وجوب اللجوء إلى الله

يجب على العبد اللجوء إلى اللهِ والاستعانة به في اﻷمورِ كلها، وقد كان النبي ﷺ يعلِّم أصحابَه ذلك؛ فعن ابنِ عباس رضي الله عنهما قال: كنتُ خلف رسولِ الله ﷺ يومٌا فقال: “يا غلام، إني أعلمُك كلمات: احفظ الله يحفظْك، احفظ الله تجدْه تُجاهك، إذا سألتَ فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن اﻷمة لو اجتمعَت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلّا بشيءٍ قد كتبَه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضرّوك بشيء لم يضرّوك إلّا بشيءٍ قد كتبه الله عليك، رُفعت اﻷقلامُ وجفّت الصحف”. الحديث حديث صحيح أخرجه أحمد والترمذي والحاكم وغيرهم.

وفيه تعليمُ النبي ﷺ اﻷمة أن تستعينَ باللهِ تبارك وتعالى وحدَه، وأن تسألَ اللهَ تبارك وتعالى وحدَه؛ فطلبُ الغوثِ مِن الله وتداركُ الرحمة هو هدى اﻷنبياء، فهذا نوحٌ عليه السلام كما قال جل وعلا: ﴿ وَنُوحًا إِذْ نَادَىٰ مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ . وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾.

وهذا أيوب عليه السلام كما قال جل وعلا: ﴿ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ . فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ۖ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ ﴾.

وهذا يونُسُ عليه السلام كما قال جل وعلا: ﴿ وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ . فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾.

وهذا زكريا عليه السلام كما قال اللهُ جل وعلا: ﴿ وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ . فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾.

وفي حقّ أصحابِ النبي ﷺ قال تعالى: ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ ﴾.

ومَن تأملَ أصحابَ النبي ﷺ في حالاتِهم، كانوا إذا نزلَ أمرٌ يشقّ عليهم استغاثوا باللهِ عز وجل وحدَه فخفّفَ عنهم ورفعَ عنهم ما نزلَ بهم؛ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما نزلَت هذه اﻵية: ﴿ وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّهُ ﴾، قال: دخلَ قلوبَهم منها شيءٌ لم يدخل قلوبَهم مِن شيء، فقال النبي ﷺ: “قولوا سمعنا وأطعنا وسلّمنا”، قال: فألقى اللهُ اﻹيمانَ في قلوبِهم، فأنزل الله تعالى: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ﴾، قال: “قد فعلْت”، ﴿ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ﴾، قال: “قد فعلْت”، ﴿ وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنتَ مَوْلَانَا ﴾ قال: “قد فعلْت”.

فهذا كله يدل على أنه كلما عظُمت الاستعانة قرُب السداد.

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".