مقال في ناشونال إنترست: الحقيقة المرة بشأن قمع الصين لمسلمي الإيغور

انتقد باحث دكتوراه في الواقعية الجديدة وإستراتيجية القوة العظمى في جامعة نوتنغهام البريطانية ما وصفه بالصمت المطبق في العالم الإسلامي على وحشية الصين ضد مسلمي الإيغور والهيمنة الصينية عموما، واعتبر ذلك بمثابة لغز غريب في العلاقات الدولية قد يدفع في يوم من الأيام إلى إصدار ألف دراسة دكتوراه بشأن هذا اللغز.

وأشار الباحث سومانترا ميترا في مقاله بمجلة ناشونال إنترست (National Interest) إلى حالة فحص فيها طبيب تركي نحو 300 لاجئة إيغورية ووجد أن 80 منهن عُقرن.

وعلق مستغربا “تفكّر للحظة لو أن أمرا مشابها حدث في الولايات المتحدة أو بريطانيا أو الهند أو أستراليا، وتخيل حجم الغضب الذي كان سيثيره هذا الأمر!”.

ويتابع ميترا “أضف إلى ذلك مقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي لآلاف الرجال المقيدين بسلاسل يحرسهم رجال يرتدون الزي الرسمي وهم يُنقلون في قطارات إلى وجهات مجهولة، وهذا الصمت يبدو أكثر إثارة للحيرة!”.

وألمح إلى وجود احتجاجات فردية متفرقة في العالم الإسلامي ومع ذلك لم تقطع تركيا، الأقرب عرقيا من الإيغور، والسعودية وإيران وباكستان وكل آسيا الوسطى العلاقات الدبلوماسية مع الصين. ولم يحدث حرق للسفارات ولا احتجاجات جماهيرية ولا هجمات على المصالح الصينية المتزايدة والمؤسسات في جميع أنحاء العالم ولا تهديدات بالحرب.

وتساءل الباحث منتقدا، ما السبب في ذلك، وهل ينبع هذا الخضوع الصريح من الرغبة في مزيد من المال الصيني أو الخوف المنطقي من الترهيب الصيني والقلق من أن العقاب الصيني سيكون أشد قسوة من قواعد الاشتباك الغربية الضعيفة التي لا تزال تطمح على نطاق واسع إلى اتباع حقوق الإنسان وتقليل الخسائر في صفوف المدنيين؟!

إذا خلفت الصين الولايات المتحدة على أنها القوة المهيمنة في الشرق الأوسط فسيؤدي ذلك إلى تحول كبير في ميزان القوى العالمي، مما يقلل بشكل كبير من نفوذ الولايات المتحدة، حتى إلى درجة تقويض السيطرة التي يمارسها الأميركيون كشعب حر على مصيره

ولفت الكاتب إلى أن الصين ما زالت تتبع قواعد ما قبل الحرب العالمية الثانية، بمعنى أن حروبها عقابية وهيمنتها إمبريالية.

وبناء على هذه الملاحظة يجادل تحليل حديث للباحثين في معهد هدسون، مايكل دوران وبيتر روغ، بأن الهيمنة الإمبريالية الصينية في الشرق الأوسط هي التي ينبغي أن تكون مصدرا كبيرا لقلق الغرب.

مظاهرة في فيينا ضد اضطهاد الصين لمسلمي الإيغور (الأناضول)
ويضيف الخبيران أن الصين مصممة بلا هوادة على “طرد” الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، وأنها قد صاغت ورقة إستراتيجية حول العلاقات الصينية العربية وأقامت قاعدة بحرية في جيبوتي.

واعتبرا ذلك دليلا على هذه الهيمنة وأنها كما يبدو مصممة بما يكفي لتكون دولة مهيمنة في الشرق الأوسط بين العرب والفرس، ولذلك فهي ترتكب إبادة جماعية في شينجيانغ وتقتل الإيغور.

اعلان

ويتابع الخبيران أن هذه الإبادة الجماعية في فترة ما بعد الحداثة هي أيضا توسع استيطاني حيث يسكن الهان الصينيون أراضي الإيغور التقليدية.

ويشيران إلى أن كل ذلك مرتبط بمشروع جوهرة التاج الصيني للممر الاقتصادي الصيني الباكستاني الذي يمر عبر هذه المنطقة، وهذا بدوره سيمنح الصين بوابة لاستعراض القوة في الشرق الأوسط.

وينهي الخبيران تحليلهما بشكل ينذر بالسوء، “إذا خلفت الصين الولايات المتحدة على أنها القوة المهيمنة في الشرق الأوسط فسيؤدي ذلك إلى تحول كبير في ميزان القوى العالمي، مما يقلل بشكل كبير من نفوذ الولايات المتحدة، حتى إلى درجة تقويض السيطرة التي يمارسها الأميركيون كشعب حر على مصيره”.

ومع ذلك يرى الباحث ميترا أن السبب الوحيد وراء صعود الصين دون تكلفة مادية هو أنها لم تضطر أبدا إلى تحمل أي عبء أمني أو استقراري، وبالتالي لم تواجه أي رد فعل تمردي عنيف.

ويختم بأن الصين تتعامل بوحشية علنية مع سكانها المسلمين لأن هذا الأمر لا يحظى باهتمام القوى الإسلامية لكونهم غير مرئيين بالنسبة لها، ولأن القوات الصينية لا تقوم بدوريات في البصرة أو هلمند، والسفن الصينية وجنودها من مشاة البحرية ليسوا في سوريا وليبيا.

وبالتالي لا تواجه الصين أي رد فعل عنيف من العالم الإسلامي لأن الأضواء العالمية تتجه باستمرار إلى الغرب الذي يحاول أن ينظم هذا الجزء من العالم صعب الانقياد منذ أكثر من 200 عام.

المصدر : ناشونال إنترست

شاهد أيضاً

غزة تنزف….

غزة اليوم هي عضو الأمة الأشدّ نزيفا من بين كثير من الأعضاء التي لا تزال تنزف من جسد المسلمين، ومخايل الخطر تلوح في الأفق على المسجد الأقصى، الذي يخطط المجرمون لهدمه، أو تغيير هويته وتدنيسه، ولا يمنعهم من ذلك إلا الخوف من بقايا الوعي والإيمان في هذه الأمة أن تُسبب لهم ما ليس في الحسبان.