سامر عربيد آخر ضحاياه: سلطات الاحتلال لا تزال تعتمد التعذيب المحرّم دولياً في التحقيق مع الأسرى

انتقد عدد من العاملين سابقا في المخابرات العامة في دولة الاحتلال جهاز المخابرات الداخلية (الشاباك) والاعتداء على الأسير الفلسطيني سامر عربيد، وقالوا إنه في دولة ديمقراطية لا يصل المستشفى من يتم التحقيق معه، فيما برره له زملاء آخرون .
وعلى خلفية الاعتداء على المعتقل الفلسطيني سامر عربيد الذي ما زال يمكث في المستشفى بحالة صعبة، قال بعض ضباط «الشاباك» السابقين لصحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس إنهم يبررون استخدام العنف داخل غرف التحقيق، لكنهم يرفضون ما تعرض له عربيد.
وتنتقد الصحيفة عدم تحديد وسائل استخدام العنف والضغط الجسدي على المعتقلين بالقوانين والنظم الواضحة، بخلاف دول الغرب، مما يتيح حالة غموض وفرصا لتفسيرات مختلفة حول صلاحية المحققين. منوهة أن الحد بين الحفاظ على قيم ديمقراطية وبين الرغبة بمنع «عملية تخريبية» ليس واضحا.

عمليات وقائية

ويقول أحدهم استنادا لمعرفته المباشرة إن العنف يستخدم عادة خلال التحقيق وفقا لقيود ومصادقات الجهاز القضائي.
وتابع الضابط عامي «لا أحد يريد أن يصل من يخضع للتحقيق للمستشفى بحالة غيبوبة، وبالنسبة لي هذه راية سوداء فوق مثل هذا التحقيق. لكن النتيجة النهائية تعد نجاحا لأنه تم منع المساس بأشخاص آخرين بعد اعتراف أعضاء الخلية بوجود مواد متفجرة أخرى وهذه هي مهمة «الشاباك»». زاعما أن الشرطة من واجبها الكشف عن عمليات وقعت، لكن «الشاباك» وظيفته بالأساس وقائية وتتمثل بمنع عمليات مستقبلية تمس بالأبرياء».
وتابع «لا أقول إن التحقيق واستخدام وسائل العنف هو أمر لطيف، لكن في حال تكررت الحالة كنت أتوقع من صناع القرار اتخاذ القرار ذاته بالضغط على المعتقل بالوسائل نفسها.
وقال إن من يحمل بقسوة على محققي «الشاباك» بعد حادثة عربيد لا يعرف الحقيقة ويجهل ماذا تعني « قنبلة بشرية موقوتة «، وكل المنتقدين مدينون لهؤلاء المحققين.
وتستذكر الصحيفة أنه في الماضي نشرت منظمات حقوقية تقارير تستند الى شهادات من خضعوا لتحقيقات تشمل اتهامات بالتعذيب، منها الحرمان من النوم وإسماع ضجيج شديد في أذن المعتقل وتغطية رأسه بغطاء نتن ملوث مع توثيق يديه وقدميه وإجباره على رفع يديه أو إجباره على الاستلقاء بوضعيات غير مريحة وجسده مقوس نحو الخلف وغيره.
لكن عامي ينفي مصطلح «التعذيب»، زاعما أن المعتقل يخضع لـ «تحقيق مهني» يشمل «استخدام القوة « أحيانا، وهو ينم عن حاجة مهنية لا سادية». وتابع «كان المحققون سينامون مرتاحين أكثر في الليل دون إنهاء تحقيقاتهم مع المعتقلين دون هذه الوسائل، ولكن حينما يكون الهدف منع عمليات تخريبية عليك أن تفعل كل شيء كي تمنعها وإلا فإنك تخون وظيفتك».
وردا على سؤال « يديعوت أحرونوت» حول «وسائل الضغط « هذه قال إنه لا يرغب بالتفصيل، لكن يصعب على الجمهور تخيلها غير أنها ليست عقابا وانتقاما، فنحن لسنا قضاة ولا نعاقب، فنحن محققون فقط. نحن لا نستخدم الضرب في حال كانت تقديراتنا بأنهم لن يقوموا بعمليات تخريبية». وينضم لـ «عامي» في نفي عمليات تعذيب دفير كريف الضابط السابق في «الشاباك»، فيقول إن الترخيص باستخدام القوة يتأتى فقط حال توفرت معلومات استخباراتية محددة ودقيقة مفادها أن بحوزة المعتقل معلومات من شأنها منع وقوع «عملية تخريبية»، مدعيا أن المحقق لا يستخدم القوة بكل أنواعها كما يحلو له بل يتصرف وفق تعليمات واضحة تحدد المسموح والممنوع.

