معنى ان الله يتولاك…

{ياجبال أوِّبي معه والطير وألنَّا له الحديد}

يقول الطبري في تفسيره: ولقد أعطينا داود منا فضلا وقلنا للجبال ( أوبي معه ) : سبحي معه إذا سبح . والتأويب عند العرب : الرجوع ومبيت الرجل في منزله وأهله ، ومنه قول الشاعر : يومان يوم مقامات وأندية ويوم سير إلى الأعداء تأويب.
أي رجوع وقد كان بعضهم يقرؤه ( أوبي معه ) من آب يئوب ، بمعنى تصرفي معه ، وتلك قراءة لا أستجيز القراءة بها ؛ لخلافها قراءة الحجة . و عن ابن عباس ( أوبي معه ) قال : سبحي معه .

{ والطير} بالرفع قراءة ابن أبي إسحاق ونصر عن عاصم وابن هرمز ومسلمة بن عبد الملك، عطفا على لفظ الجبال، أو على المضمر في { أوبي} وحسنه الفصل بمع. الباقون بالنصب عطفا على موضع { يا جبال} أي نادينا الجبال والطير، قال سيبويه. وعند أبي عمرو بن العلاء بإضمار فعل على معنى وسخرنا له الطير. وقال الكسائي : هو معطوف، أي وآتيناه الطير، حملا على { ولقد آتينا داود منا فضلا} . النحاس : ويجوز أن يكون مفعولا معه، كما تقول : استوى الماء والخشبة. وسمعت الزجاج يجيز : قمت وزيدا، فالمعنى أوبي معه ومع الطير.

وقوله {وألنا له الحديد} ذكر أن الحديد كان في يده كالطين المبلول يصرفه في يده كيف يشاء بغير إدخال نار ولا ضرب بمطرقة.

وكان يفرغ من الدرع في بعض اليوم أو بعض الليل، ثمنها ألف درهم. وقيل : أعطي قوة يثني بها الحديد، وسبب ذلك أن داود عليه السلام، لما ملك بني إسرائيل لقي ملكا وداود يظنه إنسانا، وداود متنكر خرج يسأل عن نفسه وسيرته في بني إسرائيل في خفاء، فقال داود لذلك الشخص الذي تمثل له : (ما قولك في هذا الملك داود)؟ فقال له الملك (نعم العبد لولا خلة فيه) قال داود : (وما هي)؟ قال : (يرتزق من بيت المال ولو أكل من عمل يده لتمت فضائله). فرجع فدعا الله في أن يعلمه صنعة ويسهلها عليه، فعلمه صنعة لبوس كما قال جل وعز في سورة الأنبياء، فألان له الحديد فصنع الدروع، فكان يصنع الدرع فيما بين يومه وليلته يساوي ألف درهم، حتى ادخر منها كثيرا وتوسعت معيشة منزله، وتصدق على الفقراء والمساكين، وكان ينفق ثلث المال في مصالح المسلمين، وهو أول من اتخذ الدروع وصنعها وكانت قبل ذلك صفائح.

هذه الآية تحقيق لمعنى ان الله تولاك. فسخر لك كل شيء، ولو كان في نظرك مستحيلاً، ولو كنت في شعث الجبال، وبطون الأودية.

هو الذي يتولَّى امرك، وتوجيهك، فاستعن به، و استرشده، واحتمي به، و لا تتخذ غيره وليا. ولاية الله لك أن تطيعه و تنفذ أوامره.

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *