واشنطن بوست: مصر لم تتعلم من فشل مبارك.. ونظامه القمعي الراكد هو معيارها اليوم

تحت عنوان “مصر لم تتعلم من فشل حسني مبارك”، تحدثت صحيفة “واشنطن بوست” في افتتاحيتها معلقة على رحيل الديكتاتور الذي حكم مصر لمدة ثلاثة عقود، وقالت إن حسني مبارك الذي توفي يوم الثلاثاء سنحت له فرصة تحديث ولبرلة بلاده أكثر من أي زعيم عربي من أبناء جيله.

وكان تردده في انتهاز الفرصة سببا في إشعال الثورة العربية عام 2011 والسبب الرئيسي للاضطهاد الذي أصاب مصر اليوم.

وقالت إن حسني مبارك كان رجلا باهتا وبدون جاذبية عندما تولى حكم مصر عام 1981 بعد اغتيال أنور السادات. وفي السنوات التسع والعشرين التي تبعت تلك الحادثة كانت علامة حكمه هو التردد في تغيير نفسه وبلاده.

وظلت مصر ولعقود راكدة ضمن نظام اقتصادي شبه اشتراكي وأيديولوجية قومية عربية اخترعها جمال عبد الناصر في خمسينيات القرن الماضي. وزاد عدد السكان في مصر التي تخلفت وراء ركب الاقتصاد المعولم المندمج.

وحاول مبارك متأخرا إصلاح الاقتصاد في التسعينيات من القرن الماضي مما أدى لازدهار متواضع. وتعثر التقدم بسبب المحسوبية والفساد. ونتيجة لذلك فالسياسات الليبرالية التي كانت مصر بحاجة إليها لكي تجذب الاستثمار الأجنبي، ولكي تلحق بركب الدول الأخرى مثل الصين وأندونيسيا والهند فقدت مصداقيتها لدى معظم السكان.

وكما في الاقتصاد لم تكن لدى مبارك شهية التغيير السياسي. ففي السنوات الأخيرة من حكمه، سمح بحرية الإعلام وتجنب الرقابة على الإنترنت التي سمحت لعشرات الآلاف من المصريين التنظيم والتعبئة ضد نظام حكمه. وظلت الانتخابات، مع ذلك، مزورة ولاحق نظامه دعاة الديمقراطية السلميين وسجنهم. إلا أن مبارك احتفظ بالرد القاسي ليس ضد جماعة الإخوان المسلمين المحظورة التي سمح لها بإدخال عدد من أعضائها إلى البرلمان ولكن ضد الديمقراطيين المؤيدين للغرب.

وهو ما سمح له بالجدال أمام داعميه في الكونغرس والبيت الأبيض أن عليهم الاختيار بين ديكتاتوريته أو سيطرة الإسلاميين على الحكم.

ومثل بقية الطغاة في أماكن أخرى قام مبارك بتحضير ابنه لخلافته. وكان منظور حكم جمال مبارك الذي لم يحظ بشعبية وراء خروج المصريين إلى الشارع والتجمع وراء الثوريين الليبراليين في كانون الثاني (يناير) 2011، مما أدى لتراجع دعم الجنرالات العسكريين له وبالتالي إجباره على الخروج من السلطة. ولكن عملية التحول الديمقراطي تعثرت بسبب المواجهة بين قوتين سياسيتين غير متسامحتين أسهم مبارك في تقويتهما؛ هما الجيش والإسلاميون.

فمنذ الانقلاب الذي قاده في عام 2013 الجنرال عبد الفتاح السيسي ضد الرئيس المنتخب من جماعة الإخوان المسلمين دخلت مصر في مرحلة حكم قمعي أشد، تميزت بالقتل خارج القانون وسجن عشرات الآلاف من المعارضين السياسيين.

ومقابل التسامح مع استبداد مبارك ودعمه السنوي بـ1.5 مليار دولار، حصلت الولايات المتحدة على سلام بارد بين مصر وإسرائيل ومنفذ عبر قناة السويس. ولكن مبارك ظل حليفا صعبا. ففي عام 2005 توصل الرئيس جورج دبليو بوش إلى خطأ السياسة الأمريكية في دعم مبارك والديكتاتوريين العرب ودفع باتجاه قيادة مصر لعملية نشر الديمقراطية في العالم العربي. إلا أن مبارك قاوم وتلاشت بالتالي مبادرة بوش.

وعندما اندلعت الثورة ساعدت إدارة باراك أوباما على إخراج مبارك من السلطة. ولكن انقلاب السيسي أعاد السياسة الأمريكية إلى وضعيتها السابقة وهي التبني الأعمى للاستبداد المصري.

ووصف الرئيس دونالد ترامب السيسي بـ”ديكتاتوره المفضل”. ولم يتعلم ترامب ولا الرجل القوي الجديد لمصر من فشل مبارك. فلا تزال أكبر دولة عربية تعدادا للسكان في مؤخرة الدول الصاعدة.

ويواجه المصريون الذين يدعون للإصلاح الليبرالي أو حرية التعبير القمع والسجن. ولا يزال الإسلاميون من أقوى جماعات المعارضة. ولسوء الحظ فالنظام الراكد القمعي الذي أسس له مبارك لا يزال معيارا للحكم في مصر.

شاهد أيضاً

قتيل إسرائيلي في كريات شمونة بعد قصفها بعشرات الصواريخ من لبنان

قال حزب الله اللبناني إنه أطلق عشرات الصواريخ على مستوطنة كريات شمونة، ردا على غارات إسرائيلية على مركز إسعاف أدت إلى مقتل 7 متطوعين، بينما أعلنت الطوارئ الإسرائيلية مقتل شخص جراء القصف على كريات شمونة.