بين بشير فرنسي ونذير أميركي.. هل ينحسر فيروس كورونا أو يواصل الانتشار؟

د. أسامة أبو الرب

بلغ عدد الإصابات بفيروس كورونا عالميا حتى اليوم الخميس حوالي خمسة ملايين ومئة ألف، في حين وصل عدد الوفيات إلى 330 ألفا، وذلك وفقا لموقع “وورلد ميتر” المختص برصد إحصاءات الفيروس.

وقبل أيام أعلن طبيب فرنسي أن فيروس كورونا المستجد “سارس كوف 2” المسبب لمرض “كوفيد-19″، على وشك الانتهاء، واستبعد حدوث موجة ثانية للوباء، في حين كان لخبراء آراء مناقضة.. فمن نصدق؟

ففي تصريح للطبيب الفرنسي اختصاصي الأمراض المعدية ديدييه راؤول، الذي نقلت عنه عدة وسائل إعلامية ومواقع إلكترونية، تأكيد أن فيروس كورونا المستجد على وشك الانتهاء، مستبعدا ظهور موجة ثانية للوباء. وقال راؤول إن الفيروس يتراجع بشكل ملحوظ عالميا وإن الأزمة قاربت على الانتهاء.

وراؤول -مدير معهد البحر الأبيض المتوسط للعدوى في مرسيليا- من أنصار استخدام عقار هيدروكسي كلوروكين لعلاج مرض “كوفيد-19″، وهذا العقار علاج شائع الاستخدام للملاريا.

تصريح راؤول يتعارض مع تصريحات منظمة الصحة العالمية التي كانت قد حذرت من أن فيروس كورونا المستجد “قد لا يختفي أبدا”، وقد يصير مرضا تضطر البشرية للتعايش معه، وأنه قد يصبح مجرد فيروس آخر متوطن، وقد لا يختفي أبدا.

وخلال الأيام الماضية صدرت عدة تحذيرات من أن تخفيف إجراءات العزل العام التي بدأ بها العديد من الدول، قد يؤدي إلى حدوث موجة ثانية من العدوى بفيروس كورونا، مع المطالبة باتخاذ الاحتياطات اللازمة والفحوصات لمنع حدوث ذلك.

انتقادات
المشكلة هنا أن الدكتور راؤول كان قد وجهت له انتقادات سابقة، إذ -وفقا لمقال سابق لفيليسيا سيديريس في موقع “إل سي إي” الفرنسي- فإن راؤول كان أعلن في فبراير/شباط عن “نهاية اللعبة” بالنسبة لفيروس كورونا، قائلا “نحن نعلم بالفعل أن الكلوروكين كان فعالا في المختبر ضد هذا الفيروس الجديد، وهذا ما أكده التقييم السريري الذي أجري في الصين”.

ولكن وقتها تعرض راؤول -الذي يعد واحدا من 11 عضوا في المجلس العلمي لدى الحكومة الفرنسية- لانتقادات عديدة، ولا سيما من قبل مجموعة “فيك ميد” التي تضم علماء يحاربون المعلومات الكاذبة في المجال الصحي، وقد حذروا من الآثار غير المرغوب فيها لهذا الدواء.

وعلى العكس، أظهرت دراستان أن معالجة مرضى “كوفيد-19” بعقار الملاريا هيدروكسي كلوروكين لم يكن له تأثير إيجابي وتسبب في مضاعفات صحية أخرى لديهم.

وفي الدراسة الأولى، راقب باحثون في فرنسا 181 مريضا في المستشفى يعانون من التهاب رئوي بسبب كورونا ويحتاجون إلى الأكسجين. وتمت معالجة 84 منهم بعقار الهيدروكسي كلوروكين ولم يعط الباقون الدواء، إلا أنهم لم يجدوا فرقا كبيرا بين نتائج المجموعتين.

وقال مؤلفو الدراسة التي نشرت في مجلة “بي إم جي” إن “نتائج هذه الدراسة لا تدعم إعطاءه لمرضى أدخلوا إلى المستشفى ويحتاجون إلى الأكسجين”.

أما الدراسة الثانية فأجريت في الصين وقسم خلالها 150 مريضا بفيروس كورونا إلى مجموعتين، واحدة منهما تلقت هيدروكسي كلوروكين.

وبعد أربعة أسابيع، كشفت الاختبارات عن معدلات مماثلة للعدوى لدى المجموعتين حتى أن ردود الفعل السلبية للعلاج كانت أكثر شيوعا لدى المجموعة التي تلقت العقار. كما أن شدة الأعراض أو مدتها لم تختلف بين أفراد المجموعتين.

النذير
دعونا الآن ننتقل إلى المعطيات المعارضة لكلام الدكتور راؤول حول انتهاء وباء كورونا وعدم حدوث موجة تفشي ثانية، ونبدأ مع دراسة رجحت عدم تباطؤ انتشار فيروس كورونا خلال الصيف.

وأجرى الدراسة باحثون في جامعة برينستون الأميركية، ونشرتها مجلة “ساينس” العلمية، وتوصلت إلى أن الحر في فصل الصيف لن يكون كفيلا وحده بإنقاذ النصف الشمالي من الكرة الأرضية من وباء “كوفيد-19”.