سامر عربيد

ويزعم أيضا أن المحقق لا يتجاوز هذه التعليمات، وأن «الشاباك « منظمة تخضع للتخطيط والرقابة وتعتمد ضوابط وقواعد واضحة.
ويتابع «لا أرى وضعا يتلقى فيه المحقق ترخيصا بصفع المعتقل ثلاث صفعات ثم يقوم بتوجيه ركلة لأنها خطرت بباله».
وردا على سؤال عما إذا كان التحقيق مع سامر عربيد قد انتهى بالفشل، قال كريف إن «غرف التحقيق لم ولن تكون مكانا لطيفا يحصل فيه المعتقل على كعكة وفنجان قهوة، فالواقع هناك مركب وصعب لكنه حيوي. في حال تم منع وقوع عملية تخريبية لا أرى باستخدام العنف فشلا».
وردا على سؤال عن حجم تراخيص استخدام القوة ضد المعتقلين الفلسطينيين، يعترف كريف أنه في فترة الانتفاضة الثانية استخدم القوة كثيرا خلال التحقيقات، مدعيا أن التراخيص لاستخدام «وسائل تحقيق خاصة تعطى لفترات متباعدة يتم عدها على أصابع اليد».
وتنقل الصحيفة عن ضباط مخابرات سابقين زعمهم أن التحقيقات تتم بشكل عام كـ «حرب أدمغة « بين المحقق والمعتقل.يشار الى أن لجنة إسرائيلية تدعى «لجنة لانداو» حددت عام 1987 طرق التحقيق المتاحة. وحددت « الوسائل الخاصة» وترخيصها من صلاحية لجنة وزارية مختصة.

تعذيب وإذلال

وبعد الانتفاضة الثانية زاد لحد كبير استخدام القوة ضد المعتقلين الفلسطينيين، وفق اعترافات ضباط سابقين في المخابرات تحدثت معهم الصحيفة، مستذكرة أن الرئيس السابق لمحكمة العدل العليا الإسرائيلية أهرون براك سبق وحدد عام 1999 أن تحقيقا معقولا هو الذي يخلو من تعذيب ومن معاملة غير إنسانية ومذلة للمعتقل.
وتتابع «براك الذي ألغى تعليمات لجنة لانداو ترك ثغرة في قراره عندما قال إنه في حال وجود « قنبلة موقوتة « يكون بمقدور رجل المخابرات استخدام العنف دون أن يتعرض لمحاكمة ودون رقابة مسبقة من جهة قضائية خارجية، وهذا الثغرة أتاحت للمخابرات مواصلة استخدام الضغط الجسدي، وإن كان بقدر أقل ولكن بما يخالف القانون الدولي، مما تسبب بالحالة التي وصلها عربيد «.
ويكشف عدد ممن تحدثت معهم الصحيفة، من بينهم رئيس «الشاباك» الأسبق عامي أيلون، أن المخابرات تخضع لرقابة قضائية خارجية لاحقا أي بعد فترة من انتهاء التحقيقات لا قبلها، لكن ذلك كان يدفعه وفق مزاعمه لاتخذا القرار السليم في حال احتاج تحقيق مع معتقل يعرف كـ «قنبلة موقوتة» لاستخدام العنف.
ويتابع « بيد أن الوضع اليوم مختلف لأن «الشاباك» يتصرف بطريقة مغايرة وأعارضها بعدما قرر التقدم خطوة للأمام، حيث يبقى رئيس الجهاز على اتصال دائم مع النيابة العامة ويحصل على مصادقات مسبقة لاستخدام العنف».
ويقول ضابط كبير سابق في المخابرات يدعى ميخا كوبي إن محققي الشاباك تصرفوا كما يجب مع عربيد. وتابع دون تردد «لن يحدث شيء لو فارقنا عربيد لكننا لا نقتل معتقلين».

