صحيفة عبرية: استعداد إسرائيلي لأيام قتال وجباية ثمن باهظ من “حزب الله” ولبنان

أحد كليشيهات كرة القدم يقول: “أنت جيد مثل مباراتك الأخيرة”. يخيل أن الجيش الإسرائيلي يسر لتبنيه هذه الجملة وتطبيقه على العملية التي أحبطت ليلة الأحد/الإثنين في هضبة الجولان. كانت من العمليات التي عمل كل شيء فيها لصالح الجانب الإسرائيلي. فقد كان العدو ضعيفاً وهاوياً، وكانت القوة التي وقفت أمامه متحفزة ودقيقة، والنتيجة النهائية حادة وواضحة، 0 – 4 دون علامات استفهام حول من فاز ومن زم ودون مؤتمرات صحافية زائدة.

ينبع هذا أولاً وقبل كل شيء من طبيعة الجبهة. فالحدود السورية، بخلاف اللبنانية، مريحة للعمل. ليس فيها قوانين واضحة، ليس فيها ردع متبادل، كل شيء فيها مسموح. والتفوق فيها للجيش الإسرائيلي على العدو هائل وغير قابل للجدال.

وهذا يجد تعبيره في حرية عمل سلاح الجو فوق سماء سوريا، وكذا في حرية العمل على طول الحدود البرية. ولأن لإسرائيل عنواناً واضحاً لجباية الثمن منه (حكومة سوريا) يجعل الحياة أسهل على الجيش الإسرائيلي، فضلاً عن أن العدو في الجهة الأخرى ضعيف وأقل تهديداً من ذاك الذي يقف في الجانب الآخر من الحدود اللبنانية.

وجد هذا تعبيره في الحادثة الأخيرة. ثمة انطباع بأن الجيش الإسرائيلي كان مستعداً لها. وجود القوة البرية من وحدة “مجلن” في المكان، و (المساعدة الجوية)، لم يكن صدفة. وكان لازماً تحكم في الزمن الحقيقي بالمعلومات الاستخبارية وبالنار لإغلاق الدائرة، مع أن العدو لم يكن مهنياً على نحو خاص: السير غير العملياتي، والوصول المكشوف إلى الجدار، والعودة سيراً بقامة مرفوعة –بدا كل هذا للحظات كجولة تنزه لشبان في إجازة، وبالتأكيد ليس كخلية إرهابية مدربة على العملية.

الاعتماد على أنفسنا فقط
سبق أن عملت خلايا في هذه الجبهة في الماضي. نجحت إحداها، وهي لدروز من قرية الخضر، في تفجير ساحة عبوات أصابت أربعة جنود، أحدهم بجروح خطرة. وثمة احتمال فتاك للعبوة الي ألقيت أمس لو انفجرت قرب قوة راجلة. فقد زرعت داخل الأراضي الإسرائيلية، في نقطة لا يقع فيها الجدار الحدودي في خط الحدود، لأسباب طبوغرافية. وعليه، فقد اشتكى الجيش الإسرائيلي من المس بسيادة إسرائيل أمام رجال القوة الدولية المسؤولين عن فصل القوات في المنطقة.

مثلما في لبنان، لن يأتي الخلاص من الأمم المتحدة في الجولان أيضاً. ويمكن للجيش الإسرائيلي بل يجب عليه ألا يعتمد إلا على نفسه. تعمل جملة من الجهات والمنظمات في هذه الجبهة – بما فيها فروع لحزب الله – وإن بدا أن هذه العملية قامت بها جهات من قوة القدس الإيرانية. وقد تكون هذه هي محاولة ثأر إيرانية على المس بمعمل أجهزة الطرد المركزي في نطنز، في بداية الشهر الماضي.

فضلاً عن حقيقة أن هذه محاولة أخرى لثأر إيراني فاشلة، يمكن لإسرائيل أن تستمد التشجيع من موضوعين آخرين: الأول هو أن إيران تبحث عن ثأر صغير، وتكتيكي، ثأر لا يجرها إلى تصعيد وإلى مناوشات واسعة مع إسرائيل. والثاني، هو أن قدرتها العملياتية في سوريا محدودة جداً، ويصعب عليها أن تنفذ حتى عمليات محلية بسيطة ظاهراً. ولكن محظور على الجيش الإسرائيلي أن يفرح أكثر مما ينبغي لهذا النجاح في الجولان. صحيح أن مباراته الأخيرة انتهت بهزيمة العدو، لكن الذي كان يقف في الجهة الأخرى لم يكن أكثر من فريق شبيبة. التحدي الأساسي الذي أمامه كان ولا يزال في الحدود اللبنانية، حيث تتواصل حالة التأهب القصوى انتظاراً لثأر حزب الله على قتل ناشطه في دمشق قبل أسبوعين.

أكواخ سياحية وحالة تأهب
لم يوضح حزب الله حتى الآن أين ومتى يعتزم العمل. يمكنه ظاهراً أن يوتر الجيش الإسرائيلي حتى الحد الأقصى… أن يجننه بالقفزات، أن يمزق أعصابه. وبالمقابل، يمكن لإسرائيل أن تجننه، وتجنن اللبنانيين. فقد كان النشر الحصري في “إسرائيل اليوم” عن تعليمات وزير الدفاع بيني غانتس ضرب البنى التحتية لدولة لبنان على كل مس بجندي أو بمواطن إسرائيلي أثار قلقاً شديداً في لبنان. فلبنان يعيش في وضع اجتماعي وصحي واقتصادي عسير، وآخر ما يحتاجه هو الحرب. وحسن نصر الله هو الآخر يقرأ الجمهور الإسرائيلي ويقظ تجاه الوضع الاقتصادي – الصحي – السياسي عندنا. في محاولة لتوازن المعادلة، أوضحت أوساط بيروت بأن ضرب البنى التحتية في لبنان مثله كمثل إعلان الحرب. وإذ يتمسك بمعادلة العين بالعين التي يستطيبها (أو للدقة الدم بالدم)، سعى ليثبت أنه لن يثأر فقط على قتل رجاله، بل سيوسع المعادلة لتشمل ضرب البنى التحتية الإسرائيلية على كل ضربة للبنى التحتية اللبنانية.

محظور على إسرائيل أن تتراجع في مثل هذه الوضعية. فلا مصلحة لها في التصعيد على الحدود الشمالية، ولكن ثمة مصلحة أقل منها لحزب الله في ذلك. إذا أراد التنظيم لعبة الدجاجة على الحدود اللبنانية فليكن. طالما تنجح إسرائيل في الإبقاء على حالة تأهب ذروة في الجيش، وبالتوازي تجري الحياة المدنية كالمعتاد حيث الأكواخ السياحية مليئة والسياحة في الشمال تزدهر – يمكن العيش مع هذا، على مدى زمن طويل أيضاً.

يحتاج هذا إلى أعصاب قوية، وصبر. وكلما مر الوقت تتردى الشرعية لعملية لحزب الله، وتبتعد عن سياقها الأصلي. وتأمل إسرائيل أن يكتفي التنظيم بعملية رمزية، وينزل عن الشجرة. وإلا؟ تستعد قيادة المنطقة الشمالية لعدة أيام قتالية، بقوى عالية، يجبى في أثنائها ثمن باهظ من حزب الله ودولة لبنان، بهدف تعزيز الردع وضمان فترة طويلة من الهدوء في الشمال.

بقلم: يوآف ليمون

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".