من نقطة صفر.. المقلاع والزجاجات الحارقة سلاح الشبان الغزيين

بقلم محمد شاهين

يقترب الشبان الثائرون في قطاع غزة إلى “مسافة صفر” من السلك الحدودي الذي يفصل القطاع عن الأراضي الفلسطينية التي تحتلها (إسرائيل)، ليبدؤوا بمواجهة قوات جيش الاحتلال المدججة بالأسلحة الرشاشة والتي تأخذ من الستر الترابية حماية لها شرقي الأسلاك الفاصلة.

حالة من الغضب تعتلي نفوس الشبان الذين يتخذون من الحجارة والزجاجات الحارقة سلاحاً لهم لكسر حالة الصمت في المناطق الحدودية مع الاحتلال، ليؤكدوا رفضهم وسخطهم على القرار الأمريكي الذي وقعه دونالد ترامب، باعتبار مدينة القدس المحتلة عاصمة للكيان (الإسرائيلي).

منذ ليلة الخميس الماضي، وعقب إطلاق ترامب وعده الجائر بحق المدينة المقدسة، انتفض قطاع غزة غضباً ورفضاً لهذا القرار، إلا أن مناطق التماس الشرقية، كانت الأكثر حدة وغضبًا، إذ إنها لم تفرغ من المواجهات واستطاع شبان خلالها من تجاوز أسلاك الاحتلال الشائكة، وإلقاء القنابل الحارة والحجارة على قوات الجيش “الإسرائيلي”.

تبادل قنابل الغاز

لم يكف المقلاع والزجاجات الحارقة التي صنعها الشاب يوسف نصر لإلحاق الأذى بجنود الاحتلال لتنفيس الغليان الذي يملأ صدره لأجل القدس، إذ يبقي على نفسه بأقرب مسافة من السلك الفاصل ليجمع قنابل الغاز التي تلقيها القوات “الإسرائيلية” ويعيد إلقاءها عليهم خلال لحظات قصيرة.

على الرغم من أن الدموع تخضب وجه صاحب البشرة السمراء، من تأثير الغاز، إلا أنها لا تثنيه عن مواصلة جمعها وإعادتها بإصرار باتجاه قوات الاحتلال.

انتظرت “الرسالة” حلول الظلام كي تستطيع الوصول إلى نصر، بعد عودته من “منطقة الصفر” للأسلاك الشائكة في جانب الاحتلال، كانت علامات التعب ظاهرة في تفاصيل وجهه حين تحدثنا معه وسألناه عن سبب مجيئه للمنطقة المميتة هذه.

لم يعجب السؤال صاحب الـ 21 عاماً، وقال “إن لم نغضب لأجل القدس، على ماذا نغضب، أنا هنا من أجل أن أظهر للعالم بأننا نرفض وضع مديتنا المقدسة على طاولة المفاوضات والنقاش، أو أن يحدد مصيرها أحد غير الشعب الفلسطيني”.

ويفتخر نصر بجمعه ما يزيد عن ثلاثين قنبلة غاز وأعاد إلقاءها على قوات الاحتلال، غير أنه ليس الوحيد الذي يقوم بهذه المهمة التي من شأنها أن ترد أذى الجنود عليهم، بحيث يتسابق الشبان الذين تتوسطهم قنابل الغاز على رشقها بدلاً من الحجارة.

الإصابات لا تعني الاستسلام

لا تمضي دقائق تتجاوز أصابع اليد، حتى يسقط شاباً غاضباً إثر أصابته من قوات الاحتلال التي تحاول قمع الشبان بطرق وحشية مستخدمة الرصاص الحي والأعيرة النارية والقنابل الغازية.

حاجة الاحتلال إلى الهدوء في تلك المناطق وانزعاجه من الصورة التي ينقلها الشبان الأبطال الذين يظهرون أحقيتهم بالمدينة المقدسة لدول العام، تدفع جيش الاحتلال إلى استخدام القوة المفرطة في تفريقهم إلا أنها أثبتت فشلها على مدار الأيام الماضية.

يحكي محمود حماد أحد الشبان الذي فتتت رصاصة من بندقية الاحتلال الحاقدة أجزاء من قدمه “للرسالة”، عن الدافع في صموده ليوم كامل على الحدود الشرقية من قطاع غزة.

ورغم الآلام التي يكابدها جراء الإصابة، إلا أنه يفخر بإيصاله رسالة للعالم مفادها أن أصحاب الحق يتمسكون بحقوقهم حتى الممات، مؤكداً على أن سبب صموده يأتي من أحقية شعبه بمدينة القدس التي تحتلها (إسرائيل) وتريد أن تحدد مصيرها أمريكا.

حتى حلول الظلام

(الرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز) ليست وحدها التي تواجه الشبان الثائرين الذين يفتحون المواجهة مع الاحتلال منذ ساعات الصباح الأولى وحتى حلول ساعات الظلام، فالمنطقة التي يتواجدون بها أشبه بالصحراء لا ماء يطفئ عطشهم، ولا طعام يسد جوعهم.

يبادر الشاب أحمد زملط، بجلب زجاجات ماء لأصدقائه الذين سبقوه في المواجهة، ليتقاسموا شربها، ويخبر “الرسالة”، أنه لا يستطيع أن يحمل سوى خمس زجاجات، يشربها مباشرة ليقضوا باقي الوقت عطشى وفق قوله.

وفي لحظات استرقناها للحديث مع زملط، يقول (العطش والجوع هيروح أول ما نوصل البيت، بس صور تضحيتنا وصمودنا لأجل القدس راح نخلدها في التاريخ لأنه احنا اصحابها).

شاهد أيضاً

أم على قلوب أقفالها؟

القرآن الكريم كلام الله تعالى، وهو أفضل وأعظم ما تعبد به وبذلت فيه الأوقات والأعمار، إنه كتاب هداية وسعادة وحياة وشفاء وبركة ونور وبرهان وفرقان،