الحذر من ضياع أيام عشر ذي الحجة

الشيخ صالح_الفوزان

هذه العشر المباركة لها شأن عظيم ، فينبغي للمسلم أن يستقبلها بالبشر والفرح والسرور بمقدمها ، وان يستغلها فيما شرع الله فيها ، حتى تكون كسبا له عند الله سبحانه وتعالى ، يجده يوم يقدم على الله سبحانه وتعالى ، وكما ذكرنا أن كل حياة المسلم فيها خير إذا استغلها في طاعة الله ، ولكن تخصص الأيام والأوقات التي فضلها الله سبحانه وتعالى بمزيد اهتمام ، ومزيد اجتهاد.
ولكن مع الأسف أن كثير من الناس تمر عليهم أعمارهم ، وتمر عليه الأيام الفاضلة ، والأوقات الشريفة ، ولا يستفيدون منها ، تذهب عليهم سدى ، وقد لا يكفي إنهم لا يستفيدون منها ، بل يستغلونها في الحرام والمعاصي والسيئات ، خصوصا في هذا الزمان الذي فشت فيه الشواغل والملهيات من وسائل الإعلام ، والبث الفضائي ، والانترنت ، والأسواق ، والعمل في التجارة ، أو العمل في الوظائف ، أو غير ذلك ، و هذا وان كان انه مطلوب من المسلم انه يطلب الرزق ، ولكن لا يشغله ذلك عن اغتنام هذه المواسم ، فيجمع بين طلب الرزق وبين اغتنام هذه المواسم.
والله جلا وعلا لم يمنعنا من العمل للدنيا ما نحتاج إليه ، ولكنه نهانا أن ننشغل بالدنيا عن الآخرة : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) ، قال سبحانه : (فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ)، ابتغوا عند الله الرزق واعبدوه ، فلا تنساق مع طلب الرزق وتترك العبادة ، أو تنساق مع العبادة وتترك طلب الرزق فتكون عالة على غيرك ، بل اجمع بين هذا ، وهذا : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ، ولما ذكر المساجد وعمارة المساجد قال : (يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ).

فالمسلم يجمع بين الأمرين بين طلب الرزق في وقته ، وأداء العبادة في وقتها ، في حين أن العبادة تعين على طلب الرزق : (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) ، (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ) ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) ، فالمسلم لا يضيع دينه، كذلك لا يضيع دنياه ، وإنما يجمع بين مصالح دينه ودنياه ، هذا هو المسلم.

فكيف إذا ضيع وقته في اللهو واللعب ، وتتبع المسلسلات ، التمثيليات ، والفضائيات ، والأغاني ، والنوادي الرياضية ، والمباريات ، يضيع وقته في هذه الأمور ، والعجيب انه لا يمل ، لا يمل من السهر ، لا يمل من التعب مع هذه الأمور التي هي في مضرته ، لا يتعب ، بينما يتعب من الطاعة والعبادة ، إلا من رحم الله سبحانه وتعالى.

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".