بن كيران يبتعد عن الرؤية التقليدية لزعيم ذي مرجعية إسلامية: حزب العدالة والتنمية ليس سوى حزب يسيّر الحكومة وليس البلاد

أطل الزعيم المغربي عبد الإله بن كيران، مرة أخرى، ليقدم رؤيته حول قضايا مثيرة للنقاش، وسيتلو طلته نقاشاً حول هذه الرؤية التي حملت جديداً، يعتبره البعض يبتعد عن الرؤية التقليدية لزعيم ذي مرجعية إسلامية.
عبد الإله بن كيران، رئيس الحكومة السابق، والأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، قال في لقاء مع شبيبة حزبه، الإثنين، بث في مقطع فيديو مباشر على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إن الحزب الذي ينتمي إليه والذي يقود الأغلبية ليس سوى حزب يسير الحكومة وليس البلاد، وأوضح أن من يقول الحزب يسير البلاد فهو يكذب على نفسه لأن الملك هو من يحكم البلاد ويقودها والحكومة تشتغل تحت إمرته، فهو ملك البلاد حسب الدستور، وأمير المؤمنين، والقائد الأعلى للقوات المسلحة، وقال: «لسنا زعماء بلا قياس، فالملك هو الذي يسير البلاد، والحكومة تحت رئاسة الملك، فهو رئيس مجلس الوزراء، وهدفنا في السياسة هو الإسهام مع الآخرين».
الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية سابقاً خاطب شباب حزبه بأن «الذي يريد أن يدخل السياسة ويريد أن يكون وزيراً أو سفيراً، يجب أن يدور في باله أن للسياسة وجهاً آخر، وفي بعض المرات يكون فيها حتى القتل، وهذه هي السياسة»، وقال إن العدالة والتنمية «حزب سياسي ينظمه القانون والعرف السياسي الكوني والوطني، وليس حزباً دينياً مثل حركة التوحيد والإصلاح وجماعة العدل والإحسان اللتين تعتبران هيئات دينية». وأضاف: «حينما تدخل إلى المعترك الديني تجد أن الإشكال ليس دينياً، ونحن وجدنا كحزب أن المشكل يكمن في السكن والصحة والتعليم والمقاصة والتقاعد وغيرها، وهي أمور تحتاج إلى التدبير بنباهة وجرأة وشجاعة، فيمكن أن تكون تقيّاً في الدين ولكن لا تفهم في هذه الأمور شيئاً»، وقال: «إن قوانين البلاد ليست بالضرورة منسجمة مع التوجه الشرعي».
وقال بن كيران: «نحتاج إلى مرجعتينا وألا نخلط الدين بالسياسة، وأنا منذ أن دخلت الحكومة لم أتكلم تقريباً عن الجانب الديني، لأن الدين في المغرب مُنظم بالقانون وله رئيس وهو أمير المؤمنين، ويمكنني كرئيس للحكومة أن أنبه إلى بعض الأشياء، لكنه يبقى مجالاً محفوظاً للملك، كما الشأن بالنسبة لوزارة الخارجية». وأن هذا الأمر يأتي بالرغم من أن «أشياء غير معقولة تقع أحياناً في المجال الديني، مثل عزل بعض الخطباء مثلاً، لكن في العموم يبقى هذا المجال منضبطاً بقانون ورئيس يشرف عليه»، وأن الدول التي لا يكون فيها الدين محفوظاً ومنظماً تقع فيها فوضى.
وأكد ضرورة الفصل بين الشؤون الدينية والممارسة السياسية والتفريق بين ما هو حرام وما هو ممنوع، حتى في الأمور التي تسببت في إحراج لحزبه، مثل فرض الزكاة، وبيع المشروبات الكحولية، وقال إن حزبه هو حزب سياسي وليس جماعة دينية، وأن تدبير العمل الحكومي يتطلب النباهة والجرأة، في إشارة إلى تخلي تنظيمه السياسي على عدد من الشعارات والمواقف الإسلامية التي كان يتبناها، أن «الخمر محرم في الإسلام؛ لكنت منعه هو قرار مكفول للدولة والرسول لم يكن يحد شارب الخمر، والشيء بالنسبة لأبي بكر الصديق، حيث أن الخمر في الإسلام كان موجوداً دائماً، وحتى اليوم فهو غير ممنوع، ولكن الممنوع هو السكر العلني، فشرب الخمر بشكل علني في مدينة محافظة سيشكل فتنة، ورغم وجود أشخاص يتناولون الخمر لكن ليس بشكل علني وسيرفضون إذا تم ذلك علنياً لأن هذا هو المجتمع»، وقال إن قوانين منع المشروبات الكحولية في المغرب على المسلمين أقرها المقيم العام الفرنسي ليوطي في فترة الاستعمار حماية لمصالح فرنسا.
وأشار رئيس الحكومة السابق إلى تخلي حزب العدالة والتنمية في برنامجه على ضرورة فرض الزكاة للفقراء بعد الجدل الذي أثاره الموضوع: «الملك الراحل الحسن الثاني حاول فرض الزكاة من خلال تخصيصه لجائزة حول كيفية جمع الزكاة؛ لكن هذا المشروع لم يكتب له أن يخرج».
وقال بن كيران: «إلا أن المغاربة من أكثر الشعوب إيماناً في الكون، ويُقبلون على الصلاة بالملايين، حتى أن بعضهم تضايق من اجتماع الناس على التراويح وإيقافهم الحركة في بعض الشوارع لساعة من الزمن، حيث يكون أغلب المغاربة في الصلاة»، وحذر من يدعون العلمانية من الذهاب بعيداً، وقال: «الذين يتكلمون عن العلمانية يغامرون بأنفسهم ووطنهم لأننا أمة انبنت على الدين، والمولى إدريس منذ جاء أول مرة للمغرب بنى دولته على الإسلام، ودستورنا ينص على إمارة المؤمنين، وهذا يساعد على أن تبقى الأمور منضبطة، وهذا هو المهم»، فـ»المجال الديني في المغرب منظم بالقانون وله رئيس هو أمير المؤمنين، ورئيس الحكومة يمكن أن ينبه إلى بعض الأمور؛ لكن هذا مجال محفوظ لجلالة الملك، مثل وزارة الخارجية أو أكثر».
ووجّه رسائل إلى المطالبين بالعلمانية، وقال إن «هؤلاء يغامرون بأنفسهم ويغامرون بوطنهم؛ لأننا أمة بُنيت على الدين منذ المولى إدريس مؤسس الدولة المغربية»، وتحدث عن الفرق بين الحرام الذي منعه الدين الإسلامي، والمنع الذي قررته الدولة بالقانون «إلي بغا يفطر سوقو هاداك (من أراد إفطار رمضان فذلك مسؤوليته)، لكن يجب السؤال هل سيؤثر هذا السلوك في المجتمع؟».

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".