“الخوف يسقط صلاة الجمعة”.. مسلمو سريلانكا يدينون الهجمات ويخشون الانتقام

كان مستغربا أن يُرفع الأذان داخل المسجد وبدون مكبرات صوت، لكن الإمام الشيخ عبد الجليل عبّر عن حالة القلق والتعاطف التي تطغى على الأقلية المسلمة في سريلانكا هذه الأيام بقوله “إن الأذان تعبير عن السرور عند المسلمين، والجيران في حالة حزن، فينبغي علينا أن نتعاطف معهم”.
يبعد مسجد “كوتا هينا” قرابة مئتي متر عن كنيسة سان أنطونيوس التي كانت ضمن المواقع المستهدفة في هجمات عيد الفصح الأحد الماضي، مما خلف مئات القتلى والجرحى.

ويقع المسجد في حي مزدحم وسط العاصمة السريلانكية كولومبو، ويكاد يكون نموذجا للتركيبة السكانية في البلاد، ويتناسب تنوع سكانه مع حجم أبناء كل قومية.

ومع حلول أول جمعة بعد مذبحة عيد الفصح، ظهرت دعوات بين المسلمين إلى تجنب أي مظاهر يمكن أن تسبب تأجيج روح انتقامية ضدهم، لا سيما من قبل متطرفين بوذيين قد يسعون لاستغلال الهجمات الأخيرة في التحريض ضد المسلمين.

وقد دعا وزير الشؤون الإسلامية عبد الحليم محمد هاشم إلى إلغاء صلاة الجمعة، وطلب في بيان له أن يصلي كل مسلم الظهر في منزله.

الأمن والتضامن
وقال الوزير هاشم إن هذه الخطوة تهدف إلى الحفاظ على الأمن والسلام في البلاد، والتضامن مع المجتمع الكاثوليكي، ورفض الأعمال الهمجية والإرهاب.

لكن “جمعية علماء سريلانكا” تركت لكل منطقة تقدير الموقف واتخاذ قرار إلغاء الجمعة من عدمه. وفي حال أداء الجمعة، تنصح الجمعية باختصار الخطبة وعدم إطالة الصلاة. أما إذا كان المجتمع كله مسلما كما هو الحال في بعض القرى، فيمكن إقامة صلاة الجمعة كالمعتاد.

واتخذت هذه التدابير بسبب انتشار الأقلية المسلمة في جميع أنحاء البلاد وعدم تمركزها في منطقة محددة.

وفي مؤتمر صحفي عقده مع مجموعة من العلماء، قال المفتي رضوي إن وجوب صلاة الجمعة يسقط في حالة الخوف، ويمكن للرجال الصلاة في منازلهم إذا لم يطمئنوا على أمن أسرهم وأولادهم أثناء ذهابهم للصلاة.

ووسط دعوات من قيادات سياسية بحظر النقاب وتغطية الوجه، دعت جمعية علماء سريلانكا إلى التعاون مع الشرطة وقوات الأمن، وطلبت من المسلمات الكشف عن وجوههن عند الحاجة والتعريف بأنفسهن، وذلك حتى لا يتسبب لبس النقاب في إثارة الشكوك أو شعور آخرين بالتعرض لتهديد.
جماعة التوحيد
وكررت منظمات ومؤسسات إسلامية سريلانكية عديدة تبرؤها من هجمات الأحد الماضي.

وبينما رفضت جمعية العلماء تشييع جثث الانتحاريين، نأت “جماعة التوحيد السريلانكية” بنفسها عن “جماعة التوحيد الوطنية” التي يعتقد أنها انشقت عنها عام 2014، وقالت إن منفذي الهجمات لا ينتمون إليها.

وقال مسؤولون في جماعة التوحيد السريلانكية إنها مسجلة رسميا لدى دائرة الثقافة الإسلامية بوزارة الشؤون الإسلامية، وعرضوا شهادات من مؤسسات حكومية تكريما لجهود الجماعة في الأعمال الإنسانية.

وعرفت الجماعتان الوطنية والسريلانكية بتبني الفكر السلفي الوهابي، وتخرج كثير من أتباعهما من مدارس دينية في الهند.

أما زهران هاشمي الذي يُعتقد أنه يقف وراء الهجمات الأخيرة فقد تخرج من المدرسة المسعودية في مدينة كارتان كوي شرقي سريلانكا.

وقد طلبت جمعية العلماء وعدد من الشخصيات والهيئات المسلمة من السلطات السريلانكية اعتقال هاشمي عام 2017، لكن السلطات رفضت ذلك بحجة أنه لا دليل على ارتكابه جريمة، وأن الخطاب المتشدد وحده غير كاف لإدانته وفق القانون.

شاهد أيضاً

مقال بموقع بريطاني: هذه طريقة محاسبة إسرائيل على تعذيب الفلسطينيين

ترى سماح جبر، وهي طبيبة ورئيسة وحدة الصحة النفسية في وزارة الصحة الفلسطينية، أنه وسط تصاعد حالات تعذيب الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، هناك حاجة ملحة إلى قيام المتخصصين في مجال الصحة بتوثيق مثل هذه الفظائع بشكل صحيح.