«مهرجان الطين» في مخيمات الشمال السوري: مبادرة لتسليط الضوء على معاناة النازحين اليومية

تتعرض مخيمات الشمال السوري المنتشرة في ريفي إدلب وحلب، لعواصف مطرية متواصلة منذ أيام، تسببت بسيول طينية جارفة، دمرت المخيمات العشوائية، بعدما طوقتها مياه الأمطار وتقطعت فيها أوصال الطرق، ما دفع ناشطين وقائمين على فرق الإنقاذ، لتوجيه نداءات استغاثة من أجل مساعدة مئات النازحين في مواجهة الشتاء والعواصف التي تضرب المنطقة، عبر إقامة مهرجان للطين، سعياً منهم لتسليط الضوء على معاناة النازحين قرب الحدود السورية – التركية.

الأضرار

المنطقة التي تبدو خارج إطار المساعدات الدولية والإنسانية، «تدخل في كارثة إنسانية تتجدد مع حلول كل شتاء، بسبب افتقار هذه المخيمات المنتشرة على طول الحدود التركية، للبنية التحتية ما يسهم في تشكل البرك الطينية كل عام، وغرق الخيم التي لم تقتلعها الرياح بالمياه» بحسب ما يقول عبد الرحمن جدعان من مخيمات أطمة لـ»القدس العربي». وعلى مدار الأيام الفائتة، اجتاحت السيول غالبية مخيمات النازحين، وأصبح الأهالي يشكون من صعوبات جمة تواجههم، أهمها بحسب المتحدث «عدم تصريف المياه في الأراضي الترابية الموحلة، وخيم بالية غير مؤهلة للصمود أمام العواصف والأمطار».
وفي بيان مقتضب لـ»فريق منسقو استجابة سوريا» تحدث فيه عن تضرر آلاف الخيم لدى أكثر من 100 مخيم عشوائي في الشمال السوري، ما يعني أن أضرارًا هائلة قد لحقت بالأهالي، جاء فيه «أكثر من 108 مخيمات متضررة خلال الـ48 ساعة الأخيرة، نتيجة الهطولات المطرية الكبيرة في ريفي إدلب وحلب…. لا يوجد كلام آخر…. انتهى البيان». مدير الفريق «د. محمد حلاج» تحدث لـ»القدس العربي» عن «أضرار كبيرة وهائلة قد لحقت بالمخيمات وساكنيها». وأضاف «لا يمكن إحصاء هذه الأضرار فهذا صعب جدًا، لاسيما في ظل استمرار العاصفة».

عواصف دمرت مخيمات عشوائية وتسببت بكارثة إنسانية تتجدد كل شتاء

من جانبه، ذكر الدفاع المدني السوري أن الأضرار التي تسببت بها السيول الناجمة عن هطول الأمطار الغزيرة في مناطق الشمال السوري، دمرت المخيمات، وحذر من عواقب استمرار العاصفة المطرية. مدير الدفاع المدني مصطفى الحاج جاسم قال لـ«القدس العربي»: «إن كل المخيمات العشوائية متأثرة بسبب تراكم المياه بالقرب من الخيام، ونحن كفرق الدفاع المدني نعمل على فتح القنوات والمجال لتصريف مياه الأمطار، وفتح الطرقات المغلقة وسحب المياه المتجمعة في الأقبية والمنحدرات ومساعدة الأهالي». أما عن أحوال المتضررين، فقال مصطفى «الناس تلجأ إلى مخيمات أخرى أو دور العبادة أو المدارس بشكل مؤقت ريثما يقوم الدفاع المدني بتصريف المياه أو انحسار منسوب المياه».
ووفقاً للمتحدث فإن المخيمات المتضررة هي «مخيم كفرديدين ومخيم عشوائي بمحيط مدينة كفرتخاريم ومخيمات حاس وكنجو وكفرومة وفحيل وأبو الفداء قرب مدينة سرمدا، ومخيمات كتيان وجهاد والبشير في دير حسان ومخيم الفهد قرب كفريحمول شمالي إدلب، إضافة لمخيمات زوغرة، والجبل والوزير والقورية قرب جرابلس وعدة مخيمات في محيط مارع بريف حلب». إضافة إلى «مخيم حور في البردقلي، ومخيم تل الضمان بترمانين، ومخيمات الماجد والمجد 3 والتكافل بتجمع مخيمات أطمة، ومخيم الحقلة ومخيمات الجبل الشرقي والمدرسة قرب مدينة كفرتخاريم، ومخيم عباد الرحمن ومجمع البر في بابسقا، ومخيم الأباء في قاح، ومخيم النور شرقي زردنا، ومخيم معيصرونة في كفر يحمول ومخيم المقلع قرب معارة اخوان، بريف إدلب، ومخيم حلب الشهباء وقرطبة 2 في باتبو بريف حلب الغربي». وتنتشر مئات المخيمات على طول الحدود التركية في الشمال السوري المحرر، ويقطن داخلها أكثر من مليون ونصف مليون نازح من المحافظات السورية كافة، هربوا إليها في ظل الحرب التي شنها نظام الأسد وحلفائه عليهم.

مهرجان الطين

وضمن المساعي الحثيثة في محاولة لتسليط الضوء على معاناة النازحين في المخيمات، نظم ناشطون أمس، «مهرجان الطين» في مدينة سرمدا بريف إدلب الشمالي. وأمام شعار «سنشد عضدك بأخيك» تجمع عشرات الناشطين والإعلامين والأهالي من سكان المخيمات في مخيم البراعم «أبي الفدا» غربي سرمدا، وأقاموا مسابقات بين الفرقاء الهدف منها تفريغ الخيم من المياه، ونقل الحطب، فضلاً عن أنشطة وفعاليات للكبار والأطفال الذين رسموا على وجوههم لوحات لوّنوها بالوحل والطين، من أجل جذب النظر، وإيصال رسالة حول الظروف الصعبة التي يكابدها هؤلاء النازحون.
وشهدت المبادرة حضوراً واسعاً للإغاثيين والإعلامين والأطفال الذين وجدوا فيها نوعا من أنواع الترفيه، كما لاقت المبادة أصداء واسعة وكتب عنها رواد وسائل التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر «فراس عمر» المبادرة بأنها «مبادرة حلوة من اللجان المشرفة على هذا الحدث.. وخاصة فرحة الصغار ورسم البهجة، بعد كل هالويلات اللي شافوها اللي ما بيتحملها أصحاب الثمانين عاماً».
وكتب سمير الشهابي معقبًا «صور تحكي ألف قصة وحكاية.. طبعاً مع غياب أصحاب الجمعيات الذين ليس لديهم وقت سوى للسهر وتعبئة الكيس». بينما عارضت هلا عساف المبادرة وكتبت عنها «للأسف ياحيف…. المعاناة ما بتتمثل ولا بتظهر بهي الطريقة الفكاهية يلي حبيتوا توصلوها لأنو اسما معاناة وانو على فكرة رح تعرّضوا الأطفال يلي لعبت بهل البرد للمرض وأطفالكم نايمة ببيوتها ومارح ترضوا تلعبوا ولادكم هيك.. يعني كرمال كم فكرة جايبينها من فيلم عجبكم عم طبقوها على أطفال صغار مو عارفين الهدف من الأفكار.. أحسن ما يلعبوا بالطين روحوا أمنوا التدفئة لهي العالم… وبكفي تجارة بالشعب وبالقضية».

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".