مقابلة نيويورك تايمز مع قيس سعيد تحولت إلى محاضرة وتبرير للانقلاب وقراءة من الدستور الأمريكي

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تفاصيل محاضرة/مقابلة ألقاها الرئيس قيس سعيد على مراسلتها في القاهرة فيفيان لي وصحافيان في قصر قرطاج. وقالت إن الرئيس سعيد قال “هل تعتقدين أنني في سن الـ 67 عاما سأبدا مسيرة ديكتاتور” في إشارة لما قاله تشارلس ديغول. وقالت إن الرجل الذي حذر نقاده أنه سيصبح الديكتاتور المقبل حدق بي قائلا: “أهلا في تونس حيث تتم حماية حرية التعبير وبدون تدخل في الحريات الشخصية على الإطلاق” و “كنا في لقاء رسمي في غرفة بالقصر الرئاسي في تونس منتصف يوم الجمعة، وكل الشمعدانات البلورية والكراسي ذات الحواف المذهبة. وتم استدعائي لمقابلة الرئيس قيس سعيد، الذي قام قبل 5 أيام بعزل رئيس الوزراء وتعليق البرلمان والسيطرة على البلد الذي حدثت فيه ثورة قبل 10 أعوام ضد الديكتاتورية، وهي ما أصبحت تعرف بالربيع العربي”.

وقال “ماذا تعتقدين هل أبدأ مسيرة حياتي في سن الـ 67 كديكتاتور” في إشارة لكلام تشارلس ديغول الذي أعاد بناء الديمقراطية في فرنسا بعد الاحتلال النازي لها.
وتعتقد بأنه لن يجرد تونس من الحرية التي كسبتها بصعوبة، وهي الديمقراطية الوحيدة التي خرجت من الثورات العربية. وقال “لا خوف على حرية التعبير” و “لا خوف من حق الناس في الاحتجاج؟

كان من المفترض أن تكون تونس هي آخر أمل للربيع العربي. وحقيقة نجاة الديمقراطية فيها رغم سقوطها في المناطق الأخرى بسبب الحروب الأهلية والثورات المضادة أعطت أملا للناس في المنطقة والغرب أيضا.

وقالت إن الرئيس البالغ من العمر 63 عاما مع ذلك منع التجمعات العامة وأغلقت قوات الأمن مقر قناة الجزيرة الإخبارية. وفي الشوارع “وجدت شهية قليلة للاحتجاج، ولا يوجد هناك حس بالمقت حول مصير الديمقراطية التونسية، ووجدت أن غيابها مثل الطرف الوهمي”.

وقالت إن الحياة استمرت بهدوء: المتسوقون في الشوارع، المستحمون الذين يتصببون عرقا تحت الشمس على الشاطئ. فقط سائقي سيارات التاكسي ضبطوا موجات الإذاعات على الأخبار. ولكن معظم الناس راضين عما حدث وينتظرون ماذا سيحدث من الرجل الذي يعتقدون أنه يستطيع حل مشاكلهم. وعليك أن تتساءل إن كانت الديمقراطية التي يراها الغرب هي ما كان يأمل بحدوثها الكثير من التونسيين في المقام الأول، أو اعتقاد أنهم يستطيعون العيش بكرامة وحياة أفضل وحرية أوسع. وكان من المفترض أن تكون تونس هي آخر أمل للربيع العربي. وحقيقة نجاة الديمقراطية فيها رغم سقوطها في المناطق الأخرى بسبب الحروب الأهلية والثورات المضادة أعطت أملا للناس في المنطقة والغرب أيضا.
ولكن عقدا من البطالة العنيدة والفقر المتزايد والفساد المستشري والانسداد السياسي والوباء الآن- أدت لتراجع إيمان الناس بالحكومة. وفي الشهر الماضي خرج الناس إلى الشوارع وطالبوا بالتغيير مما أعطى سعيد فجوة لكي يسيطر على السلطة.

وتقول يي “قضيت أياما في العاصمة التونسية، ووصلتني مكالمة للذهاب مع اثنين من نيويورك تايمز ومقابلة الرئيس. وفكرت أنها فرصة للمقابلة ولكن تبين أنني دعيت إلى محاضرة”. فالرئيس هو أستاذ قانون سابق و “صوته كان مدويا وكان إلقاؤه واضحا بدرجة أنني تخليته في قاعة محاضراته القديمة. ودوت عربيته الفصحى على البلاط المرمري وكأن البناية صممت وفقا لمواصفاته الصوتية”. وفي نقطة ما “التقط حزمة من الأوراق الموضوعة على طاولة صغيرة من الرخام والذهب قريبة منه. وكانت صفحات مطبوعة من الدستور الأمريكي، حيث تضاءلت قيمتها لكونها مربوطة مع بعضها البعض بمشبك ورقي”. وأضافت أنه قام بتظليل أجزاء منها باللون الأصفر وقرأها بالفرنسية “نحن شعب الولايات المتحدة ومن أجل أن نشكل الاتحاد التام…”، فقد درس الوثيقة ودرسها لمدة ثلاثة عقود كما قال. وهو يحترمها، وهو دستور “عظيم”.

