كورونا:قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا

بقلم الشيخ سفيان أبوزيد

{قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا}

أمر مع فعله (قل) للدلالة على أهميته وأنه قادم من الجهة العليا التي ليس فوقها جهة، وللدلالة على قطعية وروده فلم يتصرف فيه بمعنى ولم يخول للمرسَل في ذلك، بل هو أمر واضح صريح من رب العزة والجلال إلى عبده إينما حل وارتحل..فهو أمر هام ينبغي أن يحضى بما يناسبه من الاهتمام..

جاء المطلوب والمقول منفيا بنفي مستقبلي قطعي مطرد، لا يحتمل التخلف، فلا حركة ولا سكون ولا إصابة إلا ما ق

دره الله وكتبه، فهو حصر وقصر في أجلى صوره وأوضحها..قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا..
هذا الأمر العالي جاء بهذا الشأن لبعث اليقين في قلب المؤمن، والطمأنينة في كيانه، والقوة في حركته وقراره، فما عليه إلا أن يستجمع السبب ويسلم للمسبب، ولا يخشى في غير ذلك لومة لائم..
هذا الحصر جاء ليبعد عن المخاطب أي شك أو تردد أو ارتباك أو تخوف أو تسرع أو استعجال، وليقول له: مهلا فهذا الباب ممنوع عن أي مخلوق مهما علا شأنه وعلت مكانته واشتدت قوته وسرى نفوذه.

ولكن..في أي سياق جاء هذا الأمر العالي وهذا الحصر المحكم؟؟ ومتى ينبغي التصريح بهذا الأمر وبذلك الحصر؟

هذه الآية جاءت درا على أولئك الذين يصطادون في الماء العكر، وينسبون إلى أنفسهم إنجازات على ظهور غيرهم، أو انطلاقا من أمجاد آبائهم وأجدادهم، أو على جهود غيرهم، فإن تخلفت تلك الجهود وذلك البذل قليلا عن تحقيق مقاصده وثماره، صاحوا وتقافزوا من أماكن سباتهم وخمولهم وعجزهم، وارتدوا لباس المنتصر وادعوا بأن ذلك الإخفاق هو في الحقيقة نصر لهم، ففرحوا به، وأذاعوا به، ونسبوا إلى أيديهم الفاشلة أسبابه، فهم لا يحركون ساكنا، ولا يعرفون إلى الاجتهاد طريقا، ولا يدركون من لغة العمل بالأسباب حرفا، فهم جالسون متفرجون، خاملون كسالى متواكلون، ضعفاء انتهازيون، هذه سيرتهم وتلك علامتهم، وذاك جوهم وبيئتهم، مثلهم كمثل ذلك المحلل الكروي الذي يصدع الآذان بتحليله، ولكنه لا يستطيع ململة كرة، فإن حدث لأولئك المجتهدين الباذلين الطارقين لأبواب كل الأسباب الممكنة، فإن حدث لهم خطأ أو ارتباك ناتج عن سوء تقدير، أو ضعف جبلي، أو تخلف السبب عن أثره، أو قدر غيبي صاح هؤلاء المتواكلون وصدعوا الآذان بذلك الخطأ وتلك الهفوة وفرحوا بذلك، ونسبوا أسبابه إلى ذكاءهم وإلى يقظتهم المزعومة، وادعوا بأنه لو كانوا مكانهم ما كان لمثلهم أن يقع له ذلك، وهم الواقعون والموقوع عليهم..

فلا ينبغي لمثل هؤلاء أن يخفوا كسلهم وخمولهم وإهمالهم خلف حروف هذه الآية، فهي ترفضهم وتنبذهم، وتخرجهم من ساحتها وميدانها لأنها شعار المجتهدين الباذلين الذين يستقصون الممكن من الأسباب، ويحتاطون، ويهربون من قدر الله إلى قدر الله، ويصبرون ويصابرون ويتقون، فإن أصابتهم مصيبة قالوا لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا الذي لا نوالي غيره ولا نقبل أن نتربب ونتأله إلا له، الذي عليه يتوكل المتوكلون..

شاهد أيضاً

قتيل إسرائيلي في كريات شمونة بعد قصفها بعشرات الصواريخ من لبنان

قال حزب الله اللبناني إنه أطلق عشرات الصواريخ على مستوطنة كريات شمونة، ردا على غارات إسرائيلية على مركز إسعاف أدت إلى مقتل 7 متطوعين، بينما أعلنت الطوارئ الإسرائيلية مقتل شخص جراء القصف على كريات شمونة.