واشنطن بوست: مولر لم يبرئ ترامب بل عراه

علقت صحيفة “واشنطن بوست” على تقرير المحقق الخاص روبرت مولر في التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016 بقولها إن التقرير لم يبرئ الرئيس بل على العكس، يدينه.

وقالت إن التقرير الذي عكف مولر وفريقه عليه لمدة عامين لم يكن “توقعه الرأي العام الأمريكي، وكما قال المدعي العام الأمريكي ويليام بي بار الشهر الماضي أن مولر لم يجد دليلا عن تصادم بين حملة دونالد ترامب الرئاسية والروس لحرف نتائج الانتخابات لصالحه إلا أن التقرير قدم قصة مختلفة حول ما إن كان ترامب قد أعاق مسار العدالة غير ما قاله بار في ملخصه الذي أعده لتقرير مولر”.

وفي “الحقيقة جمع مولر عددا من أكاذيب مدمرة لترامب ومحاولات التلاعب بمسار التقرير من خلف الأبواب ومحاولات الإكراه في وقت كانت فيه وزارة العدل تحقق التدخل الروسي في الانتخابات ومحاولات ترامب إعاقة عملها”.

وأكد تقرير المحقق الخاص أن الروس تدخلوا في الحملة الرئاسية لعام 2016 “بشكل واسع ومنظم” وهو ما نفاه ترامب. وكشف التقرير أن التدخل الروسي كان يهدف لمساعدة حملة الرئيس الحالي التي كان سعيدة بقبول المساعدة.

ومع أن تفصيل مولر للعلاقة بين حملة ترامب والروس لم يشمل على أدلة جوهرية إلا أن علاقات مسؤولين بارزين في حملته مثل جورج بابادوبولوس، وكارتر بيغ، على هامش الحملة مع شخصيات روسية غامضة تكشف عن نية موسكو واهتمامها لمساعدة حملة ترامب.

كما أن اللقاء الذي جرى في برج ترامب في التاسع من حزيران (يونيو) 2016 وحضره مسؤولون بارزون في حملته، ووصفه زوج ابنه جاريد كوشنر الذي كان حاضرا بـ”مضيعة للوقت” يعطي فكرة أن فريق ترامب وافق على المقابلة لأن الروس وعدوا بتقديم معلومات “قذرة” عن حملة المرشحة الرئاسية هيلاري كلينتون إلا أن نية الروس الحقيقية من وراء تقديم المعلومات هي الضغط باتجاه إلغاء قانون ماغنيتسكي الذي يلاحق منتهكي حقوق الإنسان.

ولم يجد التحقيق أدلة عن موافقة ترامب أو معرفته بالعلاقات المثيرة للشبهة التي قام بها مسؤول الامن القومي الأول مايكل فلين قبل تنصيب الرئيس مع السفير الروسي في واشنطن والتي دعا فيها فلين للتعقل في العقوبات التي فرضتها إدارة باراك أوباما على روسيا.

ولم يجد مولر أدلة عن محاولات من ترامب لإفشال محاكمة فلين أو أنه كذب نيابة عنها أو حاول إخفاء الأدلة المتعلقة بلقاء برج ترامب. ولكن التقرير وجد تعاونا بين حملة ترامب وويكيليكس من جهة والمخابرات الروسية من جهة أخرى. ووفرت المخابرات العسكرية الروسية الملفات لويكليكس بما فيها رسائل الكترونية من مدير حملة كلينتون جون بوديستا.

تقرير مولر وجد تعاونا بين حملة ترامب وويكيليكس من جهة والمخابرات الروسية من جهة أخرى

واستخدمت حملة ترامب جزءا من الملفات، وحاولت سؤال موقع ويكيليكس عن وجود مواد أخرى سيتم تسريبها. وتقول الصحيفة إن المدعي العام في نسخته المليئة بالحذف حاول التستر على النشاطات التي قام بها المقرب من ترامب، روجر ستون الذي عمل كمنسق غير رسمي بين الحملة الانتخابية وويكيليكس، والتي اتهم بها ستون في قضية منفصلة بداية العام الحالي. ولكن التقرير يكشف أن ويكيليكس لم تعرف عن استخدام الروس لها. وفي الوقت نفسه لم تنسق حملة ترامب مباشرة مع الروس بشأن التسريبات.