وكما اضطر الرئيس أبراهام لينكولن لاتخاذ قرارات صعبة فيجب عليه القيام بنفس الأمر. وعندما حاول واحد من زملائها ترجمة ما يقوله الرئيس، طلب منه التوقف، وتم تصوير كل شيء من فريق القصر أو الحكومة. واعتقدنا أن الفيلم سيتم وضعه على صفحة الرئيس في فيسبوك، ولهذا كان من المهم أن نلتزم نحن الجمهور بالصمت. وقال سعيد “هذه ليست مقابلة، عندما بدأنا نطرح الأسئلة، مع أنه وعد بترتيب لقاء آخر”. وتقول يي إنها ركبت في أول طائرة متوفرة من القاهرة التي تعمل فيها إلى تونس، وبعد القرارات التي اتخذها الرئيس ليلة الأحد و
“توقعت أن تهبط الطائرة وسط احتجاجات جماهيرية واسعة”. لكن كان من الصعب ترتيب التظاهرات: فقد أغلق الجنود البرلمان ومنع مرسوم رئاسي التجمع لأكثر من 3 أشخاص وهناك قلة كانت ميالة للتظاهر. وكل تونسي كان راضيا إن لم يكن منتشيا بما فعل سعيد كدليل على قرف الناس. وسألني شاب تونسي “ماذا فعلت الديمقراطية لنا”. وكان صندوق الاقتراع هو الذي جلب في الأصل سعيد إلى السلطة عام 2019، وبدا وكأنه الشعبوي غير المحتمل وبخاصة بين الشباب الذين دعموا حملته على صفحات الفيسبوك. ولقب بـ روبوكوب” لطريقة حديثه المصطنعة بالعربية، وعادة حول الموضوعات الدستورية، وبدا كبيرا مما كان عليه. وفاز بأغلبية ساحقة. وبعد أسبوع من تحركات سعيد حاولنا تحليلها وإن كانت تنذر بخير لتونس.

الصحافية: فيفيان لي في يوم الأربعاء “أصبحت أنا وزميلين لي جزءا من القصة عندما اعتقلتنا الشرطة ونحن نقوم بعملنا في تونس.

وفي يوم الجمعة اعتقل ناقد للرئيس وعضو في البرلمان. وبعد ذلك صدر مرسوم رئاسي طارئ عن إمكانية تمديد تعطيل البرلمان لأكثر من شهر. وكان في حوار مع اتحادات الشغل وغيرها من اللاعبين السياسيين. وفي يوم الأربعاء “أصبحت أنا وزميلين لي جزءا من القصة عندما اعتقلتنا الشرطة ونحن نقوم بعملنا في تونس. واعتقلونا في محطة شرطة محلية. وقاموا بفحص جوزاتنا وحققوا مع زميلي. وبعد ساعتين أفرجوا عنها بتحذير وهو التوقف عن العمل الصحافي في الحي. ولم يكن معنا تصاريح رسمية نظرا لعدم وجود مكتب رئيس الوزراء لإصدارها. ولكن الصحافيين المحليين صدموا من تجربتنا”.

مشيرة إلى أن الصحافيين في كل المنطقة يتعرضون للرقابة ويمنعون من ممارسة العمل الصحافي وعرضة للاعتقال و “لكن ليس في تونس كما قال هؤلاء الصحافيون، فمن المفترض انها مختلفة”. مع أن الصحافية والفريق العامل معها طلبوا مقابلة مع الرئيس بداية الأسبوع إلا أن أخبار التحقيق والاعتقال التي انتشرت على تويتر وبقية منصات التواصل الاجتماعي كانت وراء دعوة القصر لهم في يوم الجمعة. و “هل نستطيع أن نكون في القصر في غضون ساعة وبلباس مناسب؟”. و”لهذا وجدنا أنفسنا في غرفة انتطار مزخرفة ظهيرة يوم الجمعة وتم إرشادنا أين نقف و أين نجلس في حضرة الرئيس. وقبل أن أدخل أمسكت برئيس البروتوكول وهو ينظر إلى صندلي. وأرسل لإحضار حذاء كعب عالي كبير وواسع كي ألبسه”.

و “عندما جلسنا وضعت رجلا فوق رجل على الكرسي المموه بالذهب بدلا من الجلوس كما طلب مني. ووقف رئيس البروتوكول ولوح لي من خلاف الرئيس لا تضعي رجلا على رجل”. ولم يكن سعيد مهتما بدراما الرجلين وقال إن “المصاعب” التي واجهتنا نحن الصحافيون “لم تكن مقصودة” وحصلت لأن “البعض كان يريد أن يظهر الرئيس في صورة سيئة”. وكان حريصا على القول أن تحركاته التي قام بها يوم الأحد هي دستورية. وأن المادة 80 تمنحه سلطات واسعة حالة تعرض الدولة للخطر المحتوم. لكن نقاده وخبراء الدستور والمعارضين السياسيين تساءلوا إن كان سعيد قد تجاوز تفسير المادة وبدون محكمة دستورية كان يجب إنشاؤها للفصل في النزاعات الدستورية.

وقال سعيد الذي عين نفسه نائبا عاما إنه “سيحترم العملية القضائية” ولكنه حذر أنه لن يسمح لأحد “بنهب الشعب التونسي” وأنه يريد جلب المسؤولين الفاسدين للمحاكمة. وأكد أن الفساد هو ما دفعه للسيطرة على السلطة. وأشار تلميحا لمشاكل الولايات المتحدة. وقال “ربما شاهدتم من واشنطن كيف سال الدم” في إشارة غامضة للهجوم على الكونغرس في 6 كانون الثاني/يناير “اللصوص في البرلمان التونسي الذين تلاعبوا بالمؤسسات والحقوق التونسية”. وتقول إن مقابلة يوم الجمعة ظهرت على صفحة الرئيس في فيسبوك بدون ذكر حادث الاعتقال أو المقابلة ومحاولة طرح الأسئلة “فقد كنا طاقما مساعدا”. وترجم زميل لها بعض التعليقات وكلها موافقة، وقال أحدهم “علمهم” “ماذا تعني الحرية”.

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".