أثار غضب برلمانيين.. هل يكسر قيس سعيد “عرف” الجواز الدبلوماسي؟

لوقت غير قصير كان نواب البرلمان في تونس يتمتعون بجواز السفر الدبلوماسي الذي يعد امتيازا لبعض الشخصيات والمسؤولين داخل الدولة، لكن مخاوف طرحها بعضهم منذ أيام بشأن رفض رئيس الجمهورية العمل بهذا “العرف الدبلوماسي”، حوّله إلى سجال بين البرلمان ورئاسة الجمهورية.

وبحسب ما ينص عليه القانون رقم 40 لسنة 1975 والمتعلق بجوازات السفر وأنواعها والشروط القانونية لإسنادها، فلم يقع النص على وجوب منح نواب البرلمان جواز السفر الدبلوماسي.

ويتمتع بالمقابل رؤساء الجمهورية والحكومة والبرلمان ومستشاروهم وأعضاء البعثات الدبلوماسية والهيئات الدستورية بهذا الامتياز الدبلوماسي.

وتسلم جوازات السفر الدبلوماسية مجانا من قبل وزير الخارجية لمدة ثلاث سنوات، وتضبط شروط الحصول عليها وتمديد صلاحيتها وتجديدها وسحبها بمقتضى أمر حسب نفس القانون.

عرف دبلوماسي
ويضمن لحامل الجواز الدبلوماسي عدم إظهار التأشيرة في البلدان التي تربطها بتونس اتفاقيات من هذا القبيل، فضلا عن الحصانة الدبلوماسية، على أن يتم إرجاعه إلى وزارة الخارجية فور انتهاء المهمة، باستثناء رئيس الحكومة والجمهورية ووزراء الخارجية السابقين.

وسبق لرؤساء الجمهورية المتعاقبين أن أعطوا هذا “الاستثناء” لأعضاء البرلمان، في إطار ما بات يعرف بالتقليد أو العرف الدبلوماسي، لتسهيل مهمة النواب للسفر إلى الخارج، خصوصا المنتخبين عن الجاليات التونسية المقيمة في دول عربية وأوروبية وغيرها.

ووجه النائب عن دائرة فرنسا الشمالية ياسين العياري رسالة لم تخلُ من اللوم للرئيس قيس سعيد، معتبرا في تدوينة أن حرمانه باعتباره نائبا من جواز السفر الدبلوماسي يدفعه لأن يكون تحت رحمة سفير فرنسا للحصول على تأشيرة السفر والقيام بدوره البرلماني.

حق وليس منة
من جهته، استغرب النائب زياد الغناي عن حزب التيار الديمقراطي من أن يتحول موضوع جوازات السفر الدبلوماسية إلى عنصر تجاذب بين البرلمان ورئاسة الجمهورية، مشددا بالمقابل على أحقية النائب في الحصول عليه كآلية لتسهيل المهام التي انتخب من أجلها.

ولفت الغناي في حديثه للجزيرة نت إلى أن إفراد نواب البرلمان بهذا الجواز الدبلوماسي ليس امتيازا أو نوعا من الرفاه الاجتماعي، بل يدخل في صلب عملهم كسلطة تشريعية ورقابية وتمثيلية، وحتى لا يكونوا رهائن أي سفارة أو جهة أجنبية.

بدوره، رأى القيادي في حركة النهضة العجمي الوريمي أن تمكين نواب الشعب من جواز سفر دبلوماسي مسألة ضرورية حتى يتمكنوا من أداء دورهم ومهامهم داخل البلاد وخارجها على أكمل وجه وفي أفضل الظروف.

وشدد الوريمي في تدوينة له على أن “النائب ليس معصوما من الخطأ وليس فوق القانون وليس أفضل من مواطنيه وناخبيه وليس فوق الرقابة والمساءلة القانونية والمواطنية”.

وفي السياق، وصف الدبلوماسي السابق عبد الله العبيدي مسألة منح نواب البرلمان الجوازات الدبلوماسية بـ”العرف والتقليد” الذي دأب عليه رؤساء تونس من بورقيبة إلى بن علي وصولا إلى السبسي.

وفي حديثه للجزيرة نت، شدد العبيدي على أن القانون الضابط لهذا الإجراء لم ينص صراحة على أن يشمل هذا الاستثناء نواب البرلمان، لافتا إلى أحقية رئيس الجمهورية في تحديد الشخصيات التي يخول لها التمتع بهذا الامتياز الدبلوماسي.

تطبيق القانون
وتعليقا على الموضوع، أعرب مصدر من رئاسة الجمهورية عن استغرابه مما يتم تداوله من رفض الرئيس سعيد منح نواب البرلمان جوازات سفر دبلوماسية، مشيرا إلى أن الرئاسة لم تتلقَ أي طلب من البرلمان لمنح استثناءات للنواب بهذا الخصوص.

وأوضح المصدر في حديثه للجزيرة نت أن الرئيس سعيد حريص على تطبيق ما جاء به القانون في هذا الخصوص، وأن المسألة تتداخل فيها أيضا وزارتا الداخلية والخارجية.

شاهد أيضاً

مقال بموقع بريطاني: هذه طريقة محاسبة إسرائيل على تعذيب الفلسطينيين

ترى سماح جبر، وهي طبيبة ورئيسة وحدة الصحة النفسية في وزارة الصحة الفلسطينية، أنه وسط تصاعد حالات تعذيب الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، هناك حاجة ملحة إلى قيام المتخصصين في مجال الصحة بتوثيق مثل هذه الفظائع بشكل صحيح.