إندبندنت: ثورة تتخمر في مصر وميدان التحرير لن يكون مركزها بل كل البلاد

قالت الصحافية المقيمة في تونس اليساندرا باجيك، إن هناك ثورة تتخمر في مصر وهذه المرة ستنتشر بعيدا عن ميدان التحرير.

ورأت في مقال نشرته صحيفة “إندبندنت” أن القمع والاضطهاد الذي يمارسه النظام بالإضافة إلى إجراءات التقشف، هي التي تقف وراء التظاهرات الصغيرة التي انطلقت في مصر يوم 20 أيلول/ سبتمبر، وبدون التصدي لهذين الأمرين فالثورة قادمة.

وقالت إن خروج مئات من المتظاهرين في تلك الجمعة ليس أمرا كبيرا في بلد يصل عدد سكانه 100 مليون نسمة. وتظل في النهاية حدثا استثنائيا في بلد لم تعقد فيه تظاهرات منذ عام 2016. فالتجمعات ممنوعة منذ الانقلاب الذي قام به عبد الفتاح السيسي عام 2013 ضد الرئيس المنتخب محمد مرسي الذي توفي في قاعة المحكمة في حزيران/ يونيو 2019.

وأدى عدم التسامح مع التظاهرات إلى التغييب القسري والتعذيب والاعتقال وإصدار احكام لمدد طويلة في السجن لكل من حاول تحدي المنع. ففي السجون المصرية آلاف المعتقلين وهناك مئات المواقع على الإنترنت التي تم حظرها، فيما تسيطر الدولة بالكامل على الصحافة في البلاد.

ولم تتوقف حملات القمع منذ عام 2013. وفي السنوات الماضية بات المصريون وبسبب القمع الوحشي يخشون من التعبير حتى عن موقف بسيط في الأحاديث العامة، بشكل أعطى عبد الفتاح السيسي القدرة على توطيد حكمه والتحكم بالجماهير وتسليمهم بالأمر الواقع.

إلا أن ما حدث في جمعتين متتاليتين كان مختلفا، فالاحتجاجات “النادرة” و”الصغيرة” كما وصفتها الصحف كانت مهمة، ذلك أن دعوات “ارحل يا سيسي” و”ارحل الآن” سمعت في عدد من المدن المصرية. و”رغم صغر حجم هذه التظاهرات إلا أن المصريين يعيشون حالة من الصحوة بعد 8 أعوام على الربيع العربي الذي أطاحوا فيه بحسني مبارك”.

وكانت المتظاهرون أمام سنوات من الضغط الاقتصادي والقمع المستمر، ولكنهم وجدوا الآن فرصة للتنفيس عن غضبهم. وترى الكاتبة أن الثورة القادمة لا ضرورة لأن تتخذ من ميدان التحرير مركزا لها كما في ثورة يناير 2011. فميدان التحرير يتوسع الآن إلى عدد من الأحياء والمدن في كل مصر.

وتتساءل الكاتبة عن السبب في ذلك؟ وتجيب أن حالة الإحباط تراكمت على مدى السنوات الماضية خاصة إجراءات التقشف القاسية التي فرضتها الحكومة. فمصر الآن تخرج من برنامج 3 أعوام من الإصلاحات الاقتصادية التي طالب بها صندوق النقد الدولي مقابل قرض بـ12 مليار دولار. وكجزء من البرنامج قامت حكومة السيسي بتعويم الجنيه المصري وقطع الدعم عن المواد الأساسية مثل الوقود والمواد الغذائية والكهرباء. ومع ترحيب الاقتصاديين والمستثمرين بانخفاض التضخم وتراجع الدين العام ومعدلات العجز في الميزانية، إلا مؤشرات الاقتصاد المصغر فشلت في ترجمة كل هذا إلى زيادة في الدخل ومستويات المعيشة. فتعويم العملة وقطع الدعم عن المواد الأساسية أدى إلى ارتفاع حاد في الأسعار بشكل زاد من معدلات الفقر. وبحسب الإحصائيات الرسمية فهناك 33% من السكان يعيشون تحت خط الفقر، بزيادة عن 28% عام 2015، فيما يضع البنك الدولي نسبة الفقر في مصر عند 60%.

في وقت يكافح فيه السكان لمواجهة غلاء الأسعار ومعدلات القمع ضد الاحتجاج فإن طنجرة الضغط المصرية تقترب من الانفجار.

وفي وقت يكافح فيه السكان لمواجهة غلاء الأسعار ومعدلات القمع ضد أي شكل من أشكال الاحتجاج فإن طنجرة الضغط المصرية تقترب من الانفجار.

وتشير الصحيفة إلى فيديوهات محمد علي، المقاول والممثل، التي بثها على منصات التواصل الاجتماعي عن حجم الفساد وتبديد أموال البلاد على القصور والمشاريع التي لا ضرورة لها، وهو ما ضرب على وتر حساس وأدى لنقاش عام بين المصريين حول الفساد في بلد يسيطر الجيش على اقتصاده.

ومحمد علي هو مجرد شرارة، وبعد انهيار جدار الخوف، سواء خرج المصريون الجمعة أم لم يخرجوا، فهم جاهزون للانفجار في أي وقت، وحتى في ظل القمع المكثف والمذعور.

وكان رد الحكومة ضد أي احتجاج هو القيام بحملات اعتقال جماعية، وسجنت في الجولة الأخيرة أكثر من 2.000 شخص ممن لهم لا علاقة لهم أو لهم علاقة بالاحتجاجات أو المعارضة، وهم الناشطون الحقوقيون والصحافيون والسياسيون والسجناء السابقون، وقيدت الحكومة استخدام الإنترنت، فيما حاولت منصات تواصل اجتماعي مؤيدة للنظام تشويه المتظاهرين، ووصمتهم بالإسلاميين والإرهابيين. ولكن الناس خرجوا، فلم تعد قبضة السيسي حديدية كما في الماضي. وبطريقة تعبر عن عصبيته، قال السيسي للمصريين الجمعة الماضية: “لا تخافوا من أي شيء” ولكنه هو “الخائف” أكثر من أي أحد آخر.

على السيسي أن يعرف الآتي: لن يخف الإحباط الذي قاد الناس إلى الشوارع إلا في حالة تحسنت ظروفهم المعيشية.

فالتظاهرات هي أول تحد مفتوح للسيسي وسلطته منذ صعوده إلى الحكم، وزعمه أن الاقتصاد متعاف وبحالة جيدة لن ينزع فتيل الغضب الشعبي، خاصة عندما يتم تبذير مليارات الدولارات على بناء القصور والمشاريع العملاقة. وعلى السيسي أن يعرف الآتي: لن يخف الإحباط الذي قاد الناس إلى الشوارع إلا في حالة تحسنت ظروفهم المعيشية.

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".