يساوي أكثر من ألف كلمة.. لماذا يعد عناق الأب مهما جدا لأطفاله؟

المصدر : الصحافة الفرنسية

كشفت دراسة جديدة أن عناق الأب مهم جدا بالنسبة لرفاهية الطفل أكثر من عناقه لوالدته.

وحسب الأبحاث التي أجرتها الجامعة الحرة في بروكسل بالتعاون مع جامعة ليفربول، تبين أن الاتصال الجسدي بين الأب وطفله مفيد لنموه.

وأوردت الكاتبة كليمنت آربرونت في تقرير نشرته مجلة “ترافمينا” الفرنسية أن هذا الاستنتاج يأتي على خلفية تجربة علمية أجريت بدقة، حيث اقترح على 25 أما و25 أبا أن يعانقوا أطفالهم، وتم قياس معدل ضربات القلب والجهاز التنفسي قبل وبعد هذا الاختبار.

وحسب النتائج، تبين أن الطفل يكون أكثر هدوءا وأقل عصبية بعد عناق الأم والأب له على حد سواء، وإضافة إلى ذلك أصبح الطفل يشعر بضغط نفسي أقل، وهو ما يعكس فوائد العناق على صحته وتطوره.

وقالت مديرة الأبحاث مارتين فان بيفيلدي “نريد تشجيع الآباء على أن يكونوا أكثر نشاطا في رعاية أطفالهم والاهتمام بهم، ومع ذلك أصبح الآباء الآن يقضون وقتا أكثر مع أطفالهم، لكن لا تزال هناك فجوة أخرى يجب ملؤها إذا قارنا بين الأب والأم، لا يمكن أن ننكر أن جيلا بأكمله يحتاج إلى احتضان من آبائهم”.

ويمكن للآباء اليوم أن يظهروا حنانهم تجاه أطفالهم دون أن يخشوا من تأثير ذلك على مكانتهم كرجال، وفي علاقتهم بأطفالهم يلعب العناق دورا في غاية الأهمية.


الآباء الجدد لا يعارضون عناق أطفالهم
في ولاية فرجينيا -على سبيل المثال- هناك آباء وعائلات يتلقون دورات لتعلم كيفية احتضان أطفالهم على النحو الأفضل، وأغلبهم آباء أميركيون من أصل كوري لم يكونوا معتادين خلال شبابهم على هذا النوع من المودة من قبل آبائهم، بحسب الكاتبة.

وعموما، يرمز الأب إلى السلطة ولا يتحدث كثيرا، لكن هؤلاء تأكدوا أنه يمكنهم أن يكونوا آباء أكثر تعبيرا عن حبهم لأبنائهم وأكثر نشاطا معهم، لذلك من الضروري أن تتخلى عن الصورة النمطية وغير الحساسة للعائلة وعن بعض التحيزات.

والعناق في هذه الدورات لا يعد الحل النهائي في العلاقات بين الآباء وأطفالهم، لكن يجب عليهم أن يغتنموا هذه الفرصة للنظر بإمكانية تثقيف أنفسهم ويصبحوا أكثر انفتاحا والتركيز على أهمية التواصل بحرية مع الأطفال، فضلا عن إشراك الأب بهذه العلاقة.


وتصر عالمة النفس العصبي سيلين ريفير على الفوائد الجسدية لهذه البادرة الأكثر تعقيدا مما يبدو.

وبحسب هذه الخبيرة، يساعد العناق الجسم على إطلاق الأوكسيتوسين، وهو هرمون له تأثير للشعور الفوري بـ”الرضا والرفاهية”، وهو نفس الهرمون الذي يفرزه جسم النساء أثناء الولادة.

فعندما يحضن الأب طفله ينخفض لدى الطفل الشعور بالقلق، كما يشعر أنه أكثر أمانا وثقة بنفسه، لهذا السبب تؤكد عالمة النفس على أهمية احتضان الطفل “منذ الثواني الأولى من حياته”.

يشار إلى أن الآباء الجدد يشككون في القوالب النمطية ولا يؤمنون بها، ويشاركون في المهام المنزلية من أجل تخفيف العبء العقلي على زوجاتهم ويساهمون في نمو وتطور أطفالهم.

في المقابل، أعربت مديرة الأبحاث مارتين فان بيفيلد عن استيائها من “الرجال الذين يلقون بهذه المهام على عاتق الأمهات لأنهم يعتقدون أن لها صلة فسيولوجية مميزة مع الطفل بسبب الحمل”، ومع ذلك فإن “غريزة الأب” موجودة فعلا ولها علاقة مع الحنان.


قوة العناق المدهشة
هذا ما سعى لإظهاره أب مجهول الهوية على المدونة الخاصة به التي يصف فيها حياته اليومية، حيث أشار إلى أن “العناق هو أحد تلك الأشياء الصغيرة في الحياة اليومية التي نستهين بأهميتها رغم وجود العديد من الأشكال الأخرى التي تمنحك فرصة التعبير عن حنانك لطفلك عندما تكون أبا”.

ويعتقد العديد من الآباء أن عناق طفلهم لهم بقوة يعني أنه ليس على ما يرام أو أنه في ورطة أو يشعر بالخوف، فالعناق ليس مجرد طقوس، بل هو لغة عاطفية حقيقية بين الأب وطفله، ويؤكد هذا الأب أن “العناق يساوي أكثر من ألف كلمة”.

وأضاف الأب المدون أن “هذه المعانقة الدافئة مرادفة للقرب والاحترام”، وتظهر العلاقة بين الأب وأبنائه بوضوح أنه ليس لديهم “ارتباط فسيولوجي متميز مع أمهاتهم فقط”، وأن هذه العلاقة يمكن مشاركتها بين الزوجين عبر علامات طبيعية. “امنح ابنك أو ابنتك عناقا وستندهش من قوة وتأثير هذه اللغة”.

شاهد أيضاً

غزة بين “عقيدة بايدن” وخطة نتنياهو

بعيدًا عن تداعيات قرار مجلس الأمن الذي صدر أخيرًا، مطالبًا بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، والشرخ الذي أظهره في العلاقة بين الإدارة الأميركية، وحكومة بنيامين نتنياهو في إسرائيل، يحسن بنا أن نعود خطوتَين إلى الوراء لمحاولة فهم طبيعة ذلك الخلاف.