الإمارات و التيارات الإسلامية المعتدلة صراع في القارة العجوز

بقلم هشام بوريشة

عنذما نسمع عن ميلاد مؤسسة جديدة في اي مكان في المعمور. فهذا يجر وراءه سؤالا جوهريا من يمول؟ لأن الإجابة على هذا السؤال تحدد الأهداف المعلنة و غير المعلنة للمؤسسة أو التنظيم الجديد.
و باروبا تساءل الجميع عن من وراء مؤسسات اصبحت تظهر كالفطر تسعى حسب زعمها إلى خلق التعايش و محاربة التطرف و توعية الشباب المسلم. و تذكر كعلة لتاسيسها الأحداث الإرهابية الأخيرة ببعض العواصم الأوروبية. و لكن هذا يذكرني بالدستور الامريكي مبادئه رنانة و شعاراته مثالية، و لكن دواليبه لا يعلم مدى خطورتها الا الراسخين في هذا العلم.

فما الذي يجعل حكومة الإمارات ان تمول مؤسسات في الديار الأوربية و ليس هناك فرق بين مؤسسة دينية او سياسية. فالإمارات مولت و لازالت مؤسسات و جمعيات صحفية و مراكز دراسات داخل القارة العجوز. و الآن تتمدد لتمول مؤسسات دينية لا أحد يعلم عن المنتمين لها و لا عن تاريخها. مؤسسات أشباح ذات هدف ربحي و لكن بطريقة مقنعة.

كما نعلم خرجت بتصريحات شادّة حول المسلمين باروبا و وجوب وضعهم تحت المجهر و كأنهم فيروس يجب مكافحته. بل و اقترحت الحكومة الإماراتية هي و حليفها الدكتاتور السفاح السيسي مد يد العون في العديد من المحافل. كلام جميل في ظاهره، لكنه خطير في جوهره لان ذلك ماهو الا بداية لكسر شوكة المعارضة العربية و المسلمة في الديار الأوربية. و التي تجعل من اروبا حاضنة أساسية للتعبير عن وجهة نظرها دون رقابة متسلطة، قد تصل إلى القتل في بعض الأحيان، كما وقع لخاشقجي على يد الاستخبارات السعودية.

باروبا عامة العلاقة بين السلطات و المراكز الإسلامية متناسقة من أجل الأمن و السلم الإجتماعي. و لا نود الدخول في دراسة مستوى التنسيق الحاصل بين الاستخبارات المحلية و المسؤولين عن الشأن الإسلامي. و تأتي الإمارات اليوم بهذه السياسة لتوهم الجميع ان قلبها على اروبا و تود حمايتهم من فيروس اسمه المسلمين على حسب زعمهم. و لكن في الواقع هدفها هو ضرب التكلات و الجماعات المسلمة بما فيها حركات لها تمثيلية واسعة في بلدانها الأصلية بل و كانت الإمارات قد انقلبت عليها أو تحاول الانقلاب عليها. و يعتبر تحرك الإمارات بالأساس هو ضد التيار الإسلامي المعتدل. و الا فكيف نفسر اعتمادها على فصائل ابو العباس المحسوبة على التيار “السلفي” باليمن؟ و دعم مركز المسبار الذي يرصد الحركات الإسلامية، و الذي يديره، عضو سابق في جماعة “إخوان بريدة”، التي تعتبر امتداد لجماعة إخوان من طاع الله والجماعة السلفية المحتسبة؟

و لم تكن لتبدأ الإمارات بهذه الخطوات اروبيا لولا خطوات أخرى سبقتها للتوطئة لمثل هذه التدخلات في الشؤون الداخلية للدول الأوروبية. ففي الميدان الإعلامي هناك تجمعات و لقاءات نظمت مع مؤسسات و مراكز تعنى بالشأن الصحفي و الإعلامي. و مولت الإمارات جزءا مهما من أنشطتها. ناهيك عن تمويل أحزاب يمينية متطرفة. جعلت من الإسلام و المسلمين هدفها الأول من خلال حملات إعلامية و انتخابية شعبوية.

وحاليا تحاول الامارات اشتراء ذمم بعض ممثلي الاحزاب السياسية الإسلامية و الحركات المعتدلة على المستوى الأوروبي. حيث وضع بعض اعضاء الصف الأول في دول اروبية أنفسهم تحت تصرفها كي لا يفقدوا امتيازات حصلوا عليها من خلال مشاريعهم المرتبطة بهيئات و مؤسسات اماراتية. و هدفنا ليس التشهير و لا التشكيك و لكن الاتعاظ و اخذ الحدر. فهؤلاء معروفون بأسمائهم و صفاتهم و يعلمون ما يعملون. و لكن للأسف لا يعملون بما يعلمون.

ليس الهدف من هذا المقال التشكيك و لا التخوين. و لكن للعظة و التنبيه.
و ليعلم هؤلاء أن المال كالبحر، تشرب فتعطش اكثر. فلا الفقر يخشى على هذه الأمة و لكنها الدنيا فلينظر كلٌّ ما قدم و ما تولى.

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *