واشنطن بوست: استخدام السعودية الإسلام لتصفية حسابات سياسية يضر بموقعها الإستراتيجي

كتبت الناشطة السعودية هالة الدوسري والتي تعتبر أول شخص يحتل “زمالة واشنطن بوست لجمال خاشقجي” أن عدم تسامح السعودية يضعف قيادتها للعالم الإسلامي. وقالت إن واحدا من الإتجاهات المثيرة للقلق في السعودية هي الطريقة التي ترد فيها البلاد على الإصلاحات الدينية والإسلام السياسي. وقالت الدوسري إن استخدام الإسلام لتبرير قمع المرأة وكذلك اغتيال الصحافي المساهم لصحيفة “واشنطن بوست” يؤكد الطريقة التي تعرض فيها المملكة كقائدة للعالم الإسلامي في ظل تزايد مظاهر الكراهية للإسلام في العالم. ففي بيان بعد مقتل خاشقجي قال البيت الأبيض: “قال الممثلون للسعودية أن جمال خاشقجي كان “عدوا للدولة” وعضوا في جماعة الإخوان المسلمين” مما يلمح أن شخصا معتدلا مثل جمال خاشقجي كان تهديدا سياسيا وأضر بسمعة المملكة. وتضيف أن السعودية ليست المكان التي ولد فيها الإسلام بل دولة قامت شرعيتها على تعاليم الإسلام. وهي تقوم منذ عهد الملك فيصل بتحويل المؤسسة الدينية إلى بيروقراطية وسيطرت على طبقة العلماء الذين كانوا في السابق مستقلين ومتفرقين. واستخدمت الدولة سيطرتها على الدين من أجل تأكيد بعض من قراراتها السياسية البغيضة. فالكثير من القرارات والتشريعات مثل قانون مكافحة الإرهاب وقانون مكافحة الجريمة الألكترونية جعلت من أية معارضة لقرارات علماء الدين المرتبطين بالدولة أمرا شبه مستحيل. وبالمقارنة تم استهداف الرموز الدينية التي حصلت على شعبية من خلال الدعوة لإصلاحات سياسية- اجتماعية عبر المباديء الإسلامية بل وتم استبعادهم من النقاش الديني. وتقول الكاتبة: “كناشطة في مجتمع ديني بالعمق، عادة ما اشارك في نقاشات دينية حول الحقوق والحريات، عزز الكثير من العلماء المستقلين والمتنورين نقاشاتنا حول الإصلاحات الدستورية وحقوق المرأة وحقوق المرأة”. وتشير الكاتبة إلى عبد الله المالكي الذي اعتقل عام 2017 في أثناء الحملة لوقف الحظر على قيادة المرأة للسيارة والدفع باتجاه الحدود بشأن كثير من القضايا بما فيها المساواة بين الجنسين. ففي أثناء الحملة من أجل السماح للمرأة بقيادة السيارة قدم عالم آخر للكاتبة تفسيرا مهما وجيدا للمبادئ الإسلامية وتحديدا للمبدأ الديني الذي استخدمه المفتي العام الشيخ عبد العزيز بن باز لمنع المرأة من قيادة المرأة للسيارة وهي “دفع الضرر مقدم على جلب المصلحة”.

وبناء على الفتوى التي قدمها بن باز الذي توفي عام 1999 أن السماح للمرأة بقيادة السيارة قد يؤدي بها إلى اختلاطها بحرية مع غير محارمها وبدون أية محاذير. ولكن العالم المستقل أكد أن منع المرأة من قيادة السيارة يضر بمصالح المرأة وعائلاتهن. وتضيف الكاتبة أنها عندما ضغطت على عضو في هيئة كبار العلماء قال إنهم لن يراجعوا قرار عام 1999 حتى لو أباحه الدين بدون موافقة الملك. وفي أثناء الحملة لإنهاء قانون ولاية الرجل على المرأة عام 2016 وصف المفتي العام الشيخ عبد العزيز آل الشيخ الدعوات هذه بأنها جريمة ضد الإسلام وتهديدا وجوديا على المجتمع السعودي. وتقول الدوسري أن نهج الدولة من الإصلاحات الدينية تدور حول السيطرة على الرواية أو السرد. وتتبع نفس الإستراتيجية التي استخدمت في حملة العلاقات العامة والترويج لمظاهر الحداثة بدون معالجة التحديات المتجذرة في الأعراف الإسلامية. فمن خلال تعيين تكنوقراط متخصصين في الإدارة العامة بدلا من تعيين مرجعيات دينية لإدارة جامعة إسلامية ريادية في الرياض فمن الواضح أن التفسيرات المتشددة للدين لن تتغير عبر إداريين. فمن أجل التغيير أنت بحاجة إلى عالم ديني متخصص لديه المعرفة ليقدم رأيا معتدلا للدين الإسلامي. وبنفس السياق فتعيين نساء في مواقع قيادية بدون السماح لهن وبقية النساء الدعوة لرفع القيود عنهن أو منحهن الحقوق القانونية. وتعتقد الكاتبة أن السعودية تمر بمنعطف طرق، فهي بحاجة إلى الترويج للإصلاحات الدينية من أجل تجذر الحداثة. وستكون المهمة صعبة بدون التعاون مع الإصلاحيين الذين أصبحوا هدفا للقمع.

ويواجه الشيخ سلمان العودة، الرمز الديني والذي دعا إلى إصلاحات دستورية واحترام حقوق الأقليات وتغيير دور الشرطة الدينية حكما بالموت لجرأته على المطالبة بهذه الأمور. وفي نفس الوقت لا يزال الرموز المعادون للحداثة وضد الإصلاح في السلطة. ودعا عضو هيئة كبار العلماء، الشيخ صالح الفوزان، الذي يحترمه ولي العهد مثل والده لقتل نقاد الدولة وقبل شهر من اغتيال جمال خاشقجي. ويعتبر الأقليات الدينية مثل الشيعة والصوفية زنادقة. أما سعد الشتري، العضو الآخر في هيئة كبار العلماء والذي عزله الملك عبد الله من منصبه لمعارضته لجامعة علمية. لكنه رافق وتجول مع الأمير خلال زيارته الأخيرة للحرم المكي. وتعتبر قيادة السعودية للعالم الإسلامي أمرا استراتيجيا. ولهذا فعليها أن تعيد التفكير بطريقة معاملتها للحركات الإسلامية التي لا تدعو للعنف، حيث زادت عمليات الشيطنة لهذه الحركات منذ ثورات الربيع العربي عام 2011. وتعتمد قيادة المملكة الإسلامية على تأمين وتسهيل وصول المسلمين كلهم إلى الأماكن الإسلامية وبدون تمييز. ومن هنا فوصم حركات إسلامية أو أفراد بالإرهاب يؤثر على دورها. كما أن استغلال الإسلام لتصفية الحسابات السياسية يؤثر على موقعها القيادي

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".