وكانت دراسات إحصائية أجريت في الأشهر الأخيرة، أقامت رابطا طفيفا بين المناخ والوباء، فكلما ارتفعت الحرارة والرطوبة تراجع انتشار الفيروس. إلا أن هذه النتائج لا تزال تمهيدية ولم يكشف بعد أساس الرابط البيولوجي بين المناح وفيروس كورونا المستجد المسبب لمرض “كوفيد-19”.

ونماذج المحاكاة التي نشرتها مجلة “ساينس” لا تستبعد هذا الرابط كليا لكنها تعتبره من دون أهمية كبرى في الوقت الراهن.

وقالت المعدة الرئيسية للدراسة رايشتل بايكر الباحثة في برينستون في بيان صادر عن الجامعة “نرى أن المناخات الأكثر حرا ورطوبة لن تبطئ الفيروس في المراحل الأولى من الجائحة”.

ويلعب المناخ خصوصا الرطوبة دورا في انتشار فيروسات كورونا أخرى والإنلفونزا، إلا أن هذا العامل يتوقع أن يكون محدودا مقارنة مع عامل آخر أهم بكثير مع الوباء الحالي وهو المناعة الجماعية الضعيفة جدا حيال فيروس كورونا المستجد.

وأضافت الباحثة “الفيروس سينتشر بسرعة مهما كانت الظروف المناخية”.

تغيرات مقلقة بالفيروس
ثاني المعطيات ما يراه أطباء صينيون من أن فيروس كورونا يظهر بشكل مختلف بين المرضى في مجموعة جديدة من الحالات بالمنطقة الشمالية الشرقية، مقارنة بالتفشي الأصلي في مدينة ووهان، مما يشير إلى أن المرض ربما يتغير بطرق غير معروفة ويعقّد جهود القضاء عليه، حسب وكالة “بلومبيرغ” للأنباء اليوم الأربعاء.

ويعني تغير الفيروس أنه يغير من مادته الوراثية، مما قد يقود لطفرات خطيرة، وقد تجعله أكثر قدرة على العدوى والتفشي، وحتى الإماتة.

ووفقا للأطباء الصينيين فيبدو أن المرضى، الذين تم العثور عليهم في إقليمي “جيلين” و”هيلونجيانغ” يحملون الفيروس لفترة أطول ويستغرقون وقتا أطول في إظهار الاختبارات أنهم غير مصابين بالفيروس، طبقا لما قاله تشيو هايبو، أحد كبار أطباء الرعاية الحرجة للتلفزيون الرسمي، الثلاثاء.

كما أن المرضى بالمنطقة الشمالية الشرقية يستغرقون، فيما يبدو، وقتا أطول من فترة أسبوع إلى أسبوعين، التي تم تحديدها في مدينة ووهان لظهور الأعراض بعد الإصابة.

بالمقابل، فإن بعض الأبحاث تشير إلى أن احتمالية تحور فيروس كورونا بطريقة خطيرة هو أمر مبالغ فيه، إذ قال كيجي فوكودا، المدير والبروفيسور الإكلينيكي بجامعة الصحة العامة في هونغ كونغ “من الناحية النظرية، يمكن أن تؤدي بعض التغييرات في التركيب الجيني إلى تغييرات في تركيب الفيروس أو طريقة سلوكه”.

وأضاف “غير أن الكثير من التحورات لا تؤدي إلى أي تغييرات ملحوظة على الإطلاق”.

من نصدق؟
الجواب هو وزارات الصحة في بلداننا ومنظمة الصحة العالمية، التي تقول حتى اللحظة إنه يجب استمرار المحافظة على وسائل الوقاية ومنع العدوى، مثل التباعد الاجتماعي واستخدام الكمامات وغسل اليدين وتطهير الأسطح والحفاظ على مسافات فاصلة.

كما أن المعطيات المتوافرة حتى اللحظة في عمومها تشير إلى أن فيروس كورونا لن يختفي بسرعة أو قريبا.

وأمس الأربعاء أعلنت منظمة الصحة العالمية إنه تم تسجيل 106 آلاف حالة إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد على مستوى العالم خلال الـ 24 ساعة الماضية، وهو أعلى عدد من الإصابات في يوم واحد حتى الآن نتيجة تفشي الفيروس.

وقال مدير المنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس في مؤتمر صحفي “ما زال أمامنا طريق طويل كي نقطعه مع تفشي هذا الوباء”.

المصدر : الشرق القطرية + الفرنسية + رويترز + مواقع إلكترونية

شاهد أيضاً

عبد المجيد الزنداني.. حياة حافلة بالعلم والعمل والجهاد

ودع اليمنيون والأمة العربية والإسلامية يوم الإثنين 13 من شوال 1445 للهجرة، الموافق 22 أبريل 2024م علما من أعلام هذه الأمة، وكوكبا من كواكبها، وهاديا من هداتها، ورائدا من روادها، هو الشيخ عبد المجيد بن عزيز الزنداني، العالم العامل، والمجاهد والمربي، والقدوة المعلم، القرآني المحمدي الرباني، صاحب العطاءات الدعوية، والإمدادات التربوية، والجهود التعليمية، والأطوار الجهادية،