غوانتانامو الإسرائيلي

وتحت عنوان «بالتنفس الاصطناعي الأسير سامر عربيد يزيل الستار عن غوانتانامو إسرائيل» أكد الصحافي الإسرائيلي غدعون ليفي ان عربيد تعرض للتعذيب قبل نقله بحالة خطيرة جدا للمستشفى قبل أسبوعين.
ونقلا عن مؤسسة «الضمير» أوضح ليفي أن عربيد اشتكى أمام القاضي العسكري من ألم في صدره، وصعوبة في البلع والتقيؤ ولم يتم نقله للعلاج. وتابع «في اليوم التالي نقل إلى المستشفى وهو فاقد للوعي ويعاني من فشل كلوي وكسور وجروح نتيجة الضرب. ليس من الصعب تخيل ما الذي حدث في غرفة التحقيق، كما يصعب تحمله. سايمون، الشخص الحساس في مسلسل «الشباب» قام بالتنكيل بمعتقل مكبل وعاجز حتى الموت تقريباً».
وختم ليفي مقاله ساخرا «حادثة عمل» يفسرون الآن أن هذا خطأ تنفيذي. أخطاء العمل تحدث، لا سيما عندما يكون العمل حقيراً وإجرامياً ومتوحشاً، كما اعتقدنا أنه ربما انتهى في منشأة التحقيق في بيتح تكفا وأمثالها. في الواقع، معظم الإسرائيليين يعتقدون أن عربيد يستحق الموت، في دولة تتفاخر بأنه لا توجد فيها عقوبة الإعدام. هي فقط تقوم أحياناً بالإعدام بدون محاكمة وبدون مصلحة.
يشار الى أن صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية نشرت في 2017 تقارير تناقش ظاهرة تعذيب الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، في ظل مطالبات برلمانية في الكنيست بالكشف عن وسائل التعذيب المستخدمة في أقبية التحقيق.
وقال المراسل حاييم ليفينسون إن المحققين يضربون المعتقلين ويغطون وجوههم، ناقلا بعض الوسائل المستخدمة في التحقيقات الإسرائيلية، بعد سنوات حاولت فيها الدولة التعتيم على التعذيب السائد في غرف التحقيق. وطبقا لـ «هآرتس» يعترف محققون إسرائيليون بأن وسائل التعذيب سائدة ومنتشرة في أقبية التحقيق، رغم أن السنوات الأخيرة شهدت محاولات للتعتيم، خصوصا عندما يستخدم المحققون ما يسمونها «وسائل خاصة» وفق تقدير المؤسسة الأمنية.
وتحدثت الصحيفة عن أن أذرع المحققين الإسرائيليين طويلة في التحقيق مع الأسرى الفلسطينيين، حيث يستخدمون طرقا عديدة، كالصراخ في الأذن ولطم الوجه، وإجبار الأسرى على الوقوف ساعات طويلة.ونقلت عن محقق سابق في «الشاباك» قوله إن «المحققين يعتمدون طرقا في التعذيب لا تترك علامات على أجساد المعتقلين، وفي الوقت ذاته، تكون لهذه الطرق جدوى ونتائج مباشرة في كسر روحهم المعنوية، صحيح أن المحققين لا يتركون المعتقل عاريا في عشر درجات تحت الصفر، كما يفعل الأمريكان في سجن غوانتانامو، لكنهم يعتمدون أساليب محددة، لا تترك خلفها علامات». وأكد أن «عددا كبيرا من المعتقلين يجبرون على الجلوس بوضعيات مرهقة على الكراسي وهم مكبلون، أو يجلسون على ركبهم فترة زمنية طويلة، وظهورهم مسنودة للحائط، وعند وقوفهم يتألمون بشدة، ولا تعتمد كثافة الضربات على منطقة واحدة منعا لإلحاق الضرر بالأجهزة الحساسة من الجسد».

شهادة معتقل

أحد المعتقلين أبلغ الصحيفة شرط عدم ذكر اسمه أن «المحققين وضعوه على كرسي الاستجواب معصوب العينين مقيد اليدين والقدمين، وصفعوه أكثر من مرة بقوة على وجهه، ومنعوه من إرجاع ظهره نحو ظهر الكرسي، وأُجبر على النزول عنه، وهو مقيد، ويرقد مكبلا كالقوس، ويتعرض للكمات وسط صراخ شديد.
وأكدت الصحيفة أن هناك «زيادة في عدد عمليات التعذيب في السجون الإسرائيلية، رغم قرار المحكمة العليا منذ 1999 بوقف الأساليب المؤذية في التعذيب، التي تتسبب بآلام شديدة، لكن إسرائيل سمحت به حينها، وأصدر المستشار القانوني للحكومة إلياكيم روبنشتاين، توجيهات بعدم محاكمة المحققين جنائيا، مع الطلب من المحقق توثيق عدد الضربات والصفعات، وباقي الوسائل التي يستخدمها. ومنذ عام 2001، قدم الأسرى الفلسطينيون مئات الشكاوى حول تعرضهم للتعذيب، دون أن يفتح أي تحقيق جنائي ضد الشاباك. وحسب «هآرتس» أظهرت السنوات الأخيرة زيادة باستخدام التعذيب، كالوقوف ساعات طويلة، والأيدي ممدودة على الجانبين، والوقوف للحائط، وتغطية العيون، وتكبيل المعتقل وضربه، والصراخ في أذنيه، والإمساك بقميصه وسحبه نحو المحقق، ورفع الأيدي لمستوى كتفه، وهي مكبلة من الخلف، رغم أن المحققين يدركون شدة الألم الذي يتسببون به نتيجة هذه الحركات.

شاهد أيضاً

عبد المجيد الزنداني.. حياة حافلة بالعلم والعمل والجهاد

ودع اليمنيون والأمة العربية والإسلامية يوم الإثنين 13 من شوال 1445 للهجرة، الموافق 22 أبريل 2024م علما من أعلام هذه الأمة، وكوكبا من كواكبها، وهاديا من هداتها، ورائدا من روادها، هو الشيخ عبد المجيد بن عزيز الزنداني، العالم العامل، والمجاهد والمربي، والقدوة المعلم، القرآني المحمدي الرباني، صاحب العطاءات الدعوية، والإمدادات التربوية، والجهود التعليمية، والأطوار الجهادية،