كاتب بريطاني: ما لا تريده السعودية والإمارات في السودان

أكد الكاتب ديفيد هيرست رئيس تحرير موقع “ميدل إيست آي” (عين الشرق الأوسط) البريطاني أن ما لا يريده السعوديون والإماراتيون على الإطلاق هو قيام حكومة مدنية تمثيلية مستقلة في السودان.

وأشار إلى أن المعتصمين السودانيين منذ شهر برغم كل المصاعب يرفضون المغادرة إلى أن تسلم القوات المسلحة السلطة إلى حكومة مدنية.

وذكر الكاتب أن في الأسبوع الماضي، وصل وفد سعودي إماراتي مشترك إلى الخرطوم لحضور اجتماعات مع أعضاء المجلس العسكري الانتقالي السوداني، على الرغم من أن أسماء أعضاء الوفد لم تعلن رسميًا.

وشدد الكاتب على أنه سواء في اليمن أومصر أوتونس أوليبيا، فقد سعى الإماراتيون والسعوديون إلى سحق الانتفاضات الشعبية.

واعتبر أن هناك مخاطر واضحة لتحويل الثورة السودانية إلى صراع بالوكالة بين السعوديين والإماراتيين ضد تركيا وقطر.

وقال هيرست أن خطة السعودية والإمارات تتألف خطتهم من شقين: دعم وتسليح الرجال الأساسيين في الجيش الذين يتفاوضون مع المحتجين، واستخدام القادة المدنيين الذين يبرزون لإبعاد جميع الإسلاميين عن الجيش والحكومة والخدمة المدنية والمحاكم.

بمجرد أن يحققوا ذلك، سيحل رجلهم السوداني القوي.وهذا استنساخ للتجربة المصرية والليبية. فما لا يريدونه على الإطلاق هو قيام حكومة مدنية تمثيلية مستقلة.

وللسعودية والإمارات ما يحتاجه السودان بشدة، بعد تبخر معظم عائداته النفطية ، وهو المال. فلعقود من الزمان ، كانت الطريقة الوحيدة للحصول على تحويلات مالية من وإلى السودان ( حيث أن العقوبات الاقتصادية والتجارية الأمريكية التي تم رفعها قبل عامين فقط) هي من خلال بنكين: أحدهما مملوك للسعودية وهو بنك فيصل الإسلامي السوداني ، والآخر إماراتي: بنك أبوظبي الوطني. وقد فشل رفع العقوبات في التخفيف على السودان، وحتى عندما تعرض الرئيس السابق، عمر البشير، لضغط محلي قوي لسحب القوات السودانية من اليمن ، حيث شكلوا الجزء الأكبر من المقاتلين الأجانب ، لم يستطع ذلك لأنه في حاجة إلى المال السعودي و الإماراتي. كما أنه مثله مثل معظم جيران السعودية، كان أيضًا خائفًا من فقدان التحويلات المالية من مجموعات المغتربين السودانيين العاملين في المملكة. وقال الكاتب إن مخالب النفوذ السعودي والإماراتي تصل إلى أبعد من ذلك، وقد أقيمت صلاتهما منذ فترة طويلة.وذكر أن أحد أعضاء الوفد السعودي الإماراتي هو ضابط المخابرات السوداني طه عثمان الحسين، الذي أعلم البشير بالكشف عن محاولة انقلاب مزعومة لصلاح غوش، رئيس سابق للمخابرات السودانية. وسرعان ما أصبح طه عثمان ساعد البشير الأيمن. وقال ذات مرة “أنا لست مدير مكتب الرئيس البشير بل ابنه”. وقد اعتاد طه عثمان التنقل بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وسرعان ما أصبح يعرف باسم رجل السعودية في السودان. وكان له الفضل في إحياء الوجود الإماراتي في السودان وترتيب زيارة البشير إلى الإمارات في عام 2016. وعندما احتاج ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى مكلف بمهمة في إفريقيا ، كان طه عثمان هو ذلك الرجل. كما أشاد بقرار رفع العقوبات الأمريكية بعد زيارة لواشنطن لمقابلة أعضاء الكونغرس. ولكن طه عثمان تم طرده في ظروف مثيرة من السودان فقد تم إلقاء القبض عليه في المطار بينما كان على وشك الصعود على متن طائرة متجهة إلى الرياض في يونيو 2017 – بعد شهر واحد من اختراق وكالة الأنباء القطرية الرسمية ، وقطع العلاقات الدبلوماسية ، وبدأ الحصار الخليجي على قطر.وكان يُعتقد أنه كان بحوزته الوثائق التي يحتاجها السعوديون والإماراتيون في زعمهم بدعم قطر للإرهاب. وقد تم السماح له بمغادرة السودان ، لكنه عاد اليوم.

