تونس: دعوات لإقالة وزير الصناعة والتحقيق مع نائب بسبب «صفقة مشبوهة» لإنتاج 32 مليون كمّامة

بدأت الحكومة التونسية التحقيق في صفقتين “مشبوهتين” لإنتاج 32 مليون كمامة من قبل شركة يملكها أحد النواب، فيما دعا أحد أحزاب المعارضة إلى إقالة وزير الصناعة، الذي اعتبر أنه “متورط” في الصفقة، والتحقيق مع النائب المذكور، في حين دعا فيه حزب آخر إلى رفع تدريجي و”مشروط” للحجر الصحي العام الذي فرضته السلطات للحد من انتشار وباء كورونا.
وكانت عبير موسي، رئيسة الحزب الدستوري الحر، كشفت في فيديو نشرته على صفحتها الرسمية في موقع “فيسبوك” عن استفادة شركة يملكها أحد النواب (وهو عضو في لجنة الصناعة في البرلمان) من صفقة لصناعة مليوني كمامة طبية، مشيرة إلى أن هذا الأمر “يعدّ خرقاً للنظام الداخلي للبرلمان في فصله 25 الذي ينص على منع نواب الشعب من إبرام صفقات تجارية مع الدولة أو الجماعات العمومية والمؤسسات والمنشآت العمومية”.
وأشارت إلى أنها توجهت بسؤال لوزير الصناعة، صالح بن يوسف، حول هذا الموضوع، لكن تبيّن أنه لم يكن على اطلاع على من حصل على الصفقة، وعلقت على ذلك بقولها “أمر يثير الاستغراب، كيف لنائب أن يحصل على صفقة لم تعلن عنها وزارة الصناعة وكيف تمكن صاحب المؤسسة من صنع عدد كبير من الكمامات في ظرف قياسي”.
فيما أكدت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وجود شبهة فساد تتعلق بصفقتي تصنيع 32 مليون كمامة واقية غير طبية ومليوني كمامة من الصنف ذاته لصالح كل من وزارات الصناعة والصحة والتجارة، مشيرة إلى أنها قامت بإحالة هذا الملف (مع الوثائق) إلى وكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بتونس للتعهد لإجراء تحقيق حوله.
وعقد وزير الصناعة، صالح بن يوسف، مؤتمراً صحافيا في مقر الوزارة، أكد فيه أنه لم يكن يعلم أن المصنع الذي اتفق معه على طلب صنع 32 مليون كمامة واقية يملكه النائب في البرلمان، جلال الزياتي، مشيراً إلى أن “الأمر لا يتعلق بصفقة (كما تم تداوله) بل بطلب توجهنا به إلى المصنع المذكور على أن لا يتجاوز ثمن القطعة الواحدة دينارين وأربعين مليماً، مع ضرورة أن تكون البضاعة مطابقة للمواصفات المطلوبة”.
فيما أعلنت وزارة الدولة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد “تكليف فريق رقابي تابع للهيئة العامة لمراقبة المصاريف العمومية بإجراء مهمة رقابية حول تصنيع الكمامات الواقية المعدة للاستعمال غير الطبي، وقد شرع الفريق في أداء مهمته”.
وفى النائب عن كتلة الإصلاح، جلال الزياتي، قيام المجمع الصناعي الذي ينتمي إليه بصفقة لصناعة الكمامات، مشيراً إلى أنه لا علاقة له بهذا الأمر.
في حين، طالب الحزب الجمهوري بـ”إقالة وزير الصناعة فوراً من مهامه وفتح بحث قضائي والتسريع برفع الحصانة عن أحد أعضاء البرلمان (في إشارة للزياتي) المشتبه فيه حتى تأخذ الأبحاث مجراها الطبيعي”.
واستنكر، في بيان أصدره الجمعة، وجود “شبهة فساد في إسناد وزارة الصناعة لصفقة صنع كمامات طبية لنائب عن حزب البديل التونسي في البرلمان”، معبراً عن استغرابه من “تأخر أطراف شاركت في الحكم بدعوى خوض الحرب المقدسة ضد الفساد وهي في سبات عميق”.
وقبل أيام، تعرض نواب تونسيون لانتقادات لاذعة من الطبقة السياسية، في ظل الحديث عن تورطهم بتهريب عدد من مرضى كورونا من المستشفيات، فيما كشف شوقي الطبيب، رئيس هيئة مكافحة الفساد، عن تورط نائب في احتكار مادة السميد في ولاية القصرين، مشيراً إلى أن الهيئة تلقت بلاغات من مواطنين عدة، تؤكد تعمّد مصنع سميد، يمتلكه أحد النوب، احتكار السميد وبيعه بأسعار مرتفعة للمواطنين، بدلاً من البيع بأسعار رخيصة لتجار الجملة لتزويد السوق بهذه المادة التي اختفت تقريباً من أغلب المراكز التجارية في البلاد.
على صعيد آخر، دعا حزب تحيا تونس إلى رفع الحجر الصحي بالتدريج ووفق ضوابط وشروط تحول دون انتشار فيروس كورونا المستجد.
وأصدرت لجنة الصحة في الحزب بلاغاً عبرت فيه عن “تفاؤلها للنتائج التي حققتها بلادنا إلى حد الآن في حربها على الوباء، مع تشديدها على مواصلة الحيطة والحذر ومواصلة التعبئة الوطنية الشاملة دون هوادة أو كلل من أجل الانتصار نهائياً على هذا الوباء. كما تحيي اللجنة تضحيات التونسيات والتونسيين الذي خضعوا للحجر الصحي ومنع التجوال وغيرها من التضييفات وانقطعوا عن شؤونهم ومصالحهم وحياتهم العادية في سبيل القضاء على هذا الوباء وتدعوهم إلى مزيد الالتزام الدقيق بالحجر الصحي”.
واعتبرت أنه “لا يمكن طرح الرفع التدريجي للحجر الصحي إلا بعد توفير الشروط الأساسية لذلك، ومن بينها التأكد من اتخاذ وتوفير كل إجراءات الحماية لمهنيي الصحة من أطباء وممرضين وعملة من عدوى الوباء سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص. فهم الجيش الذي نعتمد عليه في هذه الحرب، والتقصي المكثف للوباء إذ يمكن حسب المختصين من التعرف على المصابين لعزلهم وعلاجهم، أما غير المصابين فبإمكانهم العودة لعملهم وأنشطتهم الضرورية للمجتمع والاقتصاد، وفرض حمل الكمامة على جميع المواطنين في فترة الخروج من الحجر الصحي، وتهيب اللجنة بلمهنيين المصنعين للأقنعة أن يكثفوا من إنتاجهم حتى يوفروا الاكتفاء الذاتي للتونسيين من هذه المادة الضرورية ومواصلة إجراءات التباعد الاجتماعي والإجراءات المانعة لفترة لاحقة، ومواصلة غلق الحدود التي يجب أن تخضع لرقابة صارمة”.
فيما اعتبر رئيس لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية في البرلمان، خالد الكريشي، أن “الوضع الصحي في تونس ما زال غير مطمئن، في ظل عدم السيطرة على انتشار فيروس كورونا في البلاد. والرأي الغالب داخل اللجنة ينص على ضرورة التمديد في الحجر الصحي الشامل”.
وأضاف: “نحن نرى أنه لا داعي ولا موجب لرفع الحجر الصحي الإجباري في الوقت الحاضر، خاصة مع ظهور العدوى الأفقية بالإضافة لعدم التوصل للقاح، وفترة التمديد يحددها مجلس الأمن القومي ووزارة الصحة والمختصون”.

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".