الأعمال الصالحة

حَدَّثَنَا عبداللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ الضُّبَعِيُّ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا وَاصِلٌ، مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُقَيْلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ قَالُوا لِلنَّبِيِّ ﷺ: يَا رَسُولَ اللهِ، ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالْأُجُورِ، يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُونَ بِفُضُولِ أَمْوَالِهِمْ، قَالَ: أَوَلَيْسَ قَدْ جَعَلَ اللهُ لَكُمْ مَا تَصَّدَّقُونَ؟ إِنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ، وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ.

الشرح المفردات

◼️(ناسا): هم فقراء المهاجرين ، كما في الرواية الأخرى.

◼️(من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم): جمع صاحب بمعنى الصحابي: و هو من اجتمع بمحمد صلى الله عليه وسلم بعد النبوة وقبل وفاته مؤمنا به ومات على ذلك ، وإن لم يره كابن أم مكتوم.

◼️(الدثور): بضم الدال و بالمثلثه ، جمع دثر بفتح فسكون ، وهو المال الكثير، بفضول أموالهم: بأموالهم الفاضلة عن كفايتهم.

◼️(تصدقون): الرواية في هذه اللفظة بتشديد الصاد والدال جميعا ، ويجوز في اللغة تخفيف الصاد.

◼️(وبكل تكبيرة صدقة): روى برفع صدقة ونصبه ، فالرفع على الاستئناف. والنصب عطف على ((إن بكل تسبيحة صدقة)) وكذلك ما بعده.

◼️(بضع): بضم فسكون ، يطلق على الجماع وعلى الفرج نفسه ، وكلاهما تصلح إرادته هنا.

◼️(وزر): إثم.

يستفاد من الحديث
: 1 – حرص الصحابة على الأعمال الصالحة وقوة رغبتهم في الخير بحيث كان أحدهم يحزن على ما يتعذر عليه من الخير مما يقدر عليه غيره. لكان الفقراء يحزنون على فوات الصدقة بالمال التي يقدر عليها الأغنياء.

▪️1 – أن الصدقة لا تختص بالمال بل ربما كانت الصدقة بغيره أفضل ، مثل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فإنه دعاء إلى طاعة الله وكف عن معاصيه ، وذلك خير من النفع بالمال ، وكذلك تعليم العلم النافع ، وإقراء القرآن ، وإزالة الأذى عن الطريق ، والسعي في جلب النفع للناس ودفع الأذى عنهم ، والدعاء للمسلمين ، والاستغفار لهم.

▪️2 – فضيلة التسبيح والتكبير و التحميد والتهليل ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

▪️3 – سؤال المستفتي عن بعض ما يخفى من الدليل ، إذا علم من حال المسئول أنه لا يكره ذلك ، ولم يكن فيه سوء أدب.

▪️4 – ذكر العالم دليلا لبعض المسائل التي تخفى ، وتنبيه المفتي على مختصر الأدلة.

▪️5 – إحضار النية في المباحات ، وأنها تصير طاعات بالنية الصادقة ،:كأن ينوي بالجماع قضاء حق الزوجة ، ومعاشرتها بالمعروف الذي أمر الله به ، أو طلب ولد صالح ، إو إعفاف نفسه ، أو إعفاف زوجته ، وغير ذلك من المقاصد الصالحة.

▪️6 – جواز القياس. وما نقل عن السلف من ذم القياس: المراد به القياس المصادم للنص.
#انتهى

الفوائد_التربوية

◼️الفائدة الأولى: التأكيد على أهمية السؤال في طلب العلمن وقد مضى في الأحاديث السابقة. 

◼️الفائدة الثانية: الإنسان يسأل عن ما يريد ولو كان أمر عظيما. 

◼️الفائدة الثالثة: طالب العلم يسأل عما يخصه من الأسئلة النافعة، ولذلك الصحابي قال “اخبرني”. 

◼️الفائدة الرابعة: السؤال يورد للعمل بالجواب ولذلك قال ” أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار”. 

◼️الفائدة الخامسة: المعلم ينبغي أن يمدح صاحب السؤال الجيد تشجيعاً له على سؤاله، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم لما سئل السؤال لقد سألت عن عظيم. 

◼️الفائدة السادسة: المعلم يستعمل بعض الأساليب في تربيته مثل:- 
– التشجيع ” لقد سألت عن عظيم “. 
– التشويق ” وإنه ليسير على من يسره الله له ” مع قوله قبل ذلك ” عظيم”. 

◼️الفائدة السابعة: أهمية الحديث، ويظهر هذا من صيغة السؤال “أخبرني عن عمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار” ومن بداية الجواب “لقد سألت عن عظيم” ولذلك جعله الإمام النووي رحمه الله من الأحاديث الأربعين لأنه يجمع أصولاً عديدة. 

◼️الفائدة الثامنة: التوفيق كله بيد الله ومن عنده سبحانه يرزقه من يشاء ويمنعه ممن يشاء ولذلك قال ” وإنه ليسير على من يسره الله له” وهذا يوجب الإلتجاء إليه سبحانه وطلبها منه وبذل الوسع في ذلك. 

◼️الفائدة التاسعة: من فضائل أركان الإسلام أنها تدخل الجنة وتباعد عن النار. 

◼️الفائدة العاشرة: دل الحديث على أن الأعمال من الإيمان. 

◼️الفائدة الحادية عشر: تفسير الشهادتين العملي هو ” تعبد الله لا تشرك به شيئا” بحيث تصرف جميع أنواع العبادة لله وحده. 

◼️الفائدة الثانية عشر: فيه نشر العلم لقوله ” ألا أدلك على أبواب الخير ….”. 

◼️الفائدة الثالثة عشر: العالم عليه أن يزيد في الجواب إن رأى 
الفائدة في ذلك، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث حيث زاد على الجواب. 

◼️الفائدة الرابعة عشر: الداعية عليه أن يختار الأسلوب الأمثل لنشر الخير بين الناس ودلالتهم عليه وتحبيبهم إليه
◾️ فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم ” ألا أدلك على أبواب الخير؟”
فجمع عدة أساليب كالتحضيض والحث والاستفهام والتشويق. 

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".