تقول مصادر في الجيش السوداني إن الإماراتيين يمولون حميدتي ويمنحونه مدفعية ثقيلة، وهو من يوفر المقاتلين السودانيين لها وللسعودية في اليمن. ولحميدتي ماضٍ دموي فهو واحد من السودانيين الخمسة – بمن فيهم البشير – المطلوبين من الجنائية الدولية في جرائم حرب بدارفور

أما محمد حمدان دغلو ، المعروف باسمهحميدتي ، فهو جنرال آخر مثير للجدل لكنه أساسي في الخطة الإماراتية للسودان. وقد لفت حميدتي، قائد المجموعة شبه العسكرية المسماة قوات الدعم السريع ، الانتباه بتقديم نفسه كرجل طيب رفض الأوامر بفض الاعتصام بالقوة، وهو الآن نائب رئيس المجلس العسكري، ويمارس نفوذه في المفاوضات مع المحتجين. وقد بنى حميدتي علاقة قوية مع السعوديين والإماراتيين في اليمن ، حيث وفرت قوات الدعم السريع جوهر الجنود السودانيين الذين يقاتلون الحوثيين. . وقد اثار حميتي جدلاً بإعلانه مقتل 412 جنديًا في اليمن ، مما أدى إلى المطالبة في الداخل بسحبهم. و بحسب هيرست تقول مصادر في الجيش السوداني أن الإماراتيين يمولون حميدتي ويمنحونه مدفعية ثقيلة. ولحميدتي ماضٍ دموي، كما يشير المراقِب السوداني إريك ريفز في مدونته. فنائب زعيم المجلس العسكري واحد من السودانيين الخمسة – بمن فيهم البشير – الذي أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال بحقهم بسبب مذبحة القرويين العزل في دارفور.لكن هيومن رايتس ووتش ، التي وثقت جرائم خطيرة ارتكبتها قوات الدعم السريع في دارفور ، قالت إن دور حميدتي الجديد يجب ألا يجعله محصنًا من المساءلة عن جرائم القوات التي قادها. وقد أصبحت قوات الدعم السريع أداة البشير الرئيسية لقمع التمرد في دارفور، حيث احتوت عددا كبيرا من ميليشيات الجنجويد ، وعندما أدرك البشير أنه كان في ورطة في الأشهر القليلة الماضية من حكمه ، أصبحت قوات الدعم السريع حرسه الخاص. ويقول الكاتب إنه الى جانب هذا فالإمارات تتواصل مع المعارضة السودانية، وقد اعترفت مريم صادق المهدي، نائب رئيس حزب الأمة وابنة رئيس الوزراء السابق، على شاشات التلفزيون بالذهاب إلى الإمارات بعد سقوط البشير ، لكنها قالت إنها كانت تفعل ذلك لتوجيه الشكر لهم لاستقبال والدها عندما أطيح به في انقلاب. وبشكل منفصل ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن خمسة من قادة المعارضة السودانية ، بما في ذلك الفصائل المسلحة ، قد زارت أبو ظبي مؤخرًا لإجراء محادثات حول الانضمام إلى حكومة يقودها الجيش. وكانت السعودية والإمارات تعهدتا بعد خلع البشير بدعم السودان بـ 3 مليارات دولار. وبحسب هيرست هناك مخاطر واضحة لتحويل الثورة السودانية إلى صراع بالوكالة بين السعوديين والإماراتيين الذين يدعمون الجنرالات والقوى العلمانية، فيما تدعم تركيا وقطر الإسلاميين. وكان للسودان نصيبه من الانقلابات والحروب الأهلية. لقد أتى الإسلاميون بالبشير إلى السلطة ، ثم ندم أحد الفصائل عليه. وحدث الشيء نفسه مع الشيوعيين. ويؤكد الكاتب أن الطغاة يخدمون أنفسهم فقط. وأن هذه المرة فإن الأمر متروك لحركة الاحتجاج لضمان إقامة ديمقراطية تمثيلية حقيقية باسم جميع اتجاهات وفصائل الشعب السوداني. وحذر في الأخير من عدم تكرار سيناريو السعودية والإمارات في مصر أوليبيا، على اعتبار أن السيسي أو حفتر السودان المقبل هو بالفعل جاهز، جاهز وينتظر.

شاهد أيضاً

قتيل إسرائيلي في كريات شمونة بعد قصفها بعشرات الصواريخ من لبنان

قال حزب الله اللبناني إنه أطلق عشرات الصواريخ على مستوطنة كريات شمونة، ردا على غارات إسرائيلية على مركز إسعاف أدت إلى مقتل 7 متطوعين، بينما أعلنت الطوارئ الإسرائيلية مقتل شخص جراء القصف على كريات شمونة.