نيويورك تايمز: رسائل نصية تكشف محاولات محمد بن سلمان ترحيل الجبري ورفض الإنتربول طلبه

كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” أن رجل الأمن السعودي سعد الجبري المقيم في الخارج تعرض لتهديدات ومحاولات إعادته إلى السعودية.

وفي تقرير أعده بن هبارد، مراسل الصحيفة في بيروت، قال فيه إن الجبري شعر بعدما وطد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان سلطته وهمش منافسيه أنه سيكون من أهدافه ولهذا خرج من البلاد.

ويحاول محمد بن سلمان إجباره على العودة منذ ذلك الوقت، طالبا أولا من المسؤول السابق العودة لتولي منصب جديد وبعد ذلك ترحيله عبر انتربول بتهم مخالفات فساد. وقالت الصحيفة إنها شاهدت رسائل نصية ووثائق بهذا الشأن. ومنها رسالة كتبها بن سلمان في إيلول/ سبتمبر 2017 ” أنت متورط في قضية فساد كبيرة وثبتت عليك” و”لا توجد دولة ترفض تسليمك”. ولكن الشرطة الدولية (انتربول)، التي تساءلت عن العملية القانونية والتزام السعودية بحقوق الإنسان وطريقة معالجتها لقضايا الفساد، اعتبرت الطلب السعودي سياسيا وخرقا لقواعد المنظمة حسب وثائق رسمية تعود إليها. ولهذا حذفت اسم الجبري من نظامها.

تساءلت الإنتربول عن العملية القانونية والتزام السعودية بحقوق الإنسان وطريقة معالجتها لقضايا الفساد، ولذلك اعتبرت الطلب السعودي بتسليم الجبري سياسيا وخرقا لقواعد المنظمة، وحذفت اسمه من نظامها

وتشير الصحيفة إلى أن الرسائل النصية والوثائق التي راجعتها الصحيفة لم يتم نشرها من قبل وتلقي الضوء على المدى الذي ذهب إليه محمد بن سلمان لإعادة الجبري إلى السعودية.
وقالت إن الأمير صعد في المعركة عندما قام في آذار/ مارس باحتجاز ولدي الجبري وشقيقه في محاولة لإجباره على العودة. وهو ما دفع أقارب المسؤول الأمني السابق للبحث عن مساعدة المسؤولين الأمريكيين للإفراج عنهم.

وفي الأسبوع الماضي تناولت الصحافة التي تسيطر عليها الدولة مقالا في صحيفة “وول ستريت جورنال” استند على مسؤولين سعوديين اتهموا الجبري بسرقة مليارات الدولارات من خزينة الدولة وأثرى نفسه وأقاربه. ونشرت صحيفة سعودية صورة عليها كلمة مطلوب للجبري في محاولات لتشويه سمعته في المملكة.

وتأتي المعلومات الجديدة وسط المخاوف على صحة الملك سلمان، الذي قد تدفع وفاته بولي العهد لتولي العرش في بلاده. ويبلغ الملك من العمر 84 عاما ونقل إلى المستشفى وأجريت له عملية مرارة حسبما قالت الصحافة السعودية. ومنذ أن أصبح والده ملكا عام 2015 سيطر محمد بن سلمان، 34 عاما على الجيش والاقتصاد والسياسات الاجتماعية واستهدف الناقدين والأعداء بالاعتقال والمحاكمات والمنع من السفر. وظهرت أساليبه الديكتاتورية في عملية قتل الصحافي جمال خاشقجي بقنصلية السعودية في اسطنبول عام 2018.

وتعلق الصحيفة أن التحرك السعودي ضد الجبري أثار انتباه واشنطن حيث يعتبر الكثير من المسؤولين الأمنيين هناك الجبري شريكا يوثق به. وفي رسالة بعثها عدد من أعضاء مجلس الشيوخ هذا الشهر إلى الرئيس دونالد ترامب أشاروا للجبري “كحليف قريب للولايات المتحدة وصديق” وأن على الولايات المتحدة “واجبا أخلاقيا لعمل ما يمكن عمله لمساعدته وتأمين الإفراج عن ولديه”. ولم يرد المسؤولون في سفارة الرياض بواشنطن للتعليق على الرسائل النصية بين محمد بن سلمان والجبري وطلبه من الإنتربول ترحيل المسؤول الأمني بتهم الفساد.

وقالت الصحيفة إنها راجعت عددا من الرسائل النصية بين الرجلين حصلت عليها من شركة المحاماة التي تعمل لصالح الجبري وهي نورتون روز فولبرايت كندا وكذلك وثائق الإنتربول التي أعلمت الجبري عن قرارها بشأن الطلب السعودي ضده. وارتبط صعود الجبري وسقوطه برئيسه الأمير محمد بن نايف الذي أطاح به محمد بن سلمان عام 2015. ووضعت خبرة الجبري كخبير لغوي وحاصل على دكتوراة في الذكاء الاصطناعي في مركز مرموق بوزارة الداخلية وأهلته لكي يتولى ملفات مكافحة الإرهاب حيث أصبح على اتصال مع الدبلوماسيين الأمريكيين ورجال سي آي إيه الذين كالوا له المديح.

