ان مع العسر يسرا…

{ ان مع العسر يسرا }

في هذه الآية خير عظيم ، إذ فيها البشارة لأهل الإيمان بأن للكرب نهاية مهما طال أمده ، وأن الظلمة تحمل في أحشائها الفجر المنتظر . وتلك الحالة من التعاقب بين الأطوار والأوضاع المختلفة تنسجم مع الأحوال النفسية والمادية لبني البشر والتي تتأرجح بين النجاح والانكسار والإقبال والإدبار ، كما تنسجم مع صنوف الابتلاء الذي هو شرعة الحياة وميسمها العام . وقد بثت هذه الآية الأمل في نفوس الصحابة – رضوان الله عليهم- حيث رأوا في تكرارها توكيداً لوعود الله – عز وجل – بتحسن الأحوال ، فقال ابن مسعود : لو كان العسر في جحر لطلبه اليسر حتى يدخل عليه . وذكر بعض أهل اللغة أن (العسر) معرّف بأل ، و (يسراً) منكر ، وأن العرب إذا أعادت ذكر المعرفة كانت عين الأولى ، وإذا أعادت النكرة فكانت الثانية غير الأولى. وخرجوا على هذا قول ابن عباس : لن يغلب عسر يسرين.

وفي الآية إشارة بديعة إلى اجتنان الفرج في الشدة والكربة مع أن الظاهر أن الرخاء لا يزامن الشدة ، وإنما يعقبها ، وذلك لتطمين ذوي العسرة وتبشيرهم بقرب انجلاء الكرب .

ونحن اليوم أحوج ما نكون إلى الاستبشار بهذه الآية حيث يرى المسلمون الكثير من صنوف الإحباطات والهزائم وألوان القهر والنكد ؛ مما أدى إلى سيادة روح – التشاؤم واليأس ، وصار الكثيرون يشعرون بانقطاع الحيلة والاستسلام للظروف والمتغيرات . وأفرز هذا الوضع مقولات يمكن أن نسميها بـ ( أدبيات الطريق المسدود ) ! هذه الأدبيات تتمثل بالشكوى الدائبة من كل شيء ، من خذلان الأصدقاء ، ومن تآمر الأعداء ، من تركة الآباء والأجداد ، ومن تصرفات الأبناء والأحفاد !

و لنا في الفجر عبرة يعلمنا كل مرة ، بأن كلّ شيء سينتهِي، وإن طال فـالحزن شعور عابر لن يدوم، والتعب سيذهب ولن يطول، والألم سيٌنسى ويزول، سيعقبها هدايا ربانية لا محالة، ستشرق شمس السعادة على الحزن لـتبدله فرحا، وعلى التعب لـتملأ نفوسنا الرآحة.

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".