واشنطن بوست: كورونا هو سلاح السيسي لقمع الإعلام

نشر المعلق في صحيفة “واشنطن بوست” جيسون رضائيان مقالا عن مصر قال فيه إن وباء فيروس كورونا هو سلاح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ضد الإعلام. وقال فيه إن “الحكومة المصرية تقوم بتكميم حرية الإعلام، وأصبح البلد خلال حكم عبد الفتاح السيسي واحدا من أخطر المناطق في العالم على العمل الصحافي، بشكل جعله في قائمة الدول الأولى التي تسجن الصحافيين”.
وكما هو متوقع فقد جعل كوفيد-19 العمل الصحافي في مصر أكثر خطورة. وكان رد القاهرة الأولي لمواجهة الفيروس فشلا بكل معاني الكلمة، وكغيرها من الدول التي فشلت في التعامل مع الفيروس عندما ظهر أولا داخل حدودها، فمصر على ما يبدو لم تتعلم من أخطائها الماضية. ورغم وصول حالات الإصابة للذروة في منتصف حزيران/يونيو تقوم الحكومة وبشكل متعجل وتضغط باتجاه إعادة فتح البلاد من جديد. وفي الأول من تموز/يوليو بدأت المطارات الدولية خدمات الطيران واستقبلت المعالم السياحية الشهيرة مثل الأهرامات والمتحف المصري أول زوارها منذ عدة أشهر.

الحديث عن تطور وانتشار كورونا هو واحد من 4 مواضيع تعتبر غير قانونية في مصر اليوم إلا في حالة كانت التغطية تدعم رواية الحكومة.

ولكن التساؤل حول حكمة العودة للحياة الطبيعية نقاش لا يسمح به في مصر. فالحديث عن تطور وانتشار فيروس كورونا هو واحد من أربعة مواضيع تعتبر غير قانونية في مصر اليوم إلا في حالة كانت التغطية تدعم رواية الحكومة. وتقوم الحكومة باستخدام القوانين الجديدة لقمع الصحافيين وعائلاتهم. وواحد من هؤلاء هو محمد منيرـ الصحافي البالغ من العمر 65 عاما وبمسيرة صحافية حافلة ويعاني من مرض السكري وارتفاع ضغط الدم.
واعتقل في 15 حزيران/يونيو بعدما كتب عمودا نشره قبل يوم انتقد فيه طريقة تعامل الحكومة مع الوباء. واتهم منير بالانتماء إلى جماعة إرهابية ونشر الأخبار الكاذبة وإساءة استخدام منصات التواصل الاجتماعي. ويتم توجيه اتهامات للصحافيين من أجل تبرير فترات الاعتقال الطويلة قبل المحاكمة. وبالنسبة للمعتقلين الكبار في العمر ويعانون من مشاكل صحية ففترات طويلة تعني حكما بالإعدام. وبعد أيام تم اعتقال نورا يونس، المساهمة السابقة في “واشنطن بوست” والمحررة المؤسسة لموقع “المنصة” المعروف، بسبب تقارير ناقدة وأطلق سراحها بعد ليلة بكفالة. ولا تطال الملاحقة العاملين في الصحافة فقط، فالأطباء الذين انتقدوا علنا طريقة تعامل الحكومة مع وباء كورونا تم اعتقالهم ويواجهون تهديدات على حياتهم الشخصية. وبالإضافة للتهديد بالسجن يواجه هؤلاء الأفراد مخاطر الإصابة بفيروس كورونا أثناء الاعتقال.
وسجلت حالات وفاة بين موظفي الحكومة والمعتقلين في سجن طرة الذي يعتقل فيه الغالبية من السجناء السياسيين. ومنع المسؤولون في السجن العائلات من زيارة أبنائها وقطعت الاتصالات بينهم والعالم الخارجي، مما زاد من مخاوف المخاطر الصحية التي لم يتم التعامل معها بشكل جيد. وفي الوقت الذي حاولت فيه الحكومات الأخرى تقليل عدد الناشطين الحقوقيين والصحافيين خلف القضبان زادت مصر من حملات الاعتقال ومواجهة أي معارض مفترض. ومن الواضح أن السيسي يقوم باستخدام الأزمة الصحية كمبرر مقنع لإسكات أي نوع من المعارضة.

الدعوات تتزايد لكي تتحدث الحكومة الأمريكية عن حملة القمع التي تقوم بها مصر ضد المعارضين السلميين بمن فيهم الصحافيون.

وشهدت مصر حالات عدة من القمع ضد الصحافيين إلا أن هذه المرة هي الأسوأ. وزاد عدد الصحافيين في السجون بشكل مطرد. وفي كانون الأول/ديسمبر كان العدد 26، وسجن منذ آذار/مارس 9 صحافيين آخرين، وكلهم اعتقلوا بتهم تتعلق بالتغطية لفيروس كورونا، حسب شريف منير منسق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في لجنة حماية الصحافيين. ونظرا للدعم القديم الذي تقدمه الولايات المتحدة لمصر، فهناك نفوذ لدى إدارة ترامب للقيام بعمل ما، ولكنها لم تفعل لكي تظهر أن هناك تداعيات لو استمرت معاملة السيسي السيئة للصحافيين. وأصبحت في السنوات الأخيرة تهمة نشر الأخبار كمبرر لسجن الصحافيين ومحاكمتهم في مصر. فاعتبار النقد كذبا لم يبدأ بانتخاب ترامب ولكن بسبب معاملة وهجوم الرئيس على الصحافيين والتي كانت بمثابة ضوء أخضر للدكتاتوريين مثل السيسي. فعدم التسامح مع الحقيقة هو ما بات يعلم الموجة السياسية لهذا العصر. ولكن الدعوات تتزايد لكي تتحدث الحكومة الأمريكية ضد حملة القمع التي تقوم بها مصر ضد المعارضين السلميين بمن فيهم الصحافيون. ففي الأسبوع الماضي نشرت مجموعة العمل لمصر والمكونة من محللين في الشؤون الخارجية من الحزبين رسالة مفتوحة إلى وزير الخارجية مايك بومبيو وتطالب الحكومة الأمريكية بالتحرك. وجاء في الرسالة: “ربما اعتقد السيسي أن كوفيد-19 قد حرف انتباه المجتمع الدولي، وعلى الولايات المتحدة القول بوضوح إنها تراقب، وباعتبارها من أهم شركاء مصر الدوليين فعلى الولايات المتحدة استخدام تأثيرها على السيسي ووقف كل هذه الانتهاكات الفاضحة ضد المنظمات الحقوقية المعترف بها دوليا”. وفي الواقع إن صمت الإدارة الحالية يساعد السيسي على مهاجمة الصحافة.

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".