فايننشال تايمز: إلى متى سيبقى الغرب صامتا حول انتهاكات نظام السيسي؟

تحت عنوان “لا يمكننا غض الطرف عن الوحشية في مصر”، نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” افتتاحية قالت فيها إن انتشار وباء فيروس كورونا منح نظام عبد الفتاح السيسي في مصر الفرصة لتصعيد قمعه ضد المعارضين له.

وقالت: “لو كان هناك وقت يمكن فيه للحكومات دعم وكيل المديح لعمال الصحة فسيكون أثناء وباء فيروس كورونا، لكن ليس في مصر وللأطباء والصيادلة الذين تجرأوا على نقد رد النظام الديكتاتوري على الأزمة، فقد تم اعتقال تسعة منهم بطريقة تعسفية بالفترة ما بين آذار/مارس وحزيران/يونيو”. وتمت مواجهة نقد النقص بالملابس الواقية وعدم توفر التدريب الجيد بتهم “نشر الأخبار الكاذبة” و”الإرهاب” حسب منظمات حقوق الإنسان، في وقت كان فيه يموت الأطباء والممرضون في الخطوط الأمامية لمكافحة الفيروس.

وتضيف الصحيفة أن هذه الاعتقالات والاتهامات تبدو فظيعة إلا أنها ليست مفاجئة لمن راقبوا بقلق اختفاء مساحة النقد أو أي ملمح للنشاط منذ سيطرة السيسي على السلطة في انقلاب عام 2013. وفي منطقة معروفة بديكتاتورياتها تقف مصر متميزة على البقية في إجراءات القمع.

عمال الصحة الوطنية الذين تحدثوا علانية هم آخر الجماعات التي وجدت نفسها في مرمى هدف النظام

فعمال الصحة الوطنية الذين تحدثوا علانية هم آخر الجماعات التي وجدت نفسها في مرمى هدف النظام. ولكن السيسي يظل شخصية تتقرب إليها العواصم الغربية بدون أي ذكر لانتهاكات حقوق الإنسان التي تجري تحت سمعه وبصره. وكان هذا عاملا وراء جرأة السلطات لتوسيع مستوى القمع. وتستدرك الصحيفة أن أنصار النظام يشيرون وبصواب إلى أن نظام السيسي أحل الاستقرار بعد فترة من الفوضى وأنعش الاقتصاد الساكن عندما دفع بسلسلة من الإصلاحات القاسية بموجب قرض صندوق النقد الدولي (12 مليار دولار) عام 2016.

وتقول إن الانقلاب الذي جلب وزير الدفاع السابق إلى الحكم حظي بدعم الكثير من المصريين بعد تجربة في الديمقراطية عقب الثورة التي فتحت المجال أمام حكومة الإخوان المسلمين التي اتسمت بالاضطراب. كل هذا لا يبرر كما تقول الصحيفة وحشية وقمع النظام الذي سجن الناشطين العلمانيين والصحافيين وأعضاء المنظمات غير الحكومية والمدونين، وتم التعامل معهم في معظم الأحيان كـ “إرهابيين” وحرموا من المحامين وعرضوا لخطر التعذيب. ولم يعامل أنصار الإخوان المسلمين أحسن من هؤلاء، فقد قتلت قوات الأمن على الأقل 800 منهم في مذبحة رابعة عام 2013 وسجن الآلاف منهم.

وتعلق الصحيفة أن النقاش الدائر في الحكومات الغربية حول كون مصر حليفا مهما صحيح. فاستقرار بلد يبلغ تعداده 100 مليون نسمة ويقع على البحر المتوسط وقريب من إسرائيل ودول الصحراء الأفريقية يجب أن يكون مهما ومصدر قلق للجميع.

ولكن الدعم اللامشروط لما أصبحت دولة بوليسية وغض الطرف عن انتهاكات ستة أعوام لا يعزز الاستقرار. وبدلا من ذلك ففي بلد ظلت مكاسبه الاقتصادية هشة وغير متساوية قبل أزمة كوفيد-19، وزادت نسبة الفقر في ظل السيسي، فمن الأفضل أن تستخدم الدول الغربية علاقاتها مع النظام والضغط عليه لتحسين سجل حقوق الإنسان والسماح بالخطاب السياسي وتخفيف القيود على الإعلام المكمم.

فقد سحق السيسي كل معارضيه وفاز بانتخابات زائفة عام 2018 بنسبة 97% بعد اعتقال واستفزاز أي شخص فكر بالترشح ضده، مهما كانت فرص فوزه. ولم يكن هناك أي مظهر من الديمقراطية.

وتحذر الصحيفة من استمرار القمع في بلد يزداد سكانه عددا وتتفاقم مصاعبه الاقتصادية، فاليد الحديدية لن تستمر للأبد. والدرس المهم من انتفاضات الربيع العربي عام 2011 هو أن الذين يعيشون في ظل أسوأ الأنظمة قمعا يصلون إلى نقطة اللارجعة، عندما تتفوق لحظة الغضب والخيبة على الخوف، و”لو أراد حلفاء القاهرة مصر مزدهرة ومستقرة فعليهم التوقف عن غض الطرف عما يرتكبه نظام السيسي من انتهاكات”.

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".