بعد إعلان المجلس العسكري السوداني.. قلق من دور إماراتي سعودي

عززت تطمينات المجلس العسكري الذي يدير مقاليد الأمور في السودان بالإبقاء على القوات السودانية في حرب اليمن، مخاوف بدأت تزداد يوما بعد يوم، بشأن دور سعودي إماراتي.
وما إن وصل مستشار الخارجية السعودية للشؤون الأفريقية طه الحسين -المدير السابق لمكتب الرئيس المخلوع عمر البشير- الخرطوم، اليوم الثلاثاء، حتى ثار جدل كثيف في مواقع التواصل الاجتماعي.

وكان البشير قد أقال الحسين في يونيو/حزيران 2017، على خلفية تقارير تحدثت عن اتهامه بالتخابر لصالح الرياض وأبو ظبي، وبعدها عين مستشارا للخارجية السعودية.

لكن الدعم السريع الذي جاء من السعودية والإمارات شمل حزم مساعدات من الوقود والقمح للمجلس العسكري السوداني قد استرعى اهتمام المراقبين، عقب إعلان نائب رئيس المجلس الفريق أول محمد حمدان حميدتي تمسك السودان بالتزاماته تجاه التحالف في اليمن.

تطمينات للخليج
وشكل دور حميدتي المساند للمعتصمين أمام قيادة الجيش علامة فارقة، فضلا عن اعتذاره من أن يكون عضوا في المجلس العسكري بقيادة عوض بن عوف وقبوله بالأمر تحت قيادة عبد الفتاح البرهان.

وتشكل قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي عصب القوات البرية المقاتلة باليمن، كما تشير تقارير إلى أن البرهان تولى عملية تنسيق إرسال الجنود السودانيين في صفوف التحالف السعودي الإماراتي وعلى صلة وثيقة بكبار القادة العسكريين في الخليج.

ونقلت وكالة الأنباء السودانية عن حميدتي قوله إن “القوات السودانية المشاركة في التحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن، باقية حتى تحقق أهدافها”.

ويقاتل آلاف الجنود السودانيين في صفوف قوات هذا التحالف الذي بدأ عملياته في مارس/آذار 2015.

لكن قوى سياسية لا تبدي ارتياحا إزاء تقرير المجلس العسكري في قضايا مصيرية مثل استمرار بقاء القوات السودانية في اليمن، قبل انتقال السلطة لحكومة مدنية.

قوات سودانية تحارب إلى جانب التحالف بقيادة السعودية والإمارات في اليمن (مواقع التواصل الاجتماعي)
مهام الجيش
ويقول المتحدث باسم حزب البعث العربي الاشتراكي محمد ضياء الدين، إن من الضرورة التزام المجلس العسكري بواجبات ومهام الجيش في الحفاظ على الأمن والانحياز للثوار فقط، دون إصدار قرارات مصيرية بشأن كثير من القضايا التي تهم السلطة الانتقالية المدنية.

ويضيف للجزيرة نت “لم يطلب أحد من الجيش الحكم نيابة عن الشعب. فقط مسؤوليته كانت حماية الموكب الذي لاذ بالقيادة العامة للقوات المسلحة”.

ويرى ضياء الدين، الذي ينضوي حزبه ضمن تحالف عريض يشكل إعلان الحرية والتغيير المتبني للاحتجاجات والاعتصام، أن السلطة المدنية الانتقالية المنتظر تشكيلها، هي المعنية بإدارة الفترة الانتقالية.

ويشير إلى أن التحالف يجري اجتماعات مطولة حاليا للاتفاق على شكل الترتيبات الانتقالية ومستويات إدارة الحكم ومواصفات شاغلي المناصب التنفيذية والتشريعية، في ثلاثة مستويات تشتمل على مجلس سيادة ومجلس وزراء ومجلس تشريعي، مع تمثيل رمزي للجيش فيها.

نظام شاذ
ولا يجد القيادي بحزب المؤتمر الشعبي والباحث في العلوم الدستورية كمال عمر حرجا من وصف النظام الذي يدير به المجلس العسكري البلاد بـ”الشاذ” لكونه يستمد شرعية دستورية من انتقال السلطة إليه، ويصرف أحوال البلد كلها سياسيا ودستوريا وتنفيذيا بجمع كل السلطات.

ويذكر للجزيرة نت أن الوضع الماثل يعطي الجيش كامل التصرف في العلاقات الخارجية وإبرام المعاهدات، لذا يجب المطالبة بسلطة تنفيذية مدنية على وجه السرعة تفتي في قرارات مصيرية، مثل استمرار أو سحب القوات السودانية التي تقاتل باليمن.

وينبه إلى أن انتقال السلطة التنفيذية إلى يد وزراء مدنيين سيساعد في تصريف المهام السياسية والدستورية، على أن تبت السلطة الانتقالية المدنية والجيش في القرارات.

ويتابع “من الأمور المعلومة أنه عند انتقال السلطة للجيش، تكون لديه سلطة اتخاذ القرارات السيادية والدستورية”.

حراسة الثورة
ومع انشغال المعتصمين أمام قيادة الجيش بحراسة ثورتهم من الالتفاف عليها من قبل دولة عميقة امتدت لثلاثين عاما، ابتدر نشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي ما يشبه الحملة التي تحذر من أيادي السعودية والإمارات.

وكتبت شادية حامد على حسابها في فيسبوك: “أهم حاجة مناقشة وضع قواتنا في اليمن وترتيب أولويات المرحلة القادمة وتنفيذها بالشرعية الثورية عشان تسقط تب” (كليةً).

ودونت الصحفية المصرية المقيمة بالسودان صباح موسى: “السعودية ـ الإمارات.. حميدتي ـ طه. المعادلة صحيحة؟.. النتيجة؟؟؟”.

أما الصحفية أمل تبيدي فقد كتبت عن الحالة في فيسبوك: “السودان الآن في ملعب حميدتي وطه، تحت نظر السعودية”.

وتعكس ردود فعل الشارع السوداني مخاوف من أن تتحول قوات حميدتي إلى لعب أدوار مثل قوات النخبة المهرية التي أنشأتها الإمارات في محافظات يمنية عقب استعادة القوات الحكومية محافظة عدن من قبضة الحوثيين أواخر يوليو/تموز 2015.

شاهد أيضاً

هكذا أدارت المقاومة الحرب النفسية مع الاحتلال في غزة

ظهرت في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أهمية الحرب النفسية باعتبارها جبهة أساسية من جبهات هذه المعركة، وحاول كل طرف توظيف الدعاية للتأثير النفسي في مخاطبة جمهوره والجمهور المعادي.