إندبندنت: قادة انفصاليون لمّحوا لتنسيق مع الإمارات في السيطرة على عدن… وفي المهرة استعدادات للحرب

تحت عنوان “الحرب التي بدأت كل الحروب: في داخل جنوب اليمن المضطرب” نشرت صحيفة “إندبندنت” تقريراً لمراسلتها بيل تروـ قالت فيه إن المعركة الفوضوية للانفصاليين الجنوبيين تولد نزاعات جديدة في بلد يعاني من أسوأ كارثة إنسانية في العالم. وقالت في تقريرها إن قبائل المهرة التي كانت جزءاً من جنوب اليمن حذروا من سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي على مدينة عدن، مقر الحكومة الشرعية بشكل أثر على التحالف الذي تقوده السعودية الداعمة لحكومة عبد ربه منصور هادي. وقال مشايخ قبائل المهرة إن سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي لن تؤدي إلى حرب بين الشمال والجنوب بل وبين الجنوب نفسه. وتعلق “إنهم يتحدثون عن حرب داخل حرب أخرى في دولة تعيش أسوأ كارثة إنسانية في العالم حيث يواجه 13 مليون شخص المجاعة”. وقال علي سالم الحريزي، نائب الحاكم السابق ومدير الحدود في المهرة “نعتقد أن الخطر قادم إلينا”.
وتقول إن الزعيم المثير للجدل المعروف بين أتباعه بالجنرال والذين ينظمون القصائد والأغاني لمديحه، ويقود مجموعة من المسلحين المهرة والذين يرونه كحاجز ضد التغلغل السعودي في المحافظة. فيما يرى فيه نقاده محرضاً ضد الخليج ويقولون إن عمان تدعمه. ويؤمن أتباع الحريزي في المهرة وغيرها باليمن المتحد ولكنهم اشتبكوا مع الإمارات وفي الفترة الاخيرة مع السعوديين بسبب الوجود العسكري في البلد. ومثل الكثير من اليمنيين يحملون الإماراتيين مسؤولية صعود المجلس الانتقالي الجنوبي الذي دربت وسلحت أبو ظبي قواته لقتال الحوثيين. وقال الحريزي “نؤمن بيمن واحد، ولهذا يجب على المهرة الدفاع عن نفسها”. وقال “في الأسابيع المقبلة سندرب رجالنا لكي يكونوا مستعدين”.

أطلق على المجتمع اليمني المنقسم اسم “مقبرة الغزاة” بشكل دعا البعض للمقارنة بينه وبين مجنمع أفغانستان الذي هزم في الماضي كل محاولات الغزاة.

وتعلق الصحيفة على أن مشاهد الذعر في المهرة تشير إلى التعقيد المدمر في اليمن الذي أحبط محاولات عدة من الخارج للسيطرة عليه. وأطلق على المجتمع المنقسم اسم “مقبرة الغزاة” بشكل دعا البعض للمقارنة بينه وبين أفغانستان الذي هزم في الماضي كل محاولات الغزاة. وهناك نكتة في الجنوب تقول إن اليمن عادة ما يشهد كل أربعة أعوام حرباً، ولهذا فالحرب الأخيرة جاءت متأخرة. ويقول الحريزي: “أتوقع أن يتم المجلس الانتقالي الجنوبي السيطرة على المحافظات (شرق عدن) مثل أبيان وشبوة وسيحاولون الزحف عبر الصحراء”. و”يعتقدون أنهم يمثلون الجنوب، ولكن لا ولو جاءوا إلى هنا فسنقاتلهم”. وكانت توقعاته صحيحة، فبعد أسبوع من سيطرة الانفصاليين على عدن قاموا بالسيطرة على معسكرين في محافظة أبيان القريبة من عدن. ورغم دعوات حكومة هادي الانفصاليين لتسليم عدن إلى الحكومة إلا أنهم أكدوا على التمسك بما حققوه وتسليم عدن إلى الحكومة. ورغم مشاركتهم في محادثات جدة وانسحبوا على تردد من بعض المؤسسات بضغط من السعودية إلا أنهم رفضوا الانسحاب من بعض المواقع العسكرية الأخرى. وخاض مقاتلو المجلس الانتقالي الجنوبي اشتباكات مع قوات الحكومة يوم الخميس في شبوة، ويقومون في الوقت نفسه بمحادثات مع مشايخ قبائل حضرموت، أكبر محافظات الجنوب. وانتشرت الدعوات على وسائل التواصل الاجتماعي يوم السبت بين أتباع مشايخ القبائل الأخرى وغير مرتبطة بالحريزي تحدثت عن تقدم لقوات المجلس الانتقالي الجنوبي نحو المهرة. وبحسب البيان الذي انتشر على “تويتر” فقد دعا سكان المهرة للتعبئة والوحدة لمواجهة كل من يحاول غزو المحافظة. وحذر من “الغزو الحتمي” والخلايا النائمة التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي.
وتعلق الصحيفة أن حرباً جديدة متعددة الجوانب قريبة تختلف عن تلك التي اندلعت بعد سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء، حيث شنت السعودية والإمارات حرباً مدمرة عام 2015 لهزيمة الحوثيين وإعادة الحكومة الشرعية. ومع طول أمد الحرب قامت الإمارات بتدريب 90.000 من مقاتلي الجنوب، بعضهم شارك في السيطرة على عدن. ولأكثر من اربعة أعوام قتل حوالي 100.000 في الحرب فيما يواجه حوالي 13 مليون يمني المجاعة.
وبحسب الأمم المتحدة شهد اليمن أسوأ موجات الكوليرا، فيما يعتمد ثلثا اليمنيين على المساعدات الإنسانية للنجاة. ووقع الحوثيون وممثلو الحكومة اتفاقية وقف إطلاق نار في ميناء الحديدة. وفي حزيران (يونيو) أعلنت الإمارات عن بدء سحب قواتها بحجة بناء الثقة بين الأطراف ودفع عملية السلام. ولأن أطراف التحالف المعادين للحوثيين يخوضون حرباً ضد بعضهم البعض يبدو الحديث عن السلام لا قيمة له. وفي الوقت نفسه يراقب الحوثيون المشهد، ويرون أنه دليل على عدم قدرة الحكومة التي يدعمها التحالف السعودي – الإماراتي على الحكم. وبدأت الأحداث الاخيرة قبل ثلاثة أسابيع عندما أصاب صاروخ أطلقه الحوثيون وقتل عدداً من الانفصاليين بمن فيهم قيادي معروف وهو منير محمود اليافعي المعروف بأبو يمامة. وافترض الكثيرون أن هناك من ساعد الحوثيين على الهجوم نظراً لبعد الجنوب عن العاصمة. إلا أن المجلس الانتقالي الجنوبي، اتهم حزب الإصلاح المرتبط بحركة الإخوان المسلمين والمتحالف مع الرئيس هادي.
وفي 1 آب (أغسطس) وبعد ساعات من الهجوم قال ناصر الخبجي، أحد قادة المجلس الانتقالي الجنوبي أن الانفصاليين لن يتركوا مقتل أبو يمامة بدون انتقام. وفي مقابلة مع “إندبندنت” بأبو ظبي “في الوقت الذي يعتقد فيه الجميع أن الحرب في اليمن هي بين المتمردين الحوثيين والحكومة اليمنية إلا أن الحرب الحقيقية التي ستبدأ الآن هي بين الشمال والجنوب”. وفي تلك الفترة، وقبل 10 أيام من السيطرة الدموية على عدن فإن الدعوات إلى الحرب لم يستمع إليها على خلفية الثريات اللامعة وموسيقى المصاعد التي تبدو بعيدة عن ساحة المعركة. وبعد كل هذا فقادة المجلس الانتقالي المقيم أفراده بشكل كامل في أبو ظبي يهددون بشن حرب منذ عام ولكن لم يحدث شيء. وقال الخبجي “ستكون هناك خطوة سياسية وعسكرية من المجلس الانتقالي الجنوبي”. وأضاف “يمكن تنسيق الخطوة مع الإمارات العربية المتحدة”.
وقال زعيم جنوبي قابلته الصحافية في مقهى في أبو ظبي “لن تطول الحرب الحالية مع الشمال ولكن حروباً أصغر ستبدأ”. وقال “تفهم الإمارات العربية المتحدة القضية، نفضل أن تظل الإمارات في الجنوب ولكننا نعرف أنهم غير راضين عن الإسلاميين مثلنا”. ونفت الإمارات أي علاقة مع المجلس الانتقالي الجنوبي وخطته للسيطرة على عدن. ولكن الخبراء حذروا الإماراتيين من دعم المجلس الانتقالي عسكرياً وفي مجال البنى التحتية المهمة التي أقامتها في الجنوب وأنها تعتبر إسفيناً في التحالف القوي مع السعودية.
ويعتقد الخبراء أن البلدين لديهما أولويات مختلفة في اليمن، فالسعودية تخشى من إيران ودعمها للحوثيين بالصواريخ. أما الإمارات فالأولوية هم الإخوان المسلمون. ويقول أحمد علي المخيني، الباحث السياسي وسكرتير مجلس الشورى العماني سابقاً “تهديد الحوثيين لا يعد وجودياً بالنسبة للإمارات مثل تهديد الإخوان المسلمين” و”بالنسبة للإمارات فهؤلاء هم مظهر قلقها الأكبر”. وربما كانت تقوية المجلس الانتقالي الجنوبي محاولة لمنع وصول الإسلاميين الوصول إلى السلطة حالة فراغ بسبب الحوثيين. إلا أن الباحثة في شؤون اليمن بكلية بيمبروك في جامعة أوكسفورد إليزابيث كيندال تعتقد أن تدريب الإمارات للانفصاليين “أطلقت العنان لقوة” ليس لديها القدرة على السيطرة عليها. وقالت: “كانت الكرة في ملعب الإماراتيين، وعليهم جلب المخلوق الذي رعوه ومنع رغبته من الاستقلال لو أردنا تحقيق الاستقلال في هذا البلد”. وفي عدد من المقابلات أجرتها الصحيفة منذ العام الماضي عبر مسؤولين إماراتيين عن قلقهم من الإخوان المسلمين. وقاموا بتدريب ميليشيات عدة على أساليب مكافحة الإرهاب. وليس سراً عدم حب الإمارات لعبد ربه منصور هادي. وربما أدى هذا لتوتر مع الرياض إلا أنهم رفضوا بقوة كل التقارير التي تحدثت عن خلافات مع الإمارات وأنهم وراء “الانقلاب” حسبما قالت حكومة هادي. ويقول مسؤول إماراتي “لا شيء براقاً بين الإمارات والسعودية عندما يتعلق باليمن”. ومما يزيد المشهد اليمني تعقيداً، هناك حركة انفصالية في العاصمة العمانية، مسقط تدعو إلى انفصال الجنوب عن الشمال ولكنها معارضة للمجلس الانتقالي الجنوبي المتحالف مع الإمارات. وبحسب فادي حسن برهوم زعيم الحركة الثورية للجنوب فإن المجلس الانتقالي الجنوبي هو أداة بيد الإمارات. وقال “نخشى من تحول الجنوب إلى مسرح دموي وساحة لمصالح دول الخليج وقوى أخرى”.

شاهد أيضاً

غزة بين “عقيدة بايدن” وخطة نتنياهو

بعيدًا عن تداعيات قرار مجلس الأمن الذي صدر أخيرًا، مطالبًا بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، والشرخ الذي أظهره في العلاقة بين الإدارة الأميركية، وحكومة بنيامين نتنياهو في إسرائيل، يحسن بنا أن نعود خطوتَين إلى الوراء لمحاولة فهم طبيعة ذلك الخلاف.