وقال دوغلاس لندن، المسؤول السابق في سي آي إيه، “الجبري ذكي جدا ولديه معرفة موسوعية” و”وفي بوعده ولم يكن يفرط بالوعود وكان يفعل ما يقول”. وفي عام 2017 بدأ الجبري يخشى من نوايا محمد بن سلمان لتنحية رئيسه محمد بن نايف ولهذا غادر المملكة إلى تركيا. وفي حزيران/ يونيو من ذلك العام أرسل محمد بن سلمان رسالة نصية إلى الجبري طالبا منه العودة إلى المملكة ومساعدته في حل موضوع لم يكشف عنه مع محمد بن نايف.

في يونيو 2017 أرسل محمد بن سلمان رسالة نصية إلى الجبري طالبا منه العودة إلى المملكة ومساعدته في حل موضوع لم يكشف عنه

وجاء في الرسالة “أريد أن اشرح لك ما حدث قبل فترة ونتوصل لاتفاق معك حول استراتيجية حل كل المصاعب”. ورد الجبري أنه “مستعد لقبول أي أمر”. وقال محمد بن سلمان إنه يريد أن يلتقي ثلاثتهم “للتصالح وعودة الأمور لما كانت عليه”. وفي 20 حزيران/ يونيو قال الجبري إنه لا يستطيع العودة إلى السعودية حالا نظرا لتلقيه العلاج. ولكن الأمير محمد رد قائلا إنه طلب عودته “لحاجته الماسة لمساعدته”. وفي اليوم التالي أطاح محمد بن سلمان بابن عمه محمد بن نايف الذي وضع تحت الإقامة الجبرية، ومنع ابن الجبري عمر الذي كان 17 عاما وسارة التي كانت 18 عاما من مغادرة السعودية. وكتب الجبري مبايعا محمد بن سلمان كولي للعهد وشجعه للعودة وعرض عليه وظيفة مهمة و”عندما تعود سالما سأشرح لك خلفية المشكلة”. و”أريدك أن تتعامل مع أي شخص يحاول خلق الفوضة والنزاع”. ورد الجبري إن كانت هناك إمكانية لرفع الحظر عن سفر ابنه وابنته. وبعد ثلاثة أشهر طلب من رفع الحظر و”السماح لهما بمغادرة البلاد لإكمال دراستهما”. ورد “عندما أراك سأشرح لك الظروف” ولكن الجبري كرر طلبه وكان الرد “عندما أراك سأشرح لك الظروف”. وبعد أيام طلب محمد بن سلمان من الجبري العودة إلى السعودية حيث ربط بين عودته والسماح لولديه بالمغادرة “أريد حل مشكلة ابنك وابنتك، وهذا ملف حساس جدا” حيث ربطه بملف محمد بن نايف وقال “أريد رأيك حوله وكذلك معلومات تتعلق به، وأريد التوصل لتفاهم معك حول وضعك في المستقبل وما هي التفاصيل”.

ربط بن سلمان بين عودة سعد الجبري إلى السعودية والسماح لولديه بالمغادرة

وبعد فترة أرسل محمد بن سلمان رسالة نصية مهددا باعتقال الجبري في الخارج. وهو ما دفعه لمغادرة تركيا إلى كندا حسبما قال ابنه المتخصص في أمراض القلب خالد الجبري. ومن أجل فرض عودته قامت السعودية بإرسال طلب إلى الشرطة الدولية للمساعدة في ترحيله. ولكن بدلا من إصدار بلاغ أحمر والذي سيكون بمثابة أمر اعتقال دولي قدم السعوديون منشورا اعتبرته الشرطة طريقة غير رسمية لها لكي تطلب مساعدة الدول الأعضاء. وأكد الجبري ان اسمه كان على قوائم الإنتربول في كانون الأول/ ديسمبر 2017 عندما منعت زوجته وبقية أقاربه من مغادرة تركيا إلى كندا لأن أحد المرافقين كان اسمه سعد الجبري، وهو حفيده. واستطاعت العائلة الوصول إلى كندا عبر الولايات المتحدة واستأنفت ضد وضع اسم الجبري على قوائم الإنتربول وفازت في عام 2018 حسب وثيقة تؤكد القرار.

ولكن الوثيقة لم تذكر الاتهامات التي وجهتها السعودية له ولا الأدلة التي قدمتها لتبرر وضع اسمه. ولكن رفض الطلب السعودي تضمن نقدا لطريقة تعامل المملكة مع حالات فساد أخرى و”غياب الإجراءات القانونية وضمانات حقوق الإنسان”. وأشارت لجنة رفض الطلب السعودي لحملة اعتقال المسؤولين السعوديين ورجال الأعمال والأمراء عام 2017. وقالت إن اللجنة التي كلفت بمعالجة الفساد هي “جزء من استراتيجية سياسية لمحمد بن سلمان واستهداف أي منافس سياسي أو معارض”. ونظرا لعدم وجود أي طريقة للضغط على الجبري وإعادته لجأت في آذار/ مارس إلى اعتقال ابنه وابنته وشقيقه. وقال السناتور باتريك ليهي عن ولاية فيرمونت في تغريدة “تقوم السلطات السعودية باحتجاز سارة وعمر كرهائن”. وكتب في هذا الشهر رسالة مع ثلاثة أعضاء في مجلس الشيوخ إلى ترامب جاء فيه “استخدام حكومة أساليب كهذه امر بغيض ويجب الإفراج عنهما حالا”.

شاهد أيضاً

هكذا أدارت المقاومة الحرب النفسية مع الاحتلال في غزة

ظهرت في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أهمية الحرب النفسية باعتبارها جبهة أساسية من جبهات هذه المعركة، وحاول كل طرف توظيف الدعاية للتأثير النفسي في مخاطبة جمهوره والجمهور المعادي.