جدل التطبيع يعود.. ما حقيقة زيارة وفد تونسي لتل أبيب؟

فجرت سلسلة من التدوينات بشأن التطبيع للإعلامي برهان بسيس موجة جدل بين الأوساط السياسية والفكرية، بعد نشره خبر زيارة وفد شبابي تونسي إلى تل أبيب، في وقت نفت فيه وزارة الخارجية الأمر.

وتساءل كثيرون عن دوافع نشر هذا الخبر من الإعلامي المحسوب على نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، بعد أيام من تنصيب الرئيس قيس سعيد، وما أبداه من موقف حازم تجاه قضية التطبيع مع إسرائيل واعتباره خيانة عظمى.

وأكد بسيس عبر أكثر من تدوينة في صفحته الرسمية على فيسبوك وصول وفد شبابي تونسي من بروكسل إلى تل أبيب، في إطار برنامج سلام شبابي تحت إشراف البرلمان الأوروبي.

ونشر الإعلامي صورا من أنشطة الوفد الشبابي في الكنيست الإسرائيلي ومؤسسات حكومية أخرى، مشيرا إلى أن موظفة تونسية بالبرلمان الأوروبي هي من تقوم بمهمة التنسيق العام للزيارة، في حين نسقت السفارة الألمانية بتونس عملية إصدار تأشيرات الدخول إلى الأراضي المحتلة.

الخارجية تنفي
وسارعت وزارة الخارجية في تونس إلى نفي الخبر عبر بيان رسمي، مؤكدة أنها قامت بالتحري مع بعثة الاتحاد الأوروبي بتونس ومؤسسات الاتحاد الأوروبي في بروكسل والتقصي مع الجهات الفلسطينية في رام الله وفي عدد من العواصم الأخرى.

وأشار بيان الخارجية إلى أن الصور التي تم نشرها لوفد شبابي في تل أبيب تتعلق بالأساس بزيارة وفد أوروبي، من بينه سيدة بلجيكية من أصل تونسي عضوة في حزب سياسي بلجيكي.

ودعت الوزارة “الجميع إلى عدم توظيف القضية الفلسطينية في مسائل سياسية وداخلية والابتعاد عن المزايدات بخصوص دعم القضية الفلسطينية العادلة، باعتبارها قضية تحرر وطني تحظى بإجماع كافة شرائح الشعب التونسي”.

بدوره، نفى الفريق الإعلامي للسفارة الألمانية في تونس تنسيق أي رحلة لإسرائيل أو منح تأشيرات لهذا الغرض، مشيرا إلى أن السفارة لا تمنح إلا تأشيرات الدخول لألمانيا أو دول فضاء الدول الأوروبية “شنغن”.

برهان بسيس يرد
وفي حديثه للجزيرة نت، جدد الإعلامي برهان بسيس صحة ما نشره عن زيارة وفد تونسي إلى تل أبيب، مشددا على أن منسقة الزيارة إلى تل أبيب هي ناشطة في أحد الأحزاب البلجيكية وتحمل جنسية مزدوجة، تونسية بلجيكية، شأنها شأن الشباب الذين رافقوها تحت غطاء أنشطة سياسية يقومون بها داخل أحزاب أوروبية.

واستغرب بسيس تأويل البعض ما كتبه عن زيارة الوفد الشبابي التونسي إلى إسرائيل، واعتباره نوعا من المزايدة والإحراج للرئيس قيس سعيد الذي أبدى موقفا رافضا لأي شكل من أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني.

وذكر الإعلامي أنه كان أول من نشر منذ سنتين ضلوع الموساد الإسرائيلي في اغتيال الشهيد والناشط بحركة المقاومة الإسلامية حماس محمد الزواري في وقت كان الاتجاه العام يتجه لاعتبار الأمر جريمة حق عام.

واستغرب مما وصفها بازدواجية المواقف السياسية والحزبية في تونس بخصوص رفض التطبيع من جهة، وغياب أي رغبة حقيقية بسن قانون داخل البرلمان يعرف أشكال التطبيع ويجرمه بشكل رسمي.

ونشر برهان بسيس تدوينة جديدة تساءل خلالها عن حيثيات دخول مواطن بجواز سفر إسرائيلي إلى تونس بتاريخ 15 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

وتساءل “كيف دخل الإسرائيلي روبي ناتانسون الأستاذ المحاضر في كلية إدارة الأعمال بالجامعة العبرية في تل أبيب، مدير وحدة التخطيط الاقتصادي والاجتماعي بمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي شمعون بيريز سنوات 1995و 1996 إلى تونس..”.

يشار إلى أن كتلا برلمانية يسارية وقومية كانت قد تقدمت بمشروع قانون يجرم التطبيع مع الكيان الصهيوني، لكنه ظل عالقا في رفوف البرلمان منذ 2012.

وسبق أن احتدم الجدل داخل أروقة البرلمان في 9 فبراير/شباط 2018 بشأن التطبيع، ليصل إلى التشابك بالأيدي بين نواب من الجبهة الشعبية ونداء تونس، على إثر غياب كل من وزير الخارجية وممثل عن رئاسة الجمهورية عن جلسة برلمانية للنظر في مشروع يجرم التطبيع.

محاولة لإحراج الرئيس
واستغرب قيس القروي الناشط في الحملة الانتخابية للرئيس قيس سعيد مما سماها محاولة الزج برئيس الجمهورية في جدل وصفه بالمفتعل بشأن قضية التطبيع، وأقر في حديثه للجزيرة نت بأن توقيت زيارة الوفد الشبابي إلى تل أبيب لم يكن بريئا بالمرة.

وربط القروي بين مواقف رئيس الجمهورية الرافضة قطعيا للتطبيع واعتباره جريمة ترتقي للخيانة العظمى وبين محاولات البعض إحراجه واختبار ردة فعله أمام أنصاره عبر هذه الزيارة المشبوهة إلى تل أبيب.

وأعرب عن أمله في أن يصادق البرلمان الجديد على مشروع تجريم التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، لافتا إلى أن إقالة وزير الخارجية -الذي سبق أن تولى رئاسة مكتب تونس في تل أبيب خلال حكم بن علي- تأتي في إطار التوجه العام للرئيس قيس سعيد بشأن رفض جميع أشكال التطبيع.

وكان رئيس الحكومة يوسف الشاهد قد قرر مساء أمس الثلاثاء بالتشاور مع رئيس الجمهورية قيس سعيد إعفاء كل من وزير الخارجية خميس الجهيناوي ووزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي من مهامهما.

شاهد أيضاً

غزة تنزف….

غزة اليوم هي عضو الأمة الأشدّ نزيفا من بين كثير من الأعضاء التي لا تزال تنزف من جسد المسلمين، ومخايل الخطر تلوح في الأفق على المسجد الأقصى، الذي يخطط المجرمون لهدمه، أو تغيير هويته وتدنيسه، ولا يمنعهم من ذلك إلا الخوف من بقايا الوعي والإيمان في هذه الأمة أن تُسبب لهم ما ليس في الحسبان.