مِنَّةُ الْقُرْآنِ وَشَرَفُ حَمَلَتِهِ

فَإِنَّ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ أَكْبَرُ مِنَنِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ؛ بَلْ عَلَى الْبَشَرِيَّةِ كُلِّهَا، وَقَدِ امْتَنَّ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَلَى نَبِيِّهِ ﷺ وَعَلَى قَوْمِهِ، وَذَكَرَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- فِي كِتَابِهِ الْعَظِيمِ أَنَّ الْقُرْآنَ رِفْعَةٌ وَسُؤْدَدٌ وَفَخْرٌ وَفَخَارٌ لِنَبِيِّ هَذِهِ الْأُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَلِهَذِهِ الْأُمَّةِ، {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ}؛ وَإِنَّهُ لَفَخَارٌ وَشَرَفٌ وَسُؤْدَدٌ وَعِزَّةٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ؛ لِأَنَّ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ أَنْزَلَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ هِدَايَةً وَنُورًا.
الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ بَيَّنَ لَنَا نَبِيُّنَا ﷺ أَنَّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ؛ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ اللهِ، يَقُولُ النَّبِيُّ ﷺ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: ((إِنَّ للهِ أَهْلِينَ مِنَ النَّاسِ)).
قِيلَ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟
قَالَ: ((أَهْلُ الْقُرْآنِ هُمْ أَهْلُ اللهِ وَخَاصَّتُهُ)).
فَأَهْلُ الْقُرْآنِ الَّذِينَ يُحِلُّونَ حَلَالَهُ، وَيُحَرِّمُونَ حَرَامَهُ، وَيُقِيمُونَ حُرُوفَهُ، وَيَتَدَبَّرُونَ فِي مَعَانِيهِ، وَيَتَأَمَّلُونَ فِي مَبَانِيهِ، وَيَعْمَلُونَ بِمَا فِيهِ هُمْ أَهْلُ اللهِ وَخَاصَّتُهُ.
وَبَيَّنَ الرَّسُولُ ﷺ أَنَّ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ يَرْفَعُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِهِ فِي الْحَيَاةِ، وَيُقَدِّمُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِهِ بَعْدَ الْوَفَاةِ، وَيَرْفَعُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ بِهِ الدَّرَجَاتِ وَالْمَنَازِلَ فِي الْجَنَّةِ.
▪️يَقُولُ الرَّسُولُ ﷺ:
((يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ)).
فَجَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ الْقُرْآنَ مُقَدِّمًا لِصَاحِبِهِ فِي أَشْرَفِ الْمَوَاطِنِ فِي الْحَيَاةِ وَفِي الْعِبَادَةِ؛ إِذْ جَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ أَقْرَأَ الْقَوْمِ وَأَحْسَنَهُمْ قِرَاءَةً، وَأَفْقَهَهُمْ فِقْهًا، وَأَعْظَمَهُمْ عِلْمًا؛ جَعَلَهُ النَّبِيُّ ﷺ إِمَامَهُمْ فِي أَشْرَفِ عِبَادَةٍ يَتَقَرَّبُ بِهَا الْخَلْقُ إِلَى خَالِقِهِمْ، وَيَتَعَبَّدُ بِهَا النَّاسُ لِمَعْبُودِهِمُ الْأَعْلَى،
((يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ))
▪️وَذَكَرَ النَّبِيُّ ﷺ وَفَعَلَ، وَأَتَى مِنْهُ ﷺ أَقْوَالٌ وَأَفْعَالٌ تُقَدِّمُ بِالْقُرْآنِ فِي الْقُبُورِ؛
▪️لِأَنَّ الرَّسُولَ ﷺ عِنْدَمَا أَرَادَ أَنْ يَدْفِنَ شُهَدَاءَ أُحُدٍ.. وَكَانُوا كَثْرَةً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ-؛ كَانُوا سَبْعِينَ مِنَ الشُّهَدَاءِ الصَّالِحِينَ، وَمِنْ أَتْبَاعِ النَّبِيِّ الْأَمِينِ ﷺ، وَكَانَ فِي الْحَالِ قِلَّةٌ، وَكَانَ فِي الشَّأْنِ فَقْرٌ وَعَالَةٌ وَعَيْلَةٌ،
فَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْفِنَ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ؛ سَأَلَ عَنْ أَكْثَرِهِمْ حَمْلًا لِكِتَابِ اللهِ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، فَقَدَّمَهُ فِي الْقَبْرِ، فَقَدَّمَ الْقُرْآنُ صَاحِبَهُ فِي الْقَبْرِ بَعْدَ إِذْ كَانَ مُقَدِّمًا لَهُ فِي الْحَيَاةِ.
وَأَمَّا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ فَإِنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- يَجْعَلُ الْقُرْآنَ إِمَامًا لِحَامِلِيهِ، وَالْآخِذِينَ بِمَا فِيهِ، وَالَّذِينُ يُحِلُّونَ حَلَالَهُ، وَيُحَرِّمُونَ حَرَامَهُ، وَيَفْقَهُونَ مَعَانِيَهِ،
جَعَلَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- الْقُرْآنَ عَلَى الصِّرَاطِ إِمَامًا،
كَمَا جَعَلَهُ فِي الْقَبْرِ مُدَافِعًا عَنْ صَاحِبِهِ؛ إِذْ كَانَ يُوقِظُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ، وَيُقِضُّ مَضْجَعَهُ بِاللَّيْلِ، فَلَا يَجْعَلُ لَهُ إِلَى الْمَنَامِ سَبِيلًا، وَلَا إِلَى الْغُمْضِ بِاللَّيْلِ طَرِيقًا، بَلْ كَانَ الْقُرْآنُ فِي الْحَيَاةِ يُقِيمُ صَاحِبَهُ، وَيَؤُزُّ حَامِلَهُ؛ لِأَجْلِ أَنْ يَقُومَ بِهِ تَالِيًا أَمَامَ رَبِّهِ -جَلَّتْ قُدْرَتُهُ-، صَافًّا قَدَمَيْهِ فِي أَجْوَافِ اللَّيَالِي، مُتَبَتِّلًا للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، مُرَتِّلًا مُنِيبًا.
📖 فَجَعَلَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ الْقُرْآنَ
▫️مُدَافِعًا عَنْ صَاحِبِهِ فِي الْقَبْرِ،
▫️ وَإِمَامًا لَهُ عَلَى الصِّرَاطِ،
▫️وَنُورًا يَهْتَدِي بِهِ فِي الظُّلُمَاتِ.
المصدر:[عِنَايَةُ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ بِالْقِيَمِ الْأَخْلَاقِيَّةِ] الشيخ الدكتور محمد ابن سعيد رسلان – حفظه الله –

شاهد أيضاً

عبد المجيد الزنداني.. حياة حافلة بالعلم والعمل والجهاد

ودع اليمنيون والأمة العربية والإسلامية يوم الإثنين 13 من شوال 1445 للهجرة، الموافق 22 أبريل 2024م علما من أعلام هذه الأمة، وكوكبا من كواكبها، وهاديا من هداتها، ورائدا من روادها، هو الشيخ عبد المجيد بن عزيز الزنداني، العالم العامل، والمجاهد والمربي، والقدوة المعلم، القرآني المحمدي الرباني، صاحب العطاءات الدعوية، والإمدادات التربوية، والجهود التعليمية، والأطوار الجهادية،