الدين والدنيا

دینٌ ودُنيا معاً!

بقلم : أدهم شرقاوي

يقول محمد الغزالي في كتابه «علل وأدوية»:
إنني أريد إفهام المؤمنين أن الحياة في سبيل الله ، كالموت في سبيل الله ، جهاد مبرور!
وأن الفشل في كسب الدنيا حتماً سيتبعه الفشل في نصرة الدين!
ما هنا أكبر من جملة ، وحتما أوسع من اقتباس!
ما زال كثيرون منا يعتقدون أن هذا الدين أكبر مساحة يمكن أن يشغلها هي المسجد ، وأعلى نقطة يمكن أن يرقاها هي المنبر!
يجهلون أن هذا الدين إن لم يخض سجالاً في معركة الحياة فلن تبقى له حتى مساجد!
بالتأكيد لن يفهم أحد من هذا الكلام أني أنتقص من المساجد، إلا إذا قرأ بسوء نية وهذا لا سبيل لي لدفعه ، أما عن الفكرة فيمكن أن أنافح وأستشهد وأدلي!

تخبرنا كتب السيرة أن صلاح الدين الأيوبي عشية معركة حطين كان يتفقد جنوده ، فمر على خيمة يتلو فيها الجنود القرآن ويصلون ، فقال : من هنا يأتي النصر ، ومر على خيمة أخرى فرأى الجنود يتسامرون ويتضاحكون فقال : من هنا تأتي الهزيمة!
ولكن هذه الكتب لا تقول إن صلاح الدين كان قد هيأ للمعركة مجانق -جمع منجنیق – أذهلت جيوش الصليبيين!
ليس بالدعاء والصلاة فقط تنتصر الأمة ، ولا بالأسلحة فقط ، إنما هي دین ودنیا معًا، وأخذ بالأسباب ، ثم جعل التوكل على الله لا على الأسباب!

وتخبرنا كتب السيرة أيضًا أن محمد الفاتح ، الخليفة ذو الاثنين وعشرين عاما ، التقي النقي الذي فتح القسطنطينية ، وتقلد أرفع وسام نبوي قال فيه سيدنا :
«نعم الجيش جيشها ونعم الأمير أميرها»
كان صائمًا مصليا طائعا!
وهذا حق ، ولكن هذه الكتب لا تخبرنا أنه يومذاك ، كان يمتلك أقوى مدفع على وجه الأرض!
حتماً نحن لا ننتصر بالمدافع ، والدليل أن لدينا اليوم منها الكثير، ولكن من المؤكد أننا دون مدافع سنُباد!

المعادلة لم تكن يوماً خياراً بين العبادة والأسباب ، بل التكامل بينهما ، ثم إن الأخذ بالأسباب عبادة ، أجل عبادة!

عندما خرج النبي ﷺ اصطحب معه دلیلاً يرشده إلى الطريق ، ولم يقل في نفسه : أنا نبي وسأصل على أية حال ، رغم أنه لو قال لصدق ، ولكنه أراد أن يعلمنا!
ويوم أحد لبس درعين لا درعاً واحدًا ، ولم يقل : أنا نبي وسأنجو على أية حال ، ولو قال لصدق ، ولكنه أراد أن يعلمنا أن المعركة لا تُخاض بالإيمان وحده!

الأمة التي تستورد كل شيء من الإبرة حتى الصاروخ لن تنتصر أبدًا ، وحتى الاستيراد وإن كان أخذًا بالأسباب ، إلا أنه سبب ناقص ، لأنك تسلم رقبتك لغيرك ، الأمة التي لا تصنع سلاحها لا تملك حرية استخدامه!

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".