الرموز الوطنية

بقلم : احسان الفقيه

الشخصيات التي أبرزتها الأحداث يوما كرموز وطنية في عيون الأردنيين، مصائرها متعددة،
فهي إما تموت اغتيالا كهزاع المجالي الذي رفض قمعَ المُظاهرات في الأردن بقوّة السلاح التي خرجت لإسقاط حلف بغداد، ووصفي التل “رئيس الوزراء” الذي يُشبهنا جميعا، الفلاح، بل والوحيد الذي يشتاق له الأردنيون حتى اليوم والذي حمل مشروعا أردنيا وطنيا بل وعربيا ومات في سبيل تحقيقه..

وإما تعيش في المنفى، أو يُحجر عليها تحت إقامة جبرية لزمن قد يطول وقد يقصر، حسب صدق الشخصية، فالأصدق هو الأخطر على الأمن الوطني، كعبدالله التل الذي قاد الدفاع عن القدس عام 1948 وأذلّ الصهاينة في الحي اليهودي حينها، او كمشهور حديثة الجازي قائد معركة الكرامة الحقيقي الذي قال كلمته الشهيرة:”أضطُررنا لقطع خطوط الإتصال بالقياة لنُحارب بما تُمليه علينا كرامتنا “..

حتى لو كنت رمزا من أعوان السلطة وأركانها وصُنّاع فسادها المُخضرمين، فلستَ في مأمن، إذا أُشير إليك من قبل الناس او فاحت رائحتُك او كثر اللغط حولك، فهذا الصنف الذي هان عند من أهان نفسه من أجلهم، او من أجل مكاسب دنيوية متنوّعة، فمصيره السجن بقضايا الفساد، أو الموت في ظروف غامضة، وما عليكم إلا أن تستعرضوا حلقات مُسلسل مدير المخابرات الأسبق سميح البطيخي بطل قضايا التسهيلات المالية وصانع الملوك!
او مدير المخابرات الأسبق أيضا سعد خير الذي مات في النمسا والذي قيل: “بأن لا شخص غير أمريكي أنقذ حياة الأمريكيين مثل سعيد خير” والذي أُغلق ملفّه بعد موته وكأنه لم يكُن، أو مثيلهما محمد الذهبي رئيس المخابرات الأسبق، بطل مهزلة بيع الجوازات وتجنيس العراقيين وغسيل الأموال وتزوير انتخابات 2007 وشوية أشياء ما بدنا نحكي عنها، والقائمة تطول .. ومن أعان ظالما سلطه الله عليه..

حتى مؤسسات الوطن التي لا زالت صورتها لدى الشعب نقية لم تسلم من المساس بها، كالجيش الأردني مثلا، الذي لم يشهد منذ عقود أحداثا تخدش صورته كما شهدها مؤخرا، وما التسويات المالية مع كبار ضباط الجيش ورئيس أركانه بعد سجن بعضهم، إلا دليل واضح على ذلك.

لا بد أن تكون دائرا في فلك رمز واحد، وضمن مسافة مرسومة لك لا تتعدى دورك فيها، ومهما تم إذلالك يجب أن تصمت، لكي تظل ضمن دولاب الاستبدال والاستعمال في أجهزة السلطة، يوما مديرا، يوما وزيرا، ويوما في مجلس أعيان الملك..

عليك افتتاح خطابك بالتمجيد وختمه بتبجيل عزة شخص واحد، فهو الموجه والملهم والمعلم الأول والأخير، حتى لو كان الإنجاز إنجازك أنت، والعمل عملك أنت، وبقدر ذلك تضمن عدد مرات صلاحيتك للاستعمال والاستبدال، ألم يلفت نظرك قول السحرة: ( بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ) وقِس على ذلك …

لا رمزية يُسمح بها هناك إلا لشخص واحد، والصراع على ذلك يفرض حتى تنحية العم، الأشقاء، والعائلة كلها، فلا مكان إلا لصورة الشخص الواحد.

نختلف مع السياسات والنهج القائم في الحكم ونطلب تغييرها، لكن نؤمن أن تحطيم مؤسسات أي دولة، واختزالها في سلطة مُطلقة بيد فرد واحد، مؤذِن بتحطيم كيان الدولة نفسها، فما تزول مكانته من النفوس، أسرعت إليه الفؤوس …

ولكم في سالف الدول التي بادت عبرة ..

وأختم بعبارات كُتبت منذ عشر سنوات او يزيد :

عُمر التبجيل ما بنى وطن
وعُمر الشعارات ما خجّلت فاسد
وعُمر التهديدات ما أرعبت صاحب فكرة
وعُمر قلّة الأدب ما علمت حدا الأدب..

والوطن عمره ما كان الملك ..

شاهد أيضاً

استقالة رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية بعد الفشل في 7 أكتوبر

صرح الجيش الإسرائيلي في بيان اليوم الإثنين، إن رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية ميجر جنرال أهارون هاليفا، استقال، وإنه سيترك المنصب بمجرد تعيين خلف له.