والمهم في تقرير مولر أن المحقق الخاص يعطي صورة أن غياب الأدلة القانونية بشأن التآمر بين الروس وحملة ترامب لا تعني بالضرورة براءة الرئيس من عرقلة مسار العدالة. وهذا بخلاف ما ورد في ملخص بار الشهر الماضي، الذي أكد أن مولر لم يجد ما يثبت تورط الرئيس بعمل إجرامي ولا دليلا عن محاولاته عرقلة مسار العدالة.

ومهما كان الحال، فنحن نعلم منذ البداية أن المحقق الخاص لم يكن ليصدر حكما على الرئيس. وقال في بداية التقرير: “لقد قررنا عدم تبني نهج يؤدي في النهاية للحكم على أن الرئيس ارتكب جرائم” وهذا لأن إرشادات وزارة العدل تنص على عدم توجيه تهم للرئيس الذي يجلس في البيت الأبيض.

ولكن مولر فعل كل ما باستطاعته لإدانة الرئيس دون توجيه اتهام له. وقال: “لو كنا واثقين بعد التحقيق المعمق للحقائق من أن الرئيس لم يرتكب عملا يعرقل مسار العدالة لذكرناه” و”بناء على الحقائق والمعايير القانونية لم يكن باستطاعتنا التوصل لهذا الحكم”. قدم مولر عددا من الحوادث التي يمكن أن تقدم صورة عن محاولات الرئيس عرقلة مسار التحقيق.

وبعض هذه الحوادث معروفة لكنها ذكرت في التقرير مشفوعة بشهادات وقسم، بالإضافة لحوادث لم يكشف عنها من قبل. فعندما التقى مع مدير مكتب التحقيقات الفدرالي السابق (أف بي أي) جيمس كومي بمفرده وطلب من مستشاريه الخروج من الغرفة كان يعرف أن الطلب غير مناسب.

وكان يعتقد أنه لو طلب التساهل مع مايكل فلين فهذا يعني وقف كل التحقيق في التدخل الروسي. وعندما طلب من مستشار البيت الأبيض دونالد ماكغان عزل مولر “يجب أن تعزله” و”يجب أن يذهب” كان يعرف أنه المحقق الخاص يحقق في سلوكه.

وطلب منه أن لا يتحدث مع ماكغان لأنه لا يستطيع عزل المحقق الخاص. ولهذا حاول إقناع ماكغان الكذب ونفي أنه طلب منه عزل مولر. وهي نفس القصة عندما طلب من وزير العدل جيف سيسشينز السيطرة على التحقيق في الحملة الإنتخابية “وهو عمل كان يقصد منه وقف التحقيق في التدقيق في عمل الرئيس وحملته” حسبما قال مولر. ولكن الرئيس كان يعرف أنه تحت التحقيق ولديه مصلحة في وقفه.

وجاء في التحقيق أن “جهود الرئيس للتأثير على التحقيق لم تنجح لأن الأشخاص المحيطين بالرئيس رفضوا تنفيذ أوامره والإنصياع لها”.

ومن هنا ترى الصحيفة ضرورة استماع لجنة الشؤون القضائية في مجلس النواب من مولر نفسه وقراءة التقرير بكامله، خاصة الأجزاء المهمة التي منعت عن الرأي العام. وعليهم القرار بعد ذلك إما محاكمة الرئيس أو التأكد من أحدا ليس فوق القانون

شاهد أيضاً

مقال بموقع بريطاني: هذه طريقة محاسبة إسرائيل على تعذيب الفلسطينيين

ترى سماح جبر، وهي طبيبة ورئيسة وحدة الصحة النفسية في وزارة الصحة الفلسطينية، أنه وسط تصاعد حالات تعذيب الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، هناك حاجة ملحة إلى قيام المتخصصين في مجال الصحة بتوثيق مثل هذه الفظائع بشكل صحيح.