيسة وحدة الصحة النفسية في وزارة الصحة الفلسطينية، أنه وسط تصاعد حالات تعذيب الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، هناك حاجة ملحة إلى قيام المتخصصين في مجال الصحة بتوثيق مثل هذه الفظائع بشكل صحيح.