سلمان هو صدام حسين الجديد.. وثمن مواجهته في المستقبل ستكون باهظة

“كان يا مكان، كان هناك ديكتاتور قاسٍ ومتهور في دولة نفطية عربية، ورغم سجله الموثق في الإنتهاكات إلا أن الولايات المتحدة اقتربت منه ودعمته، وكانت جرائمه رهيبة ولكنه كان قوة تحديث لبلده ويقف في مواجهة الجهادية الإسلامية وإيران، وربما لم يكن له بديل”.

كان اسمه كما يقول كاتب الرأي في صحيفة “واشنطن بوست” جاكسون ديل، صدام حسين، مشيرا إلى أن الرهان الذي وضعته الولايات المتحدة وحلفاؤها عليه قاد إلى غزو الكويت عام 1990 ومن هنا بدأت “الحروب التي لا تنتهي” في الشرق الأوسط التي تشتكي منها بشكل عام مؤسسة السياسة الخارجية.

ويضيف ديل قائلا: “بعد 30 عاما فهذه النخبة والساسة الذين يقدمون لها التقارير يقومون بتكرار نفس الخطأ، رغم قولهم إنهم يمقتون جرائم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بما فيها الجريمة الشنيعة لقتل الصحافي جمال خاشقجي وتعذيب وسجن النساء المطالبات بحقوق أوسع للمرأة ويرون الحملة العسكرية في اليمن على أنها كارثة مثقلة بجرائم الحرب”.

ومع ذلك ففي القمة الأخيرة لمجموعة العشرين في مدينة أوساكا اليابانية التي نظمت الأسبوع الماضي “تجمعوا بجدل حوله، وليس الرئيس دونالد ترامب فقط ولكن رؤساء الوزراء والرؤساء من الدول الديمقراطية الأوروبية، وليس هم بل قادة الهند وكوريا الجنوبية واليابان، الذين استقبلوا محمد بن سلمان بحرارة في الأشهر الستة الماضية” و”عندما تسألهم عن السبب فإنك تحصل على الجواب المألوف: ولي العهد، المعروف أيضا باسم (م ب س) هو الفرصة الأفضل لتحديث السعودية. وهو يخوض حربا ضد التشدد الإسلامي، وهو متحالف معنا وإسرائيل ضد إيران. والبدائل عنه أسوأ”.

ويرى الكاتب أن تصميم الساسة وصناع السياسة للتمسك بهذه الرؤية الضيقة يمكن رؤيتها من خلال المحاولة الفردية التي تقوم بها المقررة الخاصة في الأمم المتحدة لقضايا القتل خارج القانون والإعدام التعسفي، أغنيس كالامار. فقد قامت بمبادرة منها بتحقيق استمر خمسة أشهر في جريمة قتل خاشقجي بالقنصلية السعودية العام الماضي. وفي 19 حزيران (يونيو) قدمت تقريرا مدويا مظهرة أن خاشقجي كان “ضحية إعدام مدبر ومقصود وقتل خارج القانون تتحمل مسؤوليته الدولة السعودية”، وأن محمد بن سلمان متواطئ في العملية ومحاولة التغطية التي أعقبت الجريمة.

ودعت كالامار لوقف التحقيق مع 11 شخصا متهما بالجريمة والبدء بتحقيق مستقل بناء على أمر من الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش أو مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي أي).

ودعا التقرير لفرض عقوبات على محمد بن سلمان وأرصدته الخارجية “حتى وإلا قدم أدلة موثوقة أن لا علاقة له بالجريمة”.

ويقول ديل إن الصمت الرسمي المطبق الذي استقبل به التقرير كان واضحا فلم يرد غوتيريش على طلب كالامار بتحقيق مستقل. وحتى الأسبوع الماضي لم يتلق بها. والتزمت أوروبا أيضا بالصمت. وفي قمة العشرين التقى ترامب مع محمد بن سلمان على مأدبة إفطار وأعلن أنه “يقوم بعمل باهر”.

وعندما سئل لاحقا عن جريمة قتل خاشقجي أجاب ترامب أنه لا يوجد ما يشير مباشرة “بأصبع الاتهام” إلى ولي العهد السعودي- رغم ما توصل إليه تقرير كالامار وتقييم وكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) قبلها.

وفي زيارة لها لواشنطن الأسبوع الماضي لم تغير كالامار موقفها وقالت أثناء كلمة لها في معهد بروكينغز: “حاولت الكثير من الدول دفنه قائلة دعونا نمضي للأمام لكن الجريمة لن تختفي”.

وفي زيارة لصحيفة “واشنطن بوست” قالت إنها تعتمد على الولايات المتحدة لتحقيق العدالة “أعتقد أن هذا هو المكان الذي يجب أن تنجح فيه المحاسبة”.

وهناك أمل كما يقول ديل حيث يطالب المشرعون في مجلس النواب من مدير الأمن القومي تقديم تقرير عن المتورطين في جريمة قتل خاشقجي ويطالبون بمنع منح تأشيرات زيارة إلى الولايات المتحدة.

ومن المتوقع أن تنظر لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ قرارات أخرى.

و”طالما بقي ترامب في الرئاسة فلن يواجه محمد بن سلمان عقوبات، فكل القرارات الصادرة عن الكونغرس تستثنيه أو تمنح ترامب سلطات لعمل هذا”.

و”مثل صدام حسين قبله، فقد استنتج محمد بن سلمان أنه محصن، فالنساء اللاتي أمر بتعذيبهن في السجن وتواصل طائراته قصف اليمن. ويقوم باتخاذ الخطوات الأولى للحصول على أسلحة نووية. ولأن الحكومات الغربية لا تعمل على وقفه وستقوم لاحقا عندما يكون الثمن أعلى